السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

---------------------------------

* حتى على فراش الموت ..لحقتني الذكريات حاملة الورود لتضعها على تابوتي ساخرة مني وعلى محياها ابتسامة المكر،وحتى في الدقائق الاخيرة ،تتبعني الحزن يشق طريقه بين احفادي،

البراعم التي تدلت فوق وجهي الشاحب والدموع تبلله كقطرات الندى ..

عشت حياة سلبها الحزن الوانها الجميلة ،بين الشقاء ومتاعب الحياة وبين المشاكل العويصة وقلة الحظ ،حرمتني الحياة من والداي فعشت يتيما فاقدا لحنان الابوين ،تربيت في منزل عمي

وكبرت هناك ،ذقت من الضرب والاهانة ما كسر عظامي واهلك ابتساماتي ودعس عليها حتى نسيت كيف اضحك واستمتع بوقتي مع الناس .بأعجوبة من الخالق الذي لم يكن لدي غير رحمته الواسعة

تمكنت من نيل النجاح في دراستي فغدوت كاتبا متألقا ،لا يغركم ذلك فأنا لم اعرف السعادة حتى بعد نجاح كتبي ومؤلفاتي ..واجهت من العقبات ما أنشف حبر اقلامي، وأتلف

صفحات مدوناتي، واشعل النار في ابداعاتي ،فاستسلمت لسباتي،آه..لقد استسلمت لهذه العقبات ففقدت قدرتي على اذهال الناس بابداعاتي الجميلة ،خطوت خطوة نحو الممنوع واخذت انجرف نحو

الكتابات السياسية وشرعت في تأليف كتب معادية اثارت جدلا كبيرا ،فضيعت فرصتي ككاتب ودخلة فجوة البؤس والفقر ،انفقت اموالي على امور لم تستحق ذلك ،تزوجت امرأة تلاعبت

بمالي وبذرته في اقتناء القصير والمكشوف ،والمزكرش والانيق حتى ألهب الشيب رأسها لتورث بناتها نفس العادة ،لي احفاد خلت صفاتهم من التبجح والتكبر ،كلهم صفاء ونقاء كصفحات الكتاب الجديد

سابقني الزمن وتلاعب بي بكل الطرق ،حتى وجدت نفسي أسير الادمان ،ادمنت على التدخين حتى انتهى بي المطاف عبدا لسيجارة لا يتجاوز طولها ثلاث انشات..تدهورت صحتي ومع ذلك

لم ابتعد عن التدخين قط، كان كل اصدقائي الذين تعاملوا معي سابقا في كتاباتي ينظرون الي نظرة شفقة شديدة ،فلم يعد مظهري لائقا بكاتب محترم ولا سيجارتي التي تتدلى من شفتاي وكأنني متسول

ولا التسيب الذي اجتاحني حتى اتكاسل وانسى ان احلق ذقني ،تماديت حتى اكتفيت،ضيعت سنين عمري بنفسي لأركب قطار الموت في رحلة محفوفة بالمخاطر ..

بينما انا انزلق واترنح في دوامة الرهان الخاسر ،آذيت نفسي وممن حولي ،وفقدت السيطرة على نفسي ..حتى وجدتني طريح الفراش اصارع شبحا بات يهدد نومي ويتحسس جفناي ليغلقهما

الى الابد ،شبح الموت يلاحق ظلي ويبسط امامي بساط الرحيل ،يحملني انا وتصرفاتي الساذجة وكتاباتي الفاشلة الى مكان ترتاح فيه روحي ..

ارتخت اصابعي واندلقت كالمياه على السرير فارضا وزني الثقيل عليه ،مرت الذكريات سريعة امام عيناي ،اغمضتهما على وقع كلمات حفيدي وهو ينادي جدي...جدي

بكل بساطة سمحت لانفاسي بالولوج خارجا ،احسست بروحي تغادر المكان ..اخيرا حظيت بلحظة الامان ..*

                                                     *تمت*