أبي في طريقه إلى البرلمان.................. بقلمي
آخر
الصفحة
tebani130

  • المشاركات: 5225
    نقاط التميز: 3637
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
صاحب ردود قصصية متألقة
tebani130

كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
صاحب ردود قصصية متألقة
المشاركات: 5225
نقاط التميز: 3637
معدل المشاركات يوميا: 1
الأيام منذ الإنضمام: 5009
  • 17:24 - 2012/03/29

 

أيام عجيبة هذه الأخيرة حقا، لأول مرة أرى فيها أبي على هذا الحال

يقوم باكرا يحلق ذقنه، يرتدي ملابس أنيقة لا أعرف حتى من أين له بها، يتعطر، يقف أمام المرآة

يخرج لسانه الطويل، يمد كفيه، يضربهما بلحستين كبيرتين، يُيَمِّمُهما جيدا ثم يمسح بهما شعره

وما تبقى من اللعاب فيهما يمسح به بعض نقاط الغبار على ثيابه.. ثم ينطلق مسرعا إلى الخارج..

تغتاظ أمي، حيث يكاد ما تبقى في رأسها من شعر يقف ويتقلب، وقبل أن تتلفظ بأي كلمة..

يدخل أبي من الباب الذي خرج منه لتوه وهو يقول:

(لقد نسيت شيئا مهما، علي أن أصطحبه معي..)

يدخل مسرعا إلى غرفة الزوجية يحمل محفظته ثم يخرج من غير رجعة

تسير أمي خلف ظلّه إلى أن تبلغ حوش الدار ثم تقف منتصبة واضعة يديها على خاصرتها..

(ما به هذا الرجل، هل هي حمى ما بعد التقاعد؟ هل يفكر في إعادة الزواج؟ هل يواعد إحداهن؟ هل هي أصغر سنا؟ هل؟؟؟؟؟)

هكذا كانت تتكلم بصوت مرتفع في حوش الدار دون أن تنتبه إلي وأنا متكئ قربها لدى الباب.

أحسست بالأسى ناحيتها لذلك قلت:

(لا تقلقي يا أمي، سآتيك بخبره اليوم، لا تقلقي فأنت أجمل من هذه الفتاة إن كانت هناك حقا)

أحسست بماء الورد يعلو وجنتيها الجافتين المليئتين بالتجاعيد، قبل أن تتحدث في عزة نفس

(أنا.. هل تكلمني أنا؟ أنا لا أبالي به بتاتا)

خرجت متجاهلا كلماتها التي كانت ترسلها على مقام مناقض لما كانت تقول

قررت اللحاق به وتقصي خبر هذا التحول المفاجئ

سرت خلفه في أزقة القرية الغير مكتملة البناء التي تحاول سفها أن تتمدن

كان يلقي السلام على من يعرف وعلى من لم يعرف، رجلا كان أم امرأة، صغيرا أو كبيرا

حتى الحيوانات ألقى عليها السلام، كلاب، قطط، مواشي...

(لا حول ولا قوة إلا بالله، ماذا حدث لأبي؟ هل سحرته امرأة أخرى فصار مجنونا غارقا في الخيال؟)

هكذا كنت أتساءل في نفسي قبل أن تتوقف سيارة فارهة بجانبه حيث كان يسير على الرصيف

فتح بابها الخلفي ليركب في غضون ثوان وتنطلق السيارة بسرعة

أسئلة كثيرة بعضها بلغ حد الجنون وحد الشك في سيرة أبي وحتى في رجولته

(ماذا يفعل أبي؟ أتمنى أن تكون أمي محقة في ظنها السيء؟ أنا خائف من الأسوأ)

لحسن الحظ فإني حفظت رقم السيارة لأتصل بصديقي بومدين بائع التبغ من أجل أن يتحرى عن صاحبها

وبالفعل نجح بومدين في ذلك، فأصدقاؤه كثر في الإدارات وعلاقاته متينة جدا.. جدا..

حيث لم تمض نصف ساعة حتى عاود الاتصال بي:

(أهلا ربيع.. كيف حالك؟)

(هات من الأخير يا بومدين ولا تسأل عن حالي) هكذا أجبته مستعجلا

(لا تقلق، أبوك سليم معافى، ورجولته كاملة ولا شك فيها)

تنفست الصعداء واستسلمت رجلاي لراحة ما بعد الصدمة فجلست على الرصيف وقلت

(الحمد لله، نجونا من الكارثة الكبرى)

ثم ألصقت الهاتف بأذني ثانية وسألت بومدين:

(من صاحب السيارة؟ وما علاقته بأبي؟)

ضحك بومدين في سخرية واضحة ثم قال:

(إنه أخوك مارق، ذلك الموظف في المديرية الولائية، وعلاقته بأبيك هي علاقة ابن بأبيه

ههههههههه)

تساؤلات أخرى تسارعت في ذهني تتسابق فيما بينها

(ماذا يحدث، أبي إنسان ذو نية صافية، وأخي مارق سياسي خبيث الأهداف)

(ماذا يحدث، هل هي مجرد غيرة من أخي أشعر بها الآن؟

ما دخلي في علاقة طيبة بين أبي وأخي؟)

كنت أحدث نفسي ولم أنتبه لبومدين الذي أغلق الخط

شعوري بعدم الاطمئنان لا مسوغ له، رغم أن أخي مارق شرير

وأطماعه منحصرة بين المال والسلطة إلا أن له حقوقه كابن على أبيه

وأنا ألتفت عائدا إلى المنزل إذا بأحدهم يناولني ورقة صغيرة وينطلق مسرعا بعدما قال:

(هذا مرشح حزبنا، كن معنا يا بني)

(الحملة الانتخابية لم تبدأ بعد، بل إن قوائم المترشحين لم تضبط بعد، لذلك هم يوزعون

أوراقا إشهارية صغيرة وبسرية خوفا من الشرطة) هذا ما بدر إلى ذهني وأنا أستعد لأقرأ ما في الورقة

(انتخبوا الرجل النزيه، الرجل الأصلح للبرلمان، مرشح قريتنا المؤتمن... أبو ربيع..)

مفـــــــــــــاجأة.. مفاجأة.. أحسست بالدوار بالغثيان بنزعة حيوانية...

كدت أجن، صورة أبي على تلك الورقة الإشهارية

أبي يحاول الوصول إلى البرلمان.. لماذا؟؟؟

إنها أفكار أخي مارق، ذلك الخبيث، لا شك أن سجله الإجرامي منعه من الترشح

لذلك هو يستغل براءة وسذاجة أبي.. طبعا برفقة المقاولين وكبار التجار وأصحاب المال

ما باليد حيلة، هذا أب وذلك ابنه كما أنا ابنه، للكعبة رب يحميها، لن أتدخل وسأدع الأمر للقدر

 

                                                                                                                               ربيع في أحد الأيام

 

 أبي في طريقه إلى البرلمان.................. بقلمي
بداية
الصفحة