أسمــــاك البحر .. × بــــ قلمي ×
ط·آ¢ط·آ®ط·آ±
ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ©
MYST
  • ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾: 329
    ط¸â€ ط¸â€ڑط·آ§ط·آ· ط·آ§ط¸â€‍ط·ع¾ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ²: 746
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
MYST
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾: 329
ط¸â€ ط¸â€ڑط·آ§ط·آ· ط·آ§ط¸â€‍ط·ع¾ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ²: 746
ط¸â€¦ط·آ¹ط·آ¯ط¸â€‍ ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾ ط¸ظ¹ط¸ث†ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ§: 0.1
ط·آ§ط¸â€‍ط·آ£ط¸ظ¹ط·آ§ط¸â€¦ ط¸â€¦ط¸â€ ط·آ° ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¥ط¸â€ ط·آ¶ط¸â€¦ط·آ§ط¸â€¦: 5779
  • 19:06 - 2011/12/24

 

 ),

"جلال" فارق الحياة .

كنت في المدرسة حين سمعت الخبر .

ركضت مسرعا إلى الحي ، كانت زمرة من التلاميذ تلحقني برفقة المدرس . عند باب العمارة، توقفت حركتي .

-          لم يجدوا جثته بعد .

" العم أحمد " كان ينزل الدّرج و هو يكلم نفسه .

هل مات حقا . كان عقلي على أشد ما يكون رفضا للفكرة ، بالأمس كنا نصطاد السمك سوية عند الجرف الصخري . لقد كان يضحك كعادته .

 "جلال" يكره الموت . لقد حدثني كثيرا عن أصوات كان يسمعها وهو يسلك الطريق المحاذية للمقبرة .. القبور تخيفه.

-          ( لن أموت مثل أمي ) .

لطالما ردّد هذه الجملة أمامي . إنه لا يزال صغيرا ، لقد وعدني بأن يصبح غنيا عندما يكبر . لن يموت .. هو يكره القبور .

لم أشعر إلا وزملائي يطوقون جسدي عند باب العمارة . أحسست بدفء أنفاسهم على وجهي ، لقد كنت أبكي  بحرقة.

المدرس أمسك بذراع "العم أحمد " وأجلسه عند أصل الدّرج . بعد حين إلتفّ الجيران حوله ، كان أحدهم يحتضنه بعنف . لقد كان ابنه الوحيد .

لم أرى "العم أحمد " يبكي من قبل .. لطالما كان صلبا . حتى عند وفاة زوجته لم يلاحظ عليه الناس أي حزن .. إنه يجيد إخفاء مشاعره .

بالنسبة لي كان مخيفا . مدرسنا أخبرنا ذات يوم بأن الإنسان يجب أن يظهر مشاعره وإلا سوف يمرض ..

" العم أحمد " لم يكن مريضا .. كنت متأكداً من ذلك ، كان يبتسم دائما عندما يكون مع  "جلال " .

في الحقيقة كنت أشعر بالغيرة قليلا من علاقتهما.  ففي كل مرة يصطحبني فيها "جلال" إلى بيته كان أبوه يستقبلنا بوجهه العبوس عند الباب .

لكن ما إن يبدأ جلال بالتحدث و إلقاء النكت حتى تطفر الدموع من عيني" العم أحمد" . لم تكن النكت مضحكة أبدا لكنه كان يضحك ملء شذقيه

برغم ذلك .. ربما وفاة أم جلال قبل أعوام جعلته مضطرا لتقمص كل الأدوار حتى وإن لم يكن ذلك من طبعه .

جلال وأبوه كانا يقتسمان غرفة أعلى العمارة . كانت تحوي مولدا كهربائيا ضخما في ما مضى ، لكن بعد أن قرر المالك طرد" العم أحمد" من عمله انتقلا للعيش فيها .  

جلال كان يكره مالك العمارة . في نظره هو السبب في بؤس أبيه ، فمنذ أن ضعف بصر "العم أحمد" وهو يهدد بوضع شخص آخر مكانه

كحارس للعمارة ، لكن مازاد في سخطه هو إقدامه على طردهما من بيتهما في الطابق الأرضي بحجة أن الحارس الجديد وعائلته سوف

ينتقلون إليه . لكن استنكار الجيران ذلك دفع بالمالك إلى منحهما تلك الغرفة أعلى العمارة .

في الحقيقة لم تسكن أي عائلة الطابق الأرضي لأن أحد أثرياء الحي جعله مرآب لسيارته الرّمادية .

منذ ذلك الحين و"جلال" يمقت اللون الرّمادي . إنه لون القبور ..  هو يكره القبور .

"

حالة "العم أحمد " أصبحت صعبة بعد خسارة عمله . حتى تلك الأجرة الرّخيصة التي كان يقبضها من يد المالك لم تكن تكفي حينها .

الكثير من الجيران حاولوا مساعدته . لكن جهل العم أحمد بأي صنعة أخرى وضعف بصره أحبطهم في آخر المطاف .

جلال كان يتألم بصمت . لقد كنت أشعر بذلك ، ضحكاته العالية لم تكن لتخدعني .. فقر والده وتلك الغرفة الباردة لم يشعروه بالألم يوما ..

لكن ثقل الهزيمة على كاهل أبيه حطم كل الزيف الذي كان يغلف قلبه .

فاجأني ذات صباح وهو يحمل صنارة الصيد ويخبرني بأنه سيعمل منذ الآن لمساعدة والده .

لقد قرر بيع السمك الذي يصطاده في سوق السمك عند المرفأ .. لم أصدقه أول الأمر لكن إصراره جعلني أغير رأيي .

كنت أرافقه من حين لآخر وأشاهده وهو يرمي خيط صنارته من فوق الصخور المدببة . في كل مرة كان يفعل ذلك تفيض الحماسة من وجهه .

-          ( أترى أيها الجبان المدلّل .. لا شئ يدعو للخوف ) .

لم تكن تغيضني هذه الكلمات . فقط كنت سعيدا لأجله ..

في آخر الأيام . كنت أتركه بمفرده وأعود للبيت فقد أصبح يصر على البقاء عند الجرف الصخري برغم تأخر الوقت .

كنت أصادف "العم أحمد" دائما عند باب العمارة .. يسألني : هل ما يزال يصطاد ؟ فأحرك رأسي بالإجابة دون أن أتكلم ..

كثيرا ما وصلنا صوت العم وهو يوبخ "جلال" على تأخره في العودة . في بادئ الأمر كان يمنعه من الذهاب لكن إصرار جلال كان كبيرا .

بالأمس رجوته أن يعود معي عند مغيب الشمس ، كنت أتوقع أن يستشيط غضبا مثل كل مرة أدعوه فيها إلى ذلك .

لكنه في تلك المرة كان هادئا جدا . حانت منه نظرة نحو الأفق وقال لي : لا تقلق علي ، سأعود حالما تلفظني أسماك البحر .

"

سيارة الشرطة وقفت عند بهو العمارة . " الرّقيب عمّار " نزل منها . "عمّار " يسكن معنا بنفس العمارة ، هو أول من نقل الخبر إلى العم أحمد .

عنصران من الشرطة كانا برفقته .. أمسك يدي وسار بي بعيدا عن التلاميذ دون أن يتكلم .

صوت أحد الجيران وصلنا متقطعا :

-      هل وجدتم شيئا ؟

عمار . لم يرد أن يجيبه ، أنا أعرفه لقد كان يحب جلال كثيرا . هو الوحيد الذي كان يسمح له بأن يركب سيارة الشرطة  .

-          لا . ليس بعد

نظراته تسمرت في الأرض ، لم يستطع النظر نحو العم أحمد .

حدست حينها بأنه لا يريد الإفصاح عن أمر ما . لقد بدا لي عاجزا ، أكرهني وأنا أراه في تلك الحالة .

-    جلال لم يمت ! - صرخت في وجهه -  لقد وعدني . سيصبح غنيا حينما يكبر .. لن يموت مثل أمه !

أمسكني" عمار " من قميصي ثم رفعني بكل عنف حتى قارب وجهي بوجهه . كانت الدموع تغمر عينيه .

-          لقد مات . أتفهم !

بقينا على تلك الحالة للحظات بدت لي طويلة جدا .

-          لقد شاهده أحد الصيادين العائدين بالأمس . إنزلقت رجله فاصدم رأسه بالصخور المدببة و هوى في الماء .

"

بالنسبة لي هذا الكلام بعيد عن فهمي . جلال صديقي الحميم و أنا أعرفه حق المعرفة ، لقد قرر أن يرافق أسماك البحر .. إنها تحبه  .

"جلال " يكره لون القبور .. تلك الأصوات لطالما أخافته . الموت يسكن هناك بجوار أمه ..

سيعود ، أنا واثق  .. لقد أخبرني بذلك .

لن انسى ما قاله أبدا :  سأعود حينما تلفظني أسماك البحر  .

                                                                                             إلى صديقي ..

                                                                                                   أرجو أن تكون بخير .

 أسمــــاك البحر .. × بــــ قلمي ×
ط·آ¨ط·آ¯ط·آ§ط¸ظ¹ط·آ©
ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ©