ادارات الاندية الرياضية في زماننا هذا اصبح حلما يراود كل رجال الاعمل والرأسماليين واصحاب الاسماء الرنانة في البلاد ، ونجد تنافسا كبيرا من رجال الاعمال علي رئاسة الاندية الرياضية ، وربما لا يكون لهم اي خلفية رياضية او اهتمامات حقيقية بمجال الرياضة وما يدور في الساحة الرياضية ، ولكن بكل تأكيد ادارة النادي (خصوصا الاندية صاحبة الاسماء الكبيرة) واندية القمة تحديدا ، سيمنحهم وضع مختلف وسوف يفتح منافذ استثمارية كبري ، وعلاقات وطيدة مع المسؤولين بالدولة لفتح نوافذ معاملات وتسهيلات في مجالات مختلفة ، ومن هنا جاء السعي الحثيث والتهافت من كل رجال الاعمال للفوز بمقاعد الرئاسة لهذه الاندية...

وبما ان عضوية اي نادي اصبح حق مشروع للجميع من مشجعي الفريق المحدد ، فأنه من السهل لهؤلاء المستثمرين الحصول علي العضوية والحق في الترشيح والمنافسة علي رئاسة النادي ، وعند انعقاد الجمعية العمومية يحق لكل من يمتلك عضوية نادي ان يقدم برنامجه وان يعد قائمته ويحشد مؤيديه لإنتخابات النادي لكي يفوز بالرئاسة ، وللاسف بما ان العصر الحالي اصبحت تسيطر عليه لغة المادة والارقام والحسابات فان اغلب المترشحين للرئاسة نجدهم من اصحاب الاموال والاستثمارات لان الوصول لمقاعد النادي اصبح تجاري بحت من اجل اغراض اخري غير تقديم الخدمات الاساسية للنادي ، ونجد ان الاعلام بأكمله يقف من خلف هؤلاء المرشحين ويلمع اسماءهم ويظهرهم في صورة نجوم يعتبرونها هي التي ستقود النادي للمجد والشهرة والانجازات الداخلية والخارجية ، وللاسف تنجح هذا الدعاية بأمتياز وفي نهاية المطاف يفوز برئاسة النادي صاحب المال الاوفر وليس الحظ الاوفر او الشخص الذي يمتلك صفات القيادة الادارية والتي تؤهله لتسيير شئوون النادي بعقلية احترافية مدبرة ونظرة مستقبلية فاحصة ، ويبدأ مسلسل الاخفاق الاداري الواضح للعيان ، لان الرئاسة وبقية مجلس الادارة نجدهم قد تم تعيينهم وفق الاهواء والمصالح الخاصة التي تربط الرئيس بمجلس ادارته ومن يستطيع تقديم خدماته له وليس للنادي..

      الناظر لحال مثل هذه الاندية يجد ان الخاسر الاول والاخير هو النادي ومن ثم القاعدة الجماهيرية الكبيرة التي تتألم وتعاني بسبب اخفاق فريقها وهي تنظر اليه يتهالك امام اعينها دون ادني اهتمام بأعضاء مجلس ادارة النادي ، ربما يقوم هذه الرئيس بدعم الفريق ماديا ، وربما يوفر كل الاحتياجات اللازمة للفريق ، وربما يستجلب كثير من المحترفين الاجانب وايضا جهاز فني اجنبي مقتدر ، ربما يحفز اللاعبين بمبالغ ضحمة جدا حين تحقيق نتائج ايجابية ، ربما يدعم البنية التحتية للنادي بالكثير والكثير ، ولكن كل قرش يتم صرفه لا بد وان يكون عائد اضعاف مضاعفة ، فمن غير المعقول ان يتم صرف كل هذه المبالغ دون عائد لانهم في الاساس هم مستثمرين ، وأي مستثمر يعلم جيدا كيف يتم تنمية رأس المال واعادة الارباح من كل صفقة يقوم بها....

     بكل بساطة يمكن ان نقول ان ادارة النادي اصبحت تجارة مربحة وتدر اموالا طائلة لكل من يتولي هذا الكرسي ، ولكن للاسف مع كل هذا الدعم الذي يجده النادي نجد ان هناك اهمال تام للنواحي الفنية واتخاذ القرارات الادارية الحاسمة في كل من المشاكل التي تمر بالنادي او اللاعبين ، ونجد ان هناك ضعف اداري واضح من مجلس الادارة الذي لا يستطيع فعل اي شئ دون توجيهات رئيس النادي ولا يستطيع اتخاذ اي قرار فعال يخدم مصلحة النادي ، ومن هنا اتت المشاكل والخلافات في كثير من ادارات الاندية بسبب تقلد الرأسماليين لرئاسة النادي ومن ثم تزمت اللاعبين والقاعدة الرياضية علي وضع الفريق والذي يكون قد تردي كثيرا وتراجع مستوي الفريق ككل بسبب هذه الخلافات..

      لا ندري الي متي سيظل الحال علي ما هو عليه ، وكيف يمكن الوصول الي نقطة توازن ما بين مجلس الادارة القوي والذي يدير النادي بكل احترافية عن طريق اداريين مقتدرين في هذا المجال ، لهم الخبرة الطويلة والعلم الكافي والادراك والالمام بكل النواحي الادارية والقانونية التي تتعلق بهذا الشأن ، وما بين الشخص الذي يستطيع مقابلة منصرفات النادي الكبيرة من تعاقدات وصفقات ورواتب وحوافز اللاعبين وغيره ، والتي لا يستطيع توفيرها الا رجل اعمال او رأسمالي كبير جدا يصرف بكل سخاء علي النادي..