السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*.................*
*انا"ايمن" رجل في العقد الرابع من عمري ،اتلذذ السعادة في حياتي واتفاخر بما انا عليه من مال وجاه وسعادة ..
كونت اسرة وانا في السادسة والثلاثين من عمري ...لم ارغب في ان تنجب زوجتي "جيهان" اولادا حتى نستمتع بالحياة معا
قدر ما نستطيع.. فأخذنا نتنقل من بلد لآخر في فرح وغبطة ،غير مبالين بما يمكن ان نواجهه لاحقا...*
*..ذهبنا الى فرنسا للتمتع بجمال الطبيعة الباردة هناك واذا ب"جيهان" تدوخ مرة ويصفر وجهها مرة اخرى وآثار الارهاق
بادية عليها وما عادت نشيطة كالسابق ...اضمحل جسمها وغابت الابتسامة عن وجهها فانتابني الخوف والجزع لحال زوجتي
اسرعت بها للمستشفى هناك حيث عاينها الطبيب ثم قال انها مصابة بمرض خبيث اخذ ينخر أسس صحتها منذ اشهر ..
كان الخبر كالصاعقة ولم اتحمله فعدت بها الى الوطن ولم اطق صبرا حتى اخبرت امي وعائلتي كاملة، لان جيهان يتيمة
ولا يوجد من عائلتها من يكفلها سوى شقيقتها التي اغتربت ،فذهل الجميع للخبر...تابعت جيهان علاجها داخل الوطن
وقد اخبرها الاخصائيون ان وضعهاالصحي لا يسمح لها بمحاولة الانجاب ،وان السلاح الذي يساعدها على مقاومة المرض هو
الارادة والامل، مرت الاشهر سريعة وماتزال جيهان ضعيفة وغير قادرة على التحرك بحرية ...فقررت امي قرارا صارما غير حياتي
وقلبها رأسا على عقب،اجتمع اخوالي واعمامي وبينهم امي وصرحت بشكل جازم : بني..في بلدنا "الكنة" مهمة ولها مكانة
رفيعة ونهتم بها بكل صدق لكن زوجتك الان غير قادرة على الانجاب وكلنا نعلم ان حالتها الصحية في تدهور
مستمر ولن تشفى قريبا وانت ماتزال في مقتبل العمر ويمكنك الزواج كما ان هذا لا يخالف الشريعة والدين
بعد ما قالته امي تهافت علي الاعمام والاخوال يحاولون اقناعي ويجملون لي صورة هذا القرار وكأنني لا اعرف
انهم متأكدون من اني سأوافق لأن والدتي ان اقدمت على شيء لا تتراجع عنه ومهما عارضتها فأنا غير قادر على
ردها عن قرارها وهذا عن عدة تجارب سابقة فشلت فيها فشلا ذريعا في اقنعاعها...
بأسى شديد كذبت على زوجتي وقلت اني مسافر لارتباطات عمل مهمة جدا،ولكنني سافرت لأتزوج ب"مريم" احدى
بنات صديقات امي،وكانت جميلة ومميزة ومحترمة للغاية الا اني لم احبها كما احببت جيهان اميرة قلبي...
عدت بعد ثلاثة اسابيع واقمت بالمنزل المجاور لمنزلنا فكنت اركض بين المنزلين مرة الى جانب جيهان اخفف عنها الالم
ومرة مع الحسناء مريم التي تخفف عني وتطلب من الرجوع الى جيهان وهي تربت على كتفي وتقول بصوتها الرقيق :صبرا يا ايمن
ستحل كل مشاكلك...
مرت الاسابيع والطبيب باق على قوله انها في حالة حرجة وسيستمر العلاج شهورا طوال ...بدأ اليأس
يجدل حباله داخل قلب جيهان وروحها ..والتمست اهمالي لها في الايام الاخيرة ولاحظت اسم مريم يتكرر عدة مرات
على ألسنة خدم المنزل بل وكل الاشخاص المقيمين به ،ولأنها تبقى في غرفتها معظم الوقت بل كله فهي معزولة عنا
ولا تعرف شيئا وفي احد الايام هددت جيهان احدى الخادمات بانها ستقتل نفسها ان لم تخبرها بما يحدث
فخافت عليها الخادمة وبهلع شديد اخبرتها بكل شيء ...في ذات اليوم عدت بعد ان غمرتني مريم بحبها المتدفق
وحنانها وبعد ان لثمتني على خدي وقالت : لا تيأس ..الله لا ينسى أحدا وستشفى زوجتك باذن الله..
طرقت باب غرفة نوم جيهان وحاوت فتح الباب الا انه مغلق طرقت مجددا وناديتها :جيهان ...جيهان ..افتحي الباب
لم ترد علي وتجمع حولي الخدم يساعدونني في فتح الباب واحضر احدهم نسخة عن المفتاح ثم دخلت ..
رأيت جيهان تتخبط في سريرها وعبوة الدواء الجديدة مرمية على الارض ونصف الكمية قداختفى :ادركت انها ابتلعته
فاسرعت اليها ووضعتها بين ذراعي وقلت :جيهان افيقي ..لا تتركيني يا جيهان ارجوك ..عودي لنسافر ..الم تحلمي
بزيارة اسبانيا وايطاليا واليونان ...سأحضر لك اي شيء انت عودي ودعي لي مهمة كل شيء ...
هذه المرة لم يسعفني الحظ فقدت همست بأذني قبل ان تفارق الحياة : ايمن ...اياك ان تنساني ..انا اميرتك اولست كذلك؟
عدني ان تحبني..ان تحكي لأولادك عني ..ان لا تنسى اني اسامحك على ...آه..زواجك .. احبني... احبني
لفظت انفاسها الاخيرة على ذراعاي وشريط ذكرياتنا معا يمر على عيناي بسرعة ..فقدتها للابد .. وسأعيش مع ندمي الى
الابد فهي لن تعود ...اجل لن تعود*
" تمت "