كلمات..كلمات وحروف, وأول مرة ادقق انظر فيها , أتحقق من شكلها وطريقة رسمها فأتبع الحرف من أوله وأسير مع انحناءته إلى أن أصل إلى آخرة ثم أقول كيف لك أن تعبر عني ؟ هل أنت أمين ؟ لم إذن دائما اشكك في ذمتك واشعر بالريبة منك.. ؟ ثم أجدني مرة أخرى انحني عليك وأتوسل سكونك وصمتك أن تحمل عني ما في داخلي حتى إذ دققت وجدتني خاليا مجوفا..إلا مني !
أيها الحرف لم خلقت صامتا ؟ فليتك تتكلم عني فأن صوتي لا يصل كل الآذان.. أيها الحرف لن تجد أصابعي تبحث عنك بعد اليوم ! انه آخر عناق..!!
انه ذلك اليوم , اليوم الذي انتظره منذ زمن وترقبته في كل ثانية تمر..!! تصورته وعشته , فزعت منه وتمنيت مجيئه..!! فسمعت دهشتهم من حولي وأصواتهم التي أميزها جيدا.. لكن انشغلت عنهم ! لم اعر دموعهم أي اهتمام ! حتى صوتها الحنون الذي كنت أرى فيه كل الدنيا لم يحركني هذه المرة.. ! عذرا أمي.. سامحيني لا استطيع أن أحضنك وابعد الفزع الذي حل مكان قلبك الكبير ..سامحوني يا من كنتم حولي فأنه يوم الرحيل.. اعرف أن بعضكم سينساني بسرعة وبعضكم سيعمد إلى كل شيء يخصني ويحرقه ويتلفه ويمزق كل ذكرى قد تألمه وتجري دموعه...
ورأيت كل من يحبني ويكرهني يجتمعون على حملي والسير بي.. رأيت صدقهم وأقنعتهم !وشاهدت غفلتهم التي سكنت القلوب والعقول !! ماذا ألا تروني ؟ ألا تعرفون إلى أين تسيرون بي !!؟ فخذوا عيني وسمعي وأفيقوا !!
وسمعت شهقاته عند رأسي فعرفته, هذا أنت يا أبي الغالي ؟ تحملني على كتفك !! أرجوك وهل مازال فيك ما يتكبد عنائي إلى آخر لحظة ؟ لا تبكي أيها العظيم فأنها دموعك الغالية... ليتني استطيع أن أدنو منك واشتم رائحتك , ليتني ما تركت عيني تغمض عنك وأمي..! فهل أغضبتكم يوما ؟ هل شققت عصى الطاعة ؟ وهل سمعت نداكم وتأففت وأهملتكم ؟ فيا حسرتي على كل ثانية.!!
وضعوني بجانب حفرتي , حفرتي ؟ لا ليست لي !! لن أترك في ذاك السواد , في ذلك الضيق..! وكيف ستهيكلون علي التراب ؟ لا أعيدوني أرجوكم...! أو اتركوني أصلي معكم.. الله اكبر...الله اكبر..الله اكبر... عودوا بي لأتوضأ لأسجد للرحمن... عودوا بي لأدق كل الأبواب وأترجى وأتوسل لكل من أذنبت في حقه.. وعودوا بي حتى لا اظلم احد, حتى أتبسم لكل الوجوه , حتى أحب الجميع ولا اكره , حتى أصوم وافطر من رزقه الحلال ثم اشكره الواحد المنان... عودوا لأمسح كل دمعة أجريتها...........
ليس على الهامش :
يا كل من عرفت من ذكر او انثى...سامحوني جميعا على موت او حياة.
ابراهيم نصيب |