[ واجــبٌ لابــدّ مـِـنـه ] بأمـلـي .
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¢ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ®ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ±
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آµط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¾ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ­ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ©
سلمى07
- عضوية مقفولة -
سلمى07
- عضوية مقفولة -
  • 23:37 - 2010/12/31

 

 

 

لأول مرة أتأكد مِن إحساسٍ سمعته كثيرًا ولم أعرف شكله على الحقيقة.. فطالما تردَدَتُ لفظةُ (أكاد أسمع دقات قلبي تتضارب بقوة) فكنتُ أحسبها مجرد مَجازٍ يصف حالة الهلع التي قد تمس القلب ونبضاته.. ولكني تيقنتُ أنّها حقيقةٌ لا محالة.. لقد كان لنبضات قلبي صوتٌ يكاد يُسمع.. حتى ظننتُ أنّ كل من سيمرُّ بالقرب منّي سيسمَع دقاته ويُحسّ بارتباكي وبعض هلعي..

بقيَت أشياء كثيرة تحفرُ داخلي، وتساؤلاتٌ تقفزُ أمامي، أحاولُ أن أتجاوزها من جِهة، ومن جهة أخرى أحاول أن أواجه المحيط الخارجي الذي بدا لي أوجبَ وأشد أهمية من حالة الإرتباك التي تحدث داخلي..

..

لقد زُرتُ المستشفى الذي لم أعرف وجههُ مُنذ أن لاقت أمي ربَّها، ومنذ أن انتهى جريُنا في أروقته، وهرولتنا بين ممراته، وفزعنا الذي انعكس واضحًا على جدرانه.. وظلّت آثاره باقيةً لم تُمحَ.

دخلتُه بعد خمسة أشهر مِن مفارقته، ولكني أتيتُه اليوم زائرةً ، لا ثائرةً .. ولا فازعة.. فقد كان عليّ دينٌ أحسستُ أنه مِن واجبي أن أردّه.. ولربما هي أمانةٌ أثقلت ظهري منذ مدة وودتُ لو أرحتُ نفسي مِن ثقل وزنها..

وصلتُ لجناح "جراحة الكبد" وخطاي تتسارع لا أعرف سبب سُرعتها، لم أُدرك السبب إلا حينما وقفتُ أمام الباب أطرقه، لأعرف أن سبب سرعتها لم يكن سوى من خشيتي أن تلتقي عيناي بأي شيء قد يُذكرني بما قد وقعت عليه سابقًا.. ومع ذلك فقد كنتُ أسمع آهات أمي المتقطعة، رأيتُ وجهها الشاحب، وصمتها غير الاعتيادي.. كانا في كل مكان..

هذا ما كنتُ أخشاه.. ردَّدتُ ذلك على نفسي، ثم ما لبثت أن وضعتُ هدفي أمام عيناي وما جئتُ لأجله: لستُ أريد مواجع الآن، فقط أريد أن أتم ما أتيتُ لأجله، خاطبتُ نفسي فصمَتت مُذعِنةً، وواصلتُ أنا طرق الباب، لتفتح لي الممرضة، وبعد أن دققت في ملامحي، ابتسَمَت مخاطبةً: كيف الحال أختي؟ مرحبًا بكِ.

لم أعرف ما الذي أجبته وما قلتُه.. ولكني أفقتُ على سؤالها الذي أحسستُه صفعةً على وجهي: كيف حال الوالدة الآن؟ نظرتُ في عينيها بجهدٍ.. وتلعثم الكلام.. ومرّ شريط المعاناة كله أمام عيناي ووقع ما لم أكن أريده أن يقع، فدمعتْ عيناي.. وأجبتُ محاولةً الكتمان: لقد لاقت ربها منذ مدَّة ليست بالطويلة..

في مثل هذه اللحظات، نكتشف أن لا كلام سيكون كافيًا لأن نخفف عن فاقدٍ لحبيب له، تلقيتُ بضع كلمات المواساة بدون أن يُطمئِنّ في قلبي شيئًا.. وابتسمتُ كمن تحْفظ مثل هذه اللحظات عن ظهر قلب..

وعرَفتْ مقصدي، كنتُ أريد مقابلة الطبيب الذي كان يُشرف على مرض أمي.. دخلتُ ببطء.. كانت كل زاوية تشهدُ على ذِكرى ما وحادثةٍ ما.. تمنيتُ أن يمدني الله بالقوة في بضع الدقائق هاته، فإن كل شيء كان يبدو لي حالكًا ودقاتُ قلبي تزداد قوةً مع كلّ ثانية ودقيقة تمرّ..

لمحتُه أخيرًا.. الطبيب الموقر الذي له هامةٌ شامخةٌ، وبُنيةٌ مميزةٌ.. لقد أحببتُه (نعم .. إنه حبٌ من نوع خاص) لقد كان يُشرف على صحة أمي، كان يهتم لأي تغير طارئ يحصل، وكان يقف إلى جانبنا كلما احتجناه.. إضافةٍ إلى كل ذلك، فقد كانت أمي ترتاح له، وهذا أكبر شيء يجعلني أتقمص أحاسيسها من دون شعور مني.

وبعد مجاملاتٍ إنسانيةٍ بحتة طلبت مقابلته على انفراد.. وداخل تلك الغرفة التي شهدت أولى دموعي العذرية، يوم أن عرفتُ لأول مرة أن أمي مصابةٌ بالسرطان.. في تلك الغرفة ذات اللون الأزرق الفاتح، التي كانت جدرانها تهتز معي وقت سماع الفاجعة.. هي نفسها اليوم تشهد معي موقفًا مؤثرًا هو الآخر، ولكني من ستنقل الخبر اليوم.. وبحنكته وخبرته المهنية عرف أنّ والدتي قد انتقلت لرحمة ربها، فما كان منه إلا أن يقدم لي بضع كليمات يعتاد الناس أن يمنحونها وقت العزاء.. وما كان مني إلا أن شكرته كما يفعل كل متقبل للعزاء..

لم يكن يعرف مغزى وجودي هنا اليوم، ففكتُ من عقله كل استفهامات وقلتُ بعفوية بسيطة أنني أتيتُ لأشكره فحسب..

وبعد أن لاحت من وجهه ملامح التفاجئ، استسمحته في أن أقدم إليه هدية بسيطة.. فعلاً كانت بسيطة جدًا لكن غير البسيط (كما قال) هو وجودي هنا فقط مِن أجل أن أشكره، وأقدم له جميل الامتنان عن كل ما فعله وقدمه لنا..

كانت في داخلي رسالةٌ أحببتُ أن أقدمها له، لم أستطع أن أحتفظ بها طويلاً، وقد أصبحت مع مرور الأيام واجبًا عليّ الإسراع لتنفيذه.. لقد بسطتُ له روعة الإنسانية وجمالها في مثل هذا العالم.. وأنه ليس يكفي لممتهن لمهنةٍ مثل (الطب) أن يكتفي بتقديمه لواجبه المهني فحسب، بل إن دعمه النفسي، وعلاقته الإنسانية (معنا) كان لها كبير الأثر.

نقلتُ إليه شعورنا وقتها، (رغم الفزع) وبأن اليد الخفية للإنسانية التي كان يقدمها كانت أثقل وأعمق أثرًا من واجبه المهني، وأنّ بعد أن انتهى كل شيء اليوم.. لم يبق في الذاكرة سوى وقوفه الإنساني إلى جانبنا..

كان بودي أن أوصلَ ذلك، وأصرَّ عليه أن يبقى كذلك، وأنه (كطبيب) لا تقتصر علاقته بمريضه فحسب، بل تمتد أيضًا إلى أهله الذين أصابهم سقمٌ معنويٌ هم الآخرون..

 

أدركتُ أن رسالتي وصلت.. لكن الذي لم اُدركه هو صمته المفاجئ، وتلك النظرة التي غزت عينيه بتأثر.. كم كان بودي أن أبكي، أو أن أراه يبكي.. لكننا كنا أقوى مِن أن تختلط دموعنا بكلماتنا.. فانتهى الحديث بتكبير وإجلال لنعمة الصحة، وبحمدِ وشكرٍ لله على أي منحةٍ يُهدينا إياها، وبرضا وصبرٍ على الموت وتوابعه..

خرجتُ من الباب بشكل مغاير عن الذي دخلته، وقد أحسستُ بخفةٍ وعيناي تبتسمان للممرضة عند رحيلي، وذاك الكرسي المواجه للباب الخارجي الذي جلست عليه أمي كثيرًا، كأنه يبتسم لي، وكأنّ أمّي التي تجلس عليه مسرورةٌ بلفتتي هاته.. أحسستُ برضا لم أحدد سببه، كل الذي قطفته من مشاعر حينها

أنه ما أجمل أن نتعايش بمصداقية وعفوية، وأن نعطي لكلّ لحظة من حياتنا وقفةً خاصةً تستحقها.

 

 

 

 

 

سلـمـى 

 [ واجــبٌ لابــدّ مـِـنـه ] بأمـلـي .
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¨ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ©
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آµط·آ·ط¢آ¸ط·آ¸ط¢آ¾ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ­ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ©