السلام عليـــــــــــــــكم:

الليلة الأولى:

"أريد أن أعرف محتوى هذا الكتاب،أودّ أن أعرف أكثر عن القصّة" قالت الفتاة الصغيرة وهي تفترش السرّير.شعرها الأشقر المتوهّج كان يغمر ظاهر الوسادة..

"عليكِ أن تكتشفِ ذلك بنفسك يا صغيرتي.لا تنظري إلى الصفحات المتقدّمة..فقط اقرئي، اقرئي بتمعّن" أوصدت الأمّ باب غرفة نوم طفلتها ..وغادرت.

الليلة الثانية:

"أمّي، بداية القصّة مشوقّة للغاية،لا أستطيع إيقاف شغفي بها من التدفّق داخلي.أمّي، ماذا سيحدث لبطلة الحكاية؟"

"الكثير.." قالت الأم، كان ذلك جوابها قبل أن توصد الباب..

الليلة الثالثة:

"أنا غاضبة، أنا مستاءة..أمّي أنا أتسعّر غيظا.لمَ اختار الكاتب أن تعيش البطلة كلّ هذا البؤس؟ أمّي،أرجوكِ، أخبريني..هل ستسعد الفتاة في آخر الحكاية؟"

"إنّها الحياة يا صغيرتي، واصلي القراءة.." لم تستطع الأمّ منع ابتسامة خفيفة من أن تلبس شفتيها..لقد تمّ قفل الباب.

الليلة الراّيعة:

"أميّ، أنا قلقة..متوتّرة.أشعر بأنّ حريقا مهولا قد شبّ داخل حلقي.إنّها الأحداث ..لقد تأزّمت؟" قالت الفتاة الصغيرة،كانت عينيْها تلمعان ..

"إنّها أمسية جميلة.انظري إلى القمر وراء النافذة، ألا يبدو متفائلا؟" قالت الوالدة ثمّ انصرفت..

الليلة الخامسة:

"أنا مرتبكة.لا أريد أن أسرح بخيالي قاصدة عالم هذه القصّة.لا أريد أن أتخيّل نهاية جميلة قد لا يُكتب لها العيش إلاّ داخل فكري..ولكنّي أتوقّع الأفضل لبطلة الحكاية"

"هل تفعلين؟"

"أجل" ردّت الطفلة ..

الليلة السّادسة:

"أنا فرحة.أمّي، لقد أنهيت الكتاب.كلّ ما توقّعته كان صحيحا.حسنٌ، ليس كلّ شيء ولكن النهاية كانت رائعة.كم أحبّ النهايات السعيدة"

"هل كنتِ ستشعرين بهذه الغبطة لو أخبرتك: محتوى القصّة،أحداثها وطريقة نهايتها قبلا؟"

"لا" إجابة الإبنة كانت على طرف لسانها.

قالت الأمّ:

"بنيّتي،لقد انتابك الفضول بعد أحرف قليلة بدأتِ بها كتابا.انتابك القلق، الغضب.غزاك الإرهاق لكنّك واصلت نبش المستور لمعرفة القادم.كانت توقّعاتك تسبقك رغم كلّ شيء.بنيّتي،الكلمات تصدر من الأفواه شفّافة لا تُرى.تسقط على الأرض ثمّ تختفي.أمّا الأحرف فشجاعة،تظّل عالقة في الصفحات..لا تسقط.نقرأها مرارا فتمنحنا المشاعر: تهزّنا حينا وتريحنا أحيانا، تشعرنا بالأسى دورا لكنّها تفرحنا أدوارا. الحكايا كما الحياة،مجموعة قرارات يتخذّها كاتبها ثمّ يقفل عليها دفّتين لنفتحها نحن ونتخّد بدورنا قراراتنا بشأنها.بنيّتي، الجمال يكمن ضمن ما نصبر لأجله لننال أخيرا..المتعة والإرتياح"

لكّل كاتب، قاص وراوي