
بسم الله الرحمن الرحيم
لفت نظري خبر صغير في أحد المواقع الرياضية يقول:
عاجل:
يلتقي غدا رئيس نادي القادسية السيد عبدالله الهزاع مع ادارة شركة جنرال سبورت في جدة و ذلك لانهاء عقد الشراكة لمدة خمس سنوات و تبلق قيمة العقد في السنة الاولى أكثر من 15000000 ريال سعودي.
و سوف تتولى الشركة ادارة النادي و الاشراف على جميع منشأتها كما ستقوم الشركة بتجديد النادي الصحي في النادي بعد تعقدها مع اهم الاندية العالمية.
و قد وعدت الشركة بأنشاء عدة مطاعم داخل نادي القادسية .
مع ان نادي القادسية ليس من الاندية الكبرى في المملكة ولا التي لها جماهيرية طاغية في المملكة مثل النصر والاهلي والهلال والاتحاد.
لماذا لا تلجاْ انديتنا الرياضية الى الاستثمار الرياضي فيها؟؟
الاجابة ليست سهلة على هذا السؤال الكبير ..
ليس هناك ما يمنع اندية كبرى مثل الهلال والمريخ تتمتع بجماهير طاغية ان تخوض تجارب استثمارية وتشجع الشركات الكبيرة لرعايتها ودعمها والتعاقد معها لتحقيق طفرة في ميزانياتها الخاوية على عروشها ، أو على الأقل الاستفادة من الامتيازات والتسهيلات التي تقدمه لها هذه الشركات..
الأندية الجماهيرية في الدول القريبة منا لديها تعاقدات ممتازة من شركات كبرى، وعلى رأس هذه الأندية نادي الاهلي المصري الذي دخل في استثمار مع شركة كبرى يقدر عائد هذا الاستثمار بما يقارب 140 مليون جنيه مصري في خمس سنوات - ان لم تخني الذاكرة - حيث احدث هذا التعاقد ضجة كبرى في مصر من الاندية الأخرى خاصة الزمالك لرؤيتهم ان ذلك سيحدث فارقا كبيراً بين الناديين الكبيرين ، وبعدها بقليل دخل الزمالك في تعاقد مع شركة كبرى وان كان العائد أقل بكثير من النادي الأهلي.
هناك معوقات كبيرة ومتعددة تواجه الاستثمار الرياضي في انديتنا يتمثل بعضها في :
طبيعة تكوين مجالس ادارات انديتنا - وعلى رأسها - القمة ..
حيث عادة ما تحكم هذه الادارات شخصيات رأسمالية لا ترى ان من مصلحتها الدخول في استثمارات مع أي جهة واستمرار تبعية الاندية لسطوة جيوبها لضمان استمرارها في القيادة .. وكل الاخبار التي تؤكد ان الادارة بصدد الدخول في استثمار يؤدي الى تحرير الاندية من ربقة حكم الفرد مجرد افتراء وتخدير للجماهير.
الأندية الصغرى سوى القمة أفضل حالاً لأن لها مورداً يمكن ان تستفيد منه لا يتوفر في الوقت الحالي للقمة .. حيث يمكنها أن تسوق لاعبيها سواء لأندية القمة أو اندية أخرى أفضل منها من الناحية المادية ..
فهذه الاندية لا تفكر بشكل مباشر على ان تصبح مورداً لصناعة وتصدير اللاعبين كما تفعل جل اندية غرب افريقيا .. حيث لا تهتم هذه الاندية بالبطولات بقدر اهتمامها بتفريخ اللاعبين لاندية اوروبا والدول العربية والافريقية الغنية .. فأندية من الاشانتي وانيمبا واسيك واندية جنوب افريقيا وبعض الاندية الصغيرة في دول غرب افريقيا تهتم اهتماما كبيرة بصناعة المواهب وبيعها.
انديتنا الصغيرة بكل اسف بعيدة كل البعد عن هذه النظرة فهي لا تفكر في منافسة القمة .. ولا تفكر في صناعة وتصدير المواهب لها. ويرجع ذلك للعقلية الادارية التقليدية في هذه الاندية .
ففريق مثل الموردة لديه كشافون ممتازون يبرعون في اختيار المواهب ويصقلونها ولكنهم يفشلون فشلا ذريعا في تسويق لاعبيهم بحجج واهية لا تمت للاستثمار ولا الادارة الحديثة بصلة .
فالموردة على سبيل المثال كان يمكن ان تربح في امير كمال ورمضان عجب الشئ الكثير .. الا ان النظرة المتخلفة للقائمين على امرها فوت هذه الفرصة ..
واندية مثل النيل والامل كان لديها الفرصة لعرض لاعبيها للبيع لمن يدفع أكثر، ولكنها لم تفعل وكان يمكن ان يستغل نادي الامل التسابق المحموم بين القمة وادخال مئات الملايين لخزينة النادي فقط في بيع لاعبيها الاربعة لو انها طرحتهم للبيع لمن يدفع أكثر، وايضا نادي النيل في لاعبه ضفر كان يمكن ان يجني اكثر مما جناه بكثير مما دُفع له.
ايضاً من المعوقات ان الشركات لا تضمن التسويق الجيد لمنتجاتها الدعائية لأن ذلك مرتبط باستمرار انديتنا في البطولات الخارجية والظهور باستمرار في هذه البطولات بما يحقق عائد أكبر ..
والغريب في الامر ان الهلال كان في السابق وكذلك المريخ يلجأون الى هذه الاعلانات مثل البيبسي والحليب وغيرها من الاعلانات التي كانت تزين صدر اللاعبين ..
الاندية المصرية تستغل حتى الشورتات لحمل اعلانات مدفوعة الاجر وهي لا تكلف الفريق شيئاً.
ويمكن ان يكون عائد الاستثمار خدمة من الخدمات مثل اقامة معسكرات ، استجلاب مدربين ، الصرف على المعسكرات ، السفر وغيرها من الخدمات لتوفير المصروفات.
وهناك الاستثمار الجماهيري وكما نعلم ان اندية القمة بالذات لديها جماهير مليونية ولكنها فشلت فشلا ذريعا من الاستفادة من هذه الجماهير بما يحقق لها عوائد حتى ولو كانت صغيرة.
ايضاً هناك نوع من الاستثمار ولكن يحتاج لنظرة فاحصة ودراسة دقيقة وهي الاستثمار في مجال المحترفين .. حيث ان انديتنا لديها الفرصة في اظهار بضاعتها من المحترفين بغرض تسويقهم لأندية اخرى .. وحتى يفعل هذا الجانب يجب اولا التخلص من العاطفة والانطباع لدى الجمهور والاعلام ..
يجب دراسة الامر من ناحية فنية واستجلاب محترفين صغار في السن وبأسعار زهيدة ومن ثم صقلهم وعرضهم من خلال المشاركات في البطولات الافريقية وبيعهم باسعار أعلى والاستفادة منهم .
وهناك تجربة حققت نجاحا باهراً في هذا الامر وهي تجربة اللاعب قودوين في نادي الهلال وان كانت هذه التجربة وليدة الصدفة وليست الدراسة وكان يمكن البناء عليها وتطوير الفكرة بدلا من اللجوء الى تجارب المحترفين الاسكراب وباسعار باهظة للمباهاة والظهور الاعلامي .
موضوع الاستثمار في الاندية الرياضية يحتاج الى دراسة وافية .