رحيل الاماني | | كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة | صاحب ردود قصصية متألقة | ط·آ§ط¸â€ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾: 36554 ط¸â€ ط¸â€ڑط·آ§ط·آ· ط·آ§ط¸â€ط·ع¾ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ²: 7628 |  | ط¸â€¦ط·آ¹ط·آ¯ط¸â€ ط·آ§ط¸â€ط¸â€¦ط·آ´ط·آ§ط·آ±ط¸ئ’ط·آ§ط·ع¾ ط¸ظ¹ط¸ث†ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ§: 5.6 | ط·آ§ط¸â€ط·آ£ط¸ظ¹ط·آ§ط¸â€¦ ط¸â€¦ط¸â€ ط·آ° ط·آ§ط¸â€ط·آ¥ط¸â€ ط·آ¶ط¸â€¦ط·آ§ط¸â€¦: 6492 | | سمعت صوت النسيم يقول ذلك الكلام ، في مكان لم تطأه أقدام البشر ، ما بين السكون والنور، حيث أرتفع صوته قائلاً : أنا النسيم الذي يسري في أعنان الوجود ، أنتقل بين عوالم الحياة ، لست منقاداً لأحد كما تنقاد نفوس البشرية لسحر المظاهر الخداعة ، أطوف حول العالمين لا يغنيني شيء عن الحياة التي أتخذها بنو البشر ملاذ يشبعون فيها مجاعتهم الدنيوية ، إني النسيم الذي يداعب أفلاك الوجود صباحاً ومساءاً ، أغمر في الصباح أريج الزهور ، أعتنق أنفاس الزنابق ، وأذوب في تنهيدة البنفسجة ، وفي المساء ، أحلق بوداعة صوب الممتحنين ، ألامس جباههم البائسة ، أطوي عنهم بعض الألم ، هكذا عشت تلك السنين منذ وجدت البشرية ... وفي يوم كنت ذاهبة صوب مرامي مسيري المجهول ، أعترضتني إنفاس أحد النفوس المتضخمة بحب الذات ، أحد الأرواح التي تسكن جسد مملوء بالوحشية ، قادني حظي السيء لأن أكون أحد تلك الأنفاس التي تتلقفها رئتيه ، دخلت رغم عني هناك ، لمحت في قلبه عشق المظاهر ، إحسست في ذاته دناءة البشرية ، كانت خفقات قلبه تنم على حقد دفين على كل شيء ، لا ينظر إلى الفقير سوى بنظرات الوضاعة ، وإلى الغني بأكبار ، وإلى الطيب باستحقار ، وإلى القاسي بالشخص الوقور ،تساءلت مع نفسي ومع باقي أخواتي النسمات التي أجتمعن داخل هذا الوحش البشري ، فقلت لهن ، يا أخوتي أني لا أطيق البقاء داخل هذا المخلوق العابث للحظات ، فلهمن نخرج ونحيا بعيداً عن أنفاس البشرية ، لأني وجدت الحقد في الداني والقاصي من روحه ، يا إيتها النسمات التي تداعب مسارح الياسمين عند الربيع ، وتجاور بكاء الأوراق عند الخريف ، وترقص مع قطرات المطر شتاءاً هلمن نتحرر ونحيا بعيداً عن هنا .. حتى أقبلت أحدى أخواتي النسمات وقالت : هوني عليكِ فهذا قضاء ربنا أن نكون اليوم هنا وغدا في مكان يعلمه الله ، دعينا نكمل ما تبقى لنا في جوف هذا المخلوق لنشهد نهاية هذا المخلوق الذي يظن أنه خالد بخلود جحود روحه الطافحة من أعماق رذاذ الفحش والمنكر ! قررنا جميعا أن نرى النهاية ، عشنا هناك وقتاً عصيباً ، لكنا جميعاً بصمتنا ننتظر نهايته المحتمة ، يا ترى كيف ظن أنه خالد ، وأن الجموح في أحتقاب الأموال ، والتشدق بجماله الفاني ، سيجعله سامي في لحظات موراة جسده تحت التراب ؟ هل يظن أنه باقِ إلى الأبد في كنف الحياة الذواية ؟ كنا جميعاً نتساءل ، أنا وأخواتي النسمات ، لما البشر يقتلون البسمة في شفاه السعادة ، يقلقون مضاجع الفقراء بكلماتهم القاسية ! يسرقون ما ليس لهم ، يعبثون في الحياة التي أنجبتهم ودفعتهم بكل الحب ليكونوا أحد عمارها لا محطميها ؟ بقينا على هذا الحال إلى أن جاء الفرج وأنقشع الضباب من أمام عيوننا ، فعلمنا أنه سوف يموت بعد مدة ، أخذت تتلاطم أحشاءه ، تتخبط أفكاره ، كأنه يحاول إصلاح ما أنكره في لحظات مجده وعليائه ، لا أحد يشفع إليه سوى الموت ، لا جبروت ولا عظمة أو مال هكذا عاش كبير في مرآته ، صغير في عين الوجود؟ أخذت أجزاء جسده بالبرود ، فخرجن نحن النسمات فرحين مغتبطين من ذلك الجسد ، هربت أخواتي النسمات لمغاني الوجود باحثة عن مثوى يليق بمقامها ! أما أنا كنت أنتظر موارة ذلك الجسد ، ذلك الجسد الذي ظل يعبث وينتهي عن الخير ، ها هو اليوم جثه هامدة بلا حراك ، أقتربت منه، فوجدت كل شيء إحاطه يعلن وجوده ، ذراري التراب التي تهال عليه ، والنسمات العابرة ، والأشجار والطيور والسماء والنجوم والورود ، والحفرة التي وضع فيها ، كنت أراقب بصمت مطبق ، حتى تلاشى تحت التراب ثم هدأ روع الوجود ، رحل ذلك الإنسان تحت التراب ولن يبق له ذكر بعد مرور أيام ، فما أصغرك أيتها النفس البشرية وما أعظم أماني وجودك ، ظننتي الوجود مقرون بالأبدية فلنتي الموت رغم عنك ، وكأنك تناسيتي أن هناك عقاب وحساب ، وقبر يوراي ذرات جسدك البالية ؛ ثم تطفنت لأقتراب موعد ذهابي من هناك، حلقت بعيداً عن ذلك المكان ، باحثة عن مكان أستظل به ، حيث لا نفس بشرية تمتشق وجودي ، ولا صور موحشة تعتري خوافق عيشي ، حلقت بعيداً وشكرت الرب لأنه أكرمني وجعلني أكون نسمة ناعمة بالحياة لا نفس بشرية قذرة يورايها التراب ويحصدها العقاب جراء افعالها ومنتهى مرادها .
|
|