" حـــــــوار الأرواح " بقلمي
آخر
الصفحة
رحيل الاماني

  • المشاركات: 36554
    نقاط التميز: 7628
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
صاحب ردود قصصية متألقة
رحيل الاماني

كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
صاحب ردود قصصية متألقة
المشاركات: 36554
نقاط التميز: 7628
معدل المشاركات يوميا: 5.6
الأيام منذ الإنضمام: 6492
  • 18:43 - 2012/03/10

بسم الله الرحمن الرحيم

أؤمن بأن الرب خلقنا وبأنه صير وجودنا من أجل عبادته ، ونفتخر بكوننا مسلمين لأن ديينا المبجل الحبيب علمنا كيف نحيا ونرتشف معين المحبة، وما قصتي إلا هي من نسج الخيال ، تلقفتها الأفكار على حين غرة ،فوددت أن تكون ضمن الكتابات التي أضعها هنا ، ولست أبغي من ذلك تعدي على طائفة أو تحريف معتقد يعانق أرواحنا .

"حوار الأرواح"

اجتمعت الأرواح في عوالم الذر، هناك قبل أن تبعث الأرواح في الجسد ،حيث تتعانق همسات الأرواح في تسبيح الملائكة، وجاء صوت يجلجل صمت السكينة ، هناك حيث لا شرائع واهية ولا حقد يجوس أعنان العواطف ، حيث تلتقي النفوس تحت صرح المحبة ، وتتفرق وسط المحبة ،وبدأ صوت المصير ينادي تلك الأرواح ، أن هلموا أيتها الأرواح التي أستعد أنبعاث نورها في ظلمة الحياة ، هلموا وناظروا ما ينتظركم في عالمكم الآت ، أننا نبلغكم أمام عيون اليقين وموازين الحق ، لتختاروا المثول في تلك الحياة ، أو تنتبهوا مما يجيئكم في فلوات الساعات المقبلة ، تغالطت الأصوات فهبت أجوبة الأرواح المجتمعة بين مسارح الأبدية ..

فتكلمت أحدى الأرواح وقالت : ألا يمكن أن ترينا صوراً منها ، لعلنا نبصر سويداء البقاء أو نعرج على هذا العالم الذي تدعونه حياة ، نعم أننا نؤمن بالحياة التي حباها الله في الأبدية منوطة بالعدالة والأمن ، وجعل أفئدتنا تتنسم الأحسان والكرامة ، والله عادل فاعدلوا أيتها الملائكة السابحة في تمجيد الرب ، ودعينا نرى بعيون نور الآله وحكمته مغاني تلك الحياة " الدنيا " التي تزعمون ، فنادت جل الأرواح أن لبوا طلبنا أيتها الملائكة الصالحة ...

 ساد صمت حيث لم يعتف صوت ولم تتراءى سوى أنوار انبثقت من وسط الظلمة فخفقت أجنحة الملائكة ، ولبى النداء ملائكة الرب ، وأشاروا على الأرواح بأن حدقوا إلى سماءكم ، فأرث نور ساطع أعقبته صور من الحياة الدنيا ، حيث رقدت التنهدات وأنسل الصمت في أجواف الأرواح الهائمة ، فنادى ملاك ، ماذا تريدون أن تروا شرها أم خيرها ؟ فصاحت الأرواح رعباً ، أننا نريد رؤيا شرها ، لندرك أيتها الملائكة المباركة ماذا تضمر لنا هذه الحياة ، فاغبرت الصور ، وظهرت لسرائر الأرواح صوراً أردمت رغبتها خوض الحياة ، وانبعاثها في لب الظلام والنور ، حيث شاهدوا الغني يسحق الأشخاص الأقل منه شأنا ومقام ، فعرفوا أنهم الفقراء ، وشاهدوا كيف يشوه العالم شرائع الأحكام ويمحو قبسها المضيء ، ثم شاهدوا كيف تنتزع قطعة الخبز من فم الأيتام ، ثم شاهدوا كيف يسفك البشر الدماء ، ويعيث بالأرض فساداً وكراهية ، شاهدوا المظاهر ترشح رائحة المنكر فعبدوها ، وشاهدوا خفايا القلب الرؤوف فمقتوه ، أطلقوا على الطيب لقب التافه ، وعلى القاسي السمح ....

ارتعدت الأرواح كمداً ولوعة ، وصاحت بصوت ملؤها التوسل ، أيتها الملائكة الطاهرة ، أيتها النقية المنزهة ، أيرضى ربنا أن بأن نكون أسيري تلك السجون المقفرة ، والوحوش الجائعة ؟؟ ولبت ذلك النداء بصوت يذيب وجوم القلوب ويحيا بها في آفاق السكينة ، فصمتت الأرواح فقالت الملائكة ، أنها حياتكم والرب لن يبلوكم فيها ، أنتم من تختارون ، ولكنكم حكمتم عليها قبل أن تروا خيرها وبرها ، أنظروا لعلكم إذ رأيتم لطفها أحببتم البزوغ هناك ، وعالجتم لوعاتكم وشآبيب مطالبكم ، فعادت الأحداق مشرأبة صوب السماء العالية ، فظهرت صورة المحبة تتجلى فوق بيارق الانتظار ، شاهدوا كيف يجلس القرين لقرينه في افتتان وغبطة ،
حتى تناست الأرواح شر الحياة ووحشة وجودها ، تداخلت صور المحبة وتأرجت في صفوف المشاعر ، فنادت الأرواح بصوت مصحوب بالشوق المضطرب ، أبعثونا هناك لنعبد الرب ونهنأ بالمحبة التي تستدرها العواطف المقدسة ، ...

 فتلفعت سماءهم العالية بضباب أقتضب شوارع الأبصار ، ونفخ الملائكة بنسيم رباني على الأرواح فحلت ضيفاً على الحياة ، بأقنعة تدعى الجسد .
بقلمي

 " حـــــــوار الأرواح " بقلمي
بداية
الصفحة