انتقام زهورك فلسطين قادم........كتبتها بأدمعي
آخر
الصفحة
شهد ع

  • المشاركات: 16172
    نقاط التميز: 3497
مشرفة سابقة
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
شهد ع

مشرفة سابقة
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 16172
نقاط التميز: 3497
معدل المشاركات يوميا: 2.3
الأيام منذ الإنضمام: 7082
  • 23:03 - 2006/11/09

في ذلك الصباح الذي تشوبه بعض نسمات الهواء الباردة فتحت سلمى عينيها الذابلتين من أثر البكاء لتسقط  منهما دمعة كانت قد اختبات تحت جفونها منذ احكم النوم قبضته على عينيها دمعة كانت  قد احتبست و هطل قبلها الكثير ، تفتحت عينا سلمى بما فيهما من بريق يعكس إرادة لا ترد لتقول:

السحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين

و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين

و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين

لكنما عيناك باهتتان في الأفق البعيد

سلمى بماذا تفكرين؟

سلمى بماذا تحلمين؟

لقد استيقظت على مشهد لم تألفه ، هذه ليست غرفتها ، وهذا ليس سريرها ، ثم أين وجه والدتها الذي كان يطل عليها كل صباح ليرسل لها أملا متجددا في الحياة ، لا شك  أنها تحلم ..... لكن لا ليس حلما هذا هو الواقع...... إنه بيت خالتها ... نعم هي الان في بيت خالتها ليس لأنها ترغب ببعض الترفيه  أو التغيير ليس لأنها ملت بيتها ......... ليتكم تعرفون ما السبب ....... السبب هو ان بيتها قد رحل كما رحلت والدتها ،كلهم رحلوا كما رحل والدها منذ سنة و نصف

أجل ها قد بدأت تتذكر.......... أو بالأحرى هي لم تنس حتى تتذكر

هي هنا لأن بيتها لم يعد يحوي غرفتها  و لا ألعابها و لا يحوي أيضا والدتها ......... كلهم ذهبوا و تركوها .هي تذكر ما حصل قبل أيام ثلاثة  حين عادت من مدرستها الابتدائية تحمل حبا و سعادة لم يتسع لهما قلبها الصغير  فهي قد حققت أعلى الدرجات في اختباراتها و أتت لتملا الدنيا فرحا على والدتها و لم تكن تعلم ما  يخفيه لها هذا الزمن الاغبر من احزان .حين شارفت على الوصول رأت حشودا من الناس  لم تستطع اختراقها إلا بعد جهد جهيد  وما إن اخترقتهم حتى هالها ما رأت

أهذا بيتي ...... أهذا موطن احلامي........ أهذا مستقر آمالي

كلا لا يعقل ....... لم يكن هكذا في الصباح

لكن.. لكن أين أمي؟؟

يا لوعة قلبي أين أمي؟؟

كانت خطأ غير متعمد ، قذيفة من مدفعي أخطأ تقدير هدفه

أجل مجرد قذيفة كانت السبب

قذيفة واحدة لا أكثر كانت كفيلة بان تحفر جرحا لا يندمل في قلبها

بيتها أصبح كومة حجارة تترتب فوق بعضها بلا انتظام و ليتها تعلم ما تخفي تحتها  إنه........ إنه جسد والدتها ها هم يستخرجونه أمام مرأى ناظريها ..... و شقيقها يتربع في حضن والدتها ليرسما لوحة في مخيلتها ستفتأ تذكرها كلما ذكر أطفال فلسطين .......

يا ويلي  ما هذا  أجل إنها أمي و هذا أخي . لكن أمي  لم لا تجيبين أرجوك أجيبيني ..... أنت لا زلت حية أمي  أليس كذلك ........ إذا لم لا تجيبين .... لكن لا حياة لمن تنادي .......... بل ها هي ستجيب أجل فتحت فمها لتقول ........لكن العبرة خنقت كلماتها فلم تملك إلا ابتسامة تودع بها الحياة لتموت و على ثغرها ابتسامة الشهادة.

لم تكن سلمى تملك ما تقول أمام ما ترى ، هذا جسد و الدتها الذي لم يكن يوما إلا حضنا  و ملجأ لها و لدموعها  ها هو اليوم أيضا يكون ملجأ لدموعها وثأرها و لكنه جسد ممزق انتزعت منه الحياة بلا رحمة و لا شعور .

حمل الأطباء الجسد الممزق لينقل إلى المشفى عله يجد  له مأوى في إحدى ثلاجات الموتى التي اكتظت عن آخرها بسبب الكثير من هذه القذائف غير المتعمدة .....

حضن والدتها كان ملجأ لشقيقها أيضا ، فمحمد الذي لم يتجاوز السنتين و الذي يرقد في احضان والدته المتوفاة كان قلبه لا زال ينبض فكأن والدته فتحت قلبها و أدخلته إياه حتى لا يصيبه ما أصابها ........ لا زالت الحياة تنبض في قلب صغيرها و كانها أعطته ما بقي في قلبها من نبضات  حتى يصارع الموت و يتغلب عليه ........

أجل كان لها ما أرادت . .. بقي على قيد الحياة ليكبر مع شقيقته و يكبر معهما ثأر فلسطين....

هكذا مر شريط الذكريات سريعا في مخيلة سلمى ذاك الصباح و قطع سيل الآلام التي كانت تعتصرها  صوت شقيقها الذي كان ينام ليلته الى جانبها ... إنه يبكي ...... يبكي رغم أنه لم يفهم بعد ما الذي جرى .. لكنه يشعر . أجل يشعر ........ هناك شيء ما يفتقده ....... كيف لا وهو ابن السنتين الذي كان يفترض به أن ينام على هدهدات والدته و يستيقظ على همساتها ....... حقا هو يفتقدها  لكن قدره  أبى عليه إلا  أن يحمل الجرح و يكمل به مشوار حياته

اقتربت منه سلمى لتضع يدها على رأسه و تمررها على شعراته الصغيرات قائلة له :

يا اخي انت معي في كل درب       فاحمل الجرح وسر جنبا لجنب

نحن ان لم نحترق كيف السنا         يملا الدنيا و يهدي كل ركب

سر معي في طريق العمر          و قل من يحمي الحمى او من يلبي

فهنا الايتام في ادمعهم                و هنا تهوي العذارى مثل شهب

و شيوخ حملوا  اعوامهم             مثقلات بشظايا كل خطب

هم ضحايا الظلم هل تعرفهم          انهم على الدهر اهلي وصحبي

هي تعي حقا ان شقيقها لا يفهمها لكنها كلمات يجب ان تحفر في قلبه منذ الان  ...... فهي الجرح الذي ينتظر الثار.

و بكل الحب المثخن بالجراح احتضنت كل امل تبقى لها في الحياة و شقيقها لتذرف دموعا حرى تعانق وجنتيها و هي تغادر للبعيد البعيد

و تمتزج بدموع شقيقها ليسطرا الما لا يغادر قلب كل من له قلب بداخله ينبض

و لا تملك الا ان تردد وتردد وتردد:

ايها الباكي وهل يجدي البكا        بعدما اصبحت في كل مهب

كفكف الدمع و سر في افق          حافل بالامل الضاحك رحب

ننثر الانجم في موكبه                موكب الحرية الحمراء يصبي

يا اخي ما ضاع منا وطن           خالد نحمله في كل قلب

 

 انتقام زهورك فلسطين قادم........كتبتها بأدمعي
بداية
الصفحة