مشكل بوشتى في الأصل كان في إسم الأم . إسمها فاطنة و لكن قيدت خطأ في سجلات الدولة بإسم فاطمة ... إنّه نون النسوة اللّعين عندما يقسم الكلمة و يجزّؤها من الوسط فيغيّرها كلّ هذا التغيير ... و قد كان هناك من صمّم على استبدال هذا (النون ) و ربّما عن غير قصد ب ( بميم ) لا علاقة له بالموضوع ... المعاملات الرسمية كلّها توقّفت بسبب هذا الخطأ الّذي لا يغتفر .. زار كلّ الأروقة و قدّم جميع الاستعطافات الممكنة و غير الممكنة ليجد نفسه أخيرا أمام الباب المسدود ... إحباطاته اليومية المتتالية فرضت عليه حالة نفسية جديدة و قلقة لا تثق حتّى في المطلق .. أرغمه تفكيره الجديد في الأخير ـ و عن حقّ ـ على الإيمان بأنّ استعطافاته السابقة في هذا الموضوع كانت بمثابة استفزاز لأجهزة الدولة ... فقرّر حماية نفسه !!!
انتظر انتصاف اللّيل , حمل معولا و ذهب للمقبرة حيث يرقد جثمانها منذ وقت بعيد ... كان يرغب في إزالة الشاهد عن قبرها ليمحوا إسم فاطنة من الوجود .. ألقي عليه القبض في نفس اللّيلة و قدم للمحاكمة بتهمة الاعتداء على حرمة المقابر و الموتى ... .
**********************************
كانت ترغب حقّا في تغيير نمط حياتها .. ببساطة كلّ ما تعيشه في يومها لا يعجبها ... لقد فقدت أهمّ شيىء يحتاجه الإنسان في الحياة : إنّه الرّغبة ... و بطبيعة الحال أضحت جميع الاشياء بدون جدوى ... كانت فاطنة امرأة نشيطة للغاية ، تحبّ الحياة و تخلق الفرحة من حولها . و لكنّ بوسلهام قتل فيها ليلة بعد أخرى روحها حتّى قرّرت في يوم معلوم التوقف عن كلّ شيىء .. فكّرت أنّ الحياة لا تعاش غير مرّة واحدة و أنّ اليوم الّذي يمرّ لا يمكن أن يعود فأعلنت جنونها .. أعلنت أمام الملأ بأنّ بوسلهام متزوّج سرّا من غيرها و نتفت لحيته البيضاء في باحة المسجد بعد صلاة العشاء .. لم تشفع لا توسلات الإمام و لا وقار و شيب المتدخلين في ثنيها عن هجومها ... و كان على بوسلهام في الأخير أن يثبت برائته من فعل كانت هي على يقين تام بأنّه من صنع خيالها ... و عندما اصطحبها لزيارة الولي الصالح ( مولا قوبتين ) و لاحظت في عينيه اهتماما حقيقيا بها قرّرت في لحظة صفاء مسامحته فعانقته و هي تبكي بمرارة ... .
*******************************
لم تبق إذا ذرّة شكّ واحدة في أنّ بوسلهام لم يكن شخصا آخر غير الصديق نفسه الّذي لم تسمع صرخاته في ليلة الزفاف ... .
بوشتـــــــــــــــــــــــى