وضعت فنجان القهوة على الطاولة والى جانبه ورقة بيضاء, واقتحمت ركامي باحثا في الأشلاء عن نواة لخلية قد توهم بتجدد حياة.. وأخذت في بقايا الأجزاء افحصها بما ازعم انه مجهري , ذاك الذي بعين واحدة لا ترى إلا السواد.. وتهت فيه وأنا ابحث أو لعلي لم أكمل ما بدأت , خفت من الحقيقة وان لا أجد شيء بعد الدمار.

استفقت أو تظاهرت وعدت إلى ورقتي التي تركتها فوجدتها قد لعب بها الهواء ورماها بين الطاولات تدوس عليها الأقدام.

 ********

أغلق باب كوخه وهو ينسل ويتسحب نحو ركنه البارد .. جلس واسند ظهره ليعكس شعاع الشمعة التي تذوي ظله المتعب والمعوج على الحائط... جمع أنفاسه بسرعة وهو يتفقدهم بنظراته الشاردة التي توقفت عندها , منصرة إلى أمها , منكمشة على بعض من الدفء ويدها الصغيرة قابضتا على دميتها التي من رقاع الوسادة.. اخذ بيده ليزيح أمواج الدمع من على تلك الصورة لتصفو نظرته على واقعهم ومصيره المنتظر فوضع تلك اللفافة والكيس الذي جلبهم معه وعيناه على تلك الصغيرة التي نامت بلا غداء ولا عشاء ! وهاجسه يصرخ ويهمهم , هل ستطعم تلك البطون الضامرة حراما ؟ هل سيلوكه ذلك الفم الذي مازال لا يتقن فن الكلام ؟

*********

أراقبه وهو يدور حول جذعها , يتفحص أغصانها وبعضا من أوراقها الملتوية..  بدا وكأن علاقته بها أصبحت وطيدة , يفهمها , يحدثها أو ربما حتى يشكو ويشتكي إليها !! وكأن إدراكه اخبره انه أصبح يشبهها..!! انتهت مهمته في هذه الحياة, قامته اعوجت كفرعها !! شحب وبرزت تجاعيده كذلك الجذع الذي تشقق وانسلخ عنه اللحاء..!! أكمل دورته التفقدية وقد مسحت أنفاسه كل الغبار الذي على الأوراق فجلس واستكان في ذلك المكان الذي يهرب إليه وكف يده يداعب سطحها يساوي التراب ليرسم قيمته المفقودة عندهم.

انتهــــــــى.............. هو مجرد تظاهر بالعودة او بالوجود