كان يجلس قبالتها في المقهى يحاول الهروب من ضغوطات الحياة وهمومها..يتنصل من مسؤولية أُلقيت على عاتقه ولو لدقائق معدودة..المقهى ممتلىء على غير عادته..هي في مقتبل العمر لم تتجاوز العشرينات من عمرها,فتاة حالمة تغطي وجهها غمامة أسى لا شبيه لها كأن الدنيا أسقطت كل مشاكلها عليها..صامتة هي ولكن الدمع المنهمر من عينيها يوحي لكل الحاضرين بمعاني الكلمات التي ان نطقها اللسان جعلت الصخر ينطق امامها لمواساتها..استمر مروان بالنظر حوله..متجنباً ان تلتقي عيناه بها...

فجأة تقترب فتاة لم تبلغ العشرين بعد من عمرها منهما"يا رجل ويحك..بالله عليك انصت الي ان لم تكن تريد الإنصات اليها..انظر الى دمعها ,ألا يحن قلبك لها؟!!أليس بداخلك شيء من الرحمة والمغفرة..ملتح ٍ انت وتدعي الإسلام..ما لك لا تكلمها او تنظر حتى اليها؟؟؟!! رباه ما هذا الجنون!!قل لها شيئاً والله انها نادمة وتحبك...لا تسلني كيف ادركت الأمر..كل الحضور لاحظ ذلك..يا رجل حرام عليك ما تفعله بها.." وعانقت الفتاة وهي تبكي ..والفتاة منبهرة ولا تدري ما تقول..

-"يا رجل,صاح احدهم,ليس عيبا ًان تعفو ا وان تعتذر منها..العيب ان لا تصفح.."

-"صحيح ..صحيح.."اجاب عدد كبير من الحاضرين..

لم يدري مروان ما يصنع,ولكنه قام من مقعده ووقف قبالتها..نظرت اليه بحيرة..بدت خجلة من نفسها كثيراً,حاولت مسح دمعها..ولكنه منعها..وضع يديه على خديها..ونظر مباشرة الى عينيها.."سامحيني يا ملاكي..انا جد اسف..قد جرحتك كثيراً واريد اللحظة ان اقول لك بالفم الملأن أحبك.."

صفق الحضور لهما وتعالت صيحات الفرح..امسك بيديها واستأذن الحاضرين لدقائق معدودة..

-ماذا تفعل يا معتوه؟؟؟انا حتى لا اعرفك..لم اجد مكانا في المقهى فجلست بجوارك..كيف تفوهت بهذه الكلمات امام كل هؤلاء؟!!مجنون انت..

- بل عاقل ..انظري الى نفسك..انا ايضاً لم ألتق بك الى الليلة..ولكن القدر شاء ان يظن جميع من في المقهى اننا عاشقين متخاصمين..وُضعت في موقف محرج..وانت ايضاً مثلي وضعتي في نفس الموقف..فارتأيت ان افعل ما فعلت علَهم بذلك يتركوننا وشأننا..فنرحل بسلام كل منا بهمومه وعذاباته الخاصة..مجدداً أعتذر اليك فتقبلي اعتذاري..ولكن يا ليت لو تدخلين المقهى معي..تشربين كأساً من الشاي او ما شئتي فنرحل سوية امامهم وما ان نخرج نفترق ولا نلتقي ابداً على طاولة واحدة..

لم تدري ماذا تقول له"حسناً ولكن لن اجالسك لأكثر من خمس دقائق"

-اتفقنا..قالها فرح بنفسه..

تشابكا الأيدي ودخل واياها المقهى والجميع يحييهما بفرح..

مرت الدقائق الخمس..ثم خرجا مودعين الحضور..

-شكرا لك يا ...

- مروان..مروان حسون..وانت ؟

- اميرة..أميرة الوفى..اعذرني ولكنني كنت مثلك ملبكة..ما فعلته اسعدني جداً رغم الإحراج الذي وضعتنا فيه الفتاة..

ضحكا,تصافحا بخجل..وذهب كل منهما في سبيله..