بسم الله الرحمان الرحيم
حين أسترجع شريط ذكريات طفولتي،أتذكر بحنين جارف أياما كانت بريئة و ممتعة..أتذكر كيف أنني تمردت بلطف على رغبة والدي رحمه الله في الذهاب إلى مركب محمد الخامس و أنا لم أتجاوز العشر سنوات..دون مرافقته..كانت طريق الذهاب و الإياب أشبه بحج جماعي على الأقدام..أهازيج و شعارات عفوية كانت تؤنس تلك الرحلة..
أشياء كثيرة جدا تغيرت بعد ذلك..للأسف الشديد نحو الأسوأ و الأبشع..دخول الألترات الذي إعتبرته قفزة نوعية في تنظيم التشجيع صار وبالا على الكرة المغربية و محبيها:صار التنافس حول من يجيد شتم الأخر عبر أقسى العبارات و أفدحها فظاظة و سوقية الشغل الشاغل لمن يكتب كلمات الحقد الأعمى..تحولت الملاعب إلى مستنقعات للعنصرية الصريحة و العصبية الجاهلية..الكلام النابي صار قاعدة و إلتزام الأدب صار دليلا على الضعف..العنف يرافقك منذ أن تصل محيط الملعب و حتى مغادرته،أبطاله "بلطجية" التذاكر و رجال الأمن و من "يهرف"على مكانك في الطابور إن وجدت طوابير أصلا!!داخل الملعب، تستمر رحلة الإندحار إلى عوالم الجريمة و المخدرات و الإبتذال في أقصى صوره:إن كانت لديك ألة تصوير أو هاتف ..و لم تحسن إخفاءهم فعليهم السلام!كما أنك قد تتلقى سوائل نجسة من مكان ما لتلتفت فتجد ورائك جيشا من الرعاع لا يمكنك أن تميز أيا منهم لا يملك ضميرا!!أفعال عنف جسدي و لفظي تعبر صراحة عن واقع حال مأساوي بكل ما تحمله الكلمة من سوداوية و إنعدام أي أفق للأمل لأن أطفال ما دون العشر سنوات لا يقلون ضراوة و إنحطاطا عن أعتى المجرمين أفعالا و أقوالا!!
الجماهير صارت ترحل صوب الملاعب خارج الديار بهدف إثارة الإنتباه عبر التخريب و التكسير و إحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر في ممتلكات الأبرياء و في بعض الأحيان لا تكتفي بذلك بل تضيف إليه قليلا من الأرواح لتكتمل فتوحاتها و غزواتها!!!مسار حافلات الفرق و الجماهير يكون عرضة للقصف و الرجم بالحجارة ( لو كانت تباع راجمات صواريخ لأستعملت حتما!!!) في مشاهد مقززة من حرب غير معلنة..
المصائب التي صرنا نرى لا تسر و لا تدعو للفخر بل هي كارثية بكل المقاييس..للأسف الشديد لا أرى نورا في أخر النفق لأن ضلمته لا نهاية لها لأننا هكذا شئنا...