*¤!||!¤* لـــــوحـــــة مـــطــريـــة *¤!||!¤* بـقلــمي
ط·آ·ط¢آ¢ط·آ·ط¢آ®ط·آ·ط¢آ±
ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آµط·آ¸ط¸آ¾ط·آ·ط¢آ­ط·آ·ط¢آ©
شهد ع

  • ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ´ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ±ط·آ¸ط¦â€™ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¹آ¾: 16172
    ط·آ¸أ¢â‚¬آ ط·آ¸أ¢â‚¬ع‘ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ· ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¹آ¾ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ²: 3497
مشرفة سابقة
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
شهد ع

مشرفة سابقة
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ´ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ±ط·آ¸ط¦â€™ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¹آ¾: 16172
ط·آ¸أ¢â‚¬آ ط·آ¸أ¢â‚¬ع‘ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ· ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¹آ¾ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ²: 3497
ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ¯ط·آ¸أ¢â‚¬â€چ ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ´ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ±ط·آ¸ط¦â€™ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¹آ¾ ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ¸ط«â€ ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ§: 2.3
ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ£ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸أ¢â‚¬آ ط·آ·ط¢آ° ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ¥ط·آ¸أ¢â‚¬آ ط·آ·ط¢آ¶ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦: 7074
  • 23:42 - 2010/10/04

 لوحة مطرية

 

      دُقت نواقيس الخريف . تعرت الأشجار إلا من بضع وريقات خجلى يسترن ضعفها . بهتت الشمس فغدت أشبه بعجوز خطفت رهبة الموت لونها فغدت باردة شاحبة تنتظر سحائب قدرها لتسرق بقايا الروح التي ذوت في جسدها . تكومت الغيمات متراكبات منها ما حملت حملا خفيفا و منها ما أثقلت. كان كل شيء صامتا عدا صفير الرياح المتبخترة في حارات و أزقة القرية الصغيرة التي بدت قاعا صفصفا خاويا على عروشه. تشتتت البيوت الصغيرة بلا انتظام متناثرة كحطام سفينة أصابها إعصار فمزقها و فرَّق كل شلو فيها عن الآخر. تحت سقف قرميدي أنيق من بيوت تلك القرية الصغيرة ،نشأت نسمة ذات العشرة أعوام في رعاية عمها جابر ذي الثلاثين ربيعا فكانت له ربيع دنياه و كان لها قلبا منه تستمد الحياة .

 

     صبيحة يوم خريفي غائم, استيقظت نسمة على وقع حبات مطرية لؤلؤية على النافذة الصغيرة يسار غرفتها فتفتحت حواسها كزهرة برية أنعشتها قطرات ندى صباحية اهتزت لها طرباً. بخفة طفولية أزاحت بطانيتها الثقيلة و أسدلت قميصها على ساقيها الرفيعتين و وثبت صوب النافذة ساعية لنسمات خفيفة تداعب شعرها البني و قبلة مطرية صباحية دافئة يغلفها برود الخريف العاتي . لحظات مرت و الصغيرة واقفة تراقب و قد تفتر ثغرها عن ضحكات صغيرة مكتومة تنفث دفئا في النافذة أمامها فتلفظ الأخيرة بضعا من برودها و تكومه ضبابا خفيفا يفسد على الحدقات الصغيرة متعتها في السفر إلى ما وراء عوالم النافذة . ارتكزت الصغيرة على أطراف أصابعها و رفعت جسدها النحيل في محاولة لفتح النافذة و كسر حواجز البعد التي فُرِضت عليها ليغدو لقاؤها مع المطر مباحا و واقعا تفرضه هي لكن انفتاح باب غرفتها كان أسبق فارتبكت الصغيرة و سارعت تعيد اعتدال جسدها و وقفت تداعب خصلة من شعرها و عيونها تبحث عما يلهيها عن النظر إلى عيني عمها المعاتبتين و الذي ولج الغرفة بهدوء حانٍ و دونما سابق إنذار.

-          " ألم نتفق على عدم فتح النافذة في الصباح الممطر حتى لا تمرضي ؟" قالها و ابتسامة هادئة استكانت على شفتيه.

-          " صباح الخير عمي " قالت نسمة مراوِغة لتتدارك موقفها .

-          " صباح الخير صغيرتي " قالها ثم صمت فأتبعت الصغيرة و يدها لا تنفك تعبث بشعرها و الخجل ينفث دفأه في وجنتيها: " بلى ، لكنني أحب المطر. أتعلم لماذا ؟"

لم ترقب جوابه بل تابعت و مشاعرها تتأرجح بين سعادة و حزن يتناوشانها  : " لأنني سأرى أمي ".

كان ينتظر تلك الإجابة فقد اعتادها كلما طرقت باكورة المطر الخريفي سقفهم كل عام . بقيت ابتسامته الصغيرة منحوتة ملعقة على شفتيه لا يستطيع منها انفكاكا.

-          " بدلي ملابسك و اتبعيني ". قالها باقتضاب ثم غادر تاركا الصغيرة غارقة في بحر حيرتها تماما ككل عام .

ذوت نظرة الألق في عينيها و أفلح الحزن مجددا في السيطرة على ملامح طفولتها و هي تبدل ملابسها ببطء ساكن كأنها انتزعت من أعوامها العشر و غرست في جسد عجوز هدها الدهر و أحنى ظهرها.

 

     في غرفة الطعام جلس جابر ينتظرها و نيران عطفه تكويه و هو يغرق ساهما يبحث عن نقطة أمل في المستقبل تطمئنه أن هذا سيكون آخر عام يسعى فيه لذاك اللقاء البارد الحارق لقلبيهما.

-          " أتيت عمي " جاءه صوت الصغيرة حنونا بمسحة حزن ألفها .

-          " هيا حبيبتي ، تناولي طعامك لأرتب لك شعرك و نغادر " قالها و ابتسامته المستكينة لا تراوح مكانها و تزيد صغر عينيه الهائمتين .

أمامه جلست بأناقتها التي منحتها سحرا خاصا يغذي جمال قسماتها الناعمة الرقيقة. كان  ثوبها الوردي المخملي و الذي انتثرت عليه ياسمينات بيضاء يزدن جماله و يبعثن الروح في روعه و يضفين شعورا بالحياة على المشهد الذي لا يزداد إلا قتامة يلقي بظلاله الدافئة فيزيد احمرار وجهها المكتنز . تناولت بضع لقيمات تلوكها على مكث بلا وعي و لا استمتاع ثم نهضت لتجد عمها – تماما و كما في كل عام – يفترش الأرض في غرفته و يداعب مشطها بانتظارها.

تومئ بابتسامة صغيرة فيبادلها مثلها ثم تستقر قريبا منه فيداعب شعرها بكفه قليلا ثم يبدأ في ترتيبه بيد حانية اعتادتها الطفلة فاستسلمت لها و أسلمتها دنياها.

-          " لماذا مات أبي يا عمي ؟" تنطقها بهدوء و وجهها مدفون في صدر فستانها فيخفي ملامحه و نظراته و عبراته.

ينجذب شعرها بين يدي عمها قبل أن يجيبها و ابتسامة الألم لا تفتأ متكئة على شفتيه : " مشيئة الله يا حبيبتي" .

-          " إنك تؤلمني "

-          " أعتذر " ثم يتابع الطقوس التي اعتادها و ينهيها بربط  خصلة جانبية من شعرها بشريطة بيضاء حريرية  تتناسب و الياسمينات على ثوبها.

-          " لماذا تركتني أمي؟ " ترسل عينيها لتتلاقيا و عينَي عمها فيعاود تصحيح ابتسامته الآمنة و يجيبها  : " لأنها تزوجت و زوجها لا يريدك ". ثم ينتهي المشهد المتكرر بقبلة عميقة في جبينها و دفعة صغيرة تستحثها على النهوض فتنهض و ترتب ثوبها و تستخرج زهرة وردية من إناء صغير في غرفة عمها و تلوح بها برفق قائلة : " هذه لأمي . ليتها تأخذها مني".

 

     كان الطريق موحشا مقفرا ضيقا أشبه بلحد ممتد لا يُسمع فيه سوى وقع أقدامهما. نسمة و جابر يخطران وحيدين كأنما خشعت الأصوات و الطرقات و كل ما يمت للحياة بصلة احتراما لطقوسهما السنوية في المرور من تلك الحارات. يسيران ببطء كمحكوم يساق إلى مقصلته. تداعب الصغيرة يسرى عمها بيمناها و تداعب يسراها عرق الزهرة الرفيع . تزفر بتأنٍ ، ترفع رأسها و ترى عمها و قد أبحرت عيناه إلى مكان قرب اللامكان فتطأطئ رأسها مجددا و تسأل بملل رتيب :" ألم نصل بعد ؟".

-          " قريبا سنصل " ينطقها بسرعة ثم يعود الصمت ليعلن سيطرة محكمة كحظر التجوال .

 

     يسيران عدة أمتار لاحقة ثم يقفان قرب محطة الحافلات التي شهدت وقفتهما تلك مذ بلغت نسمة عامها السابع و شعرت بحنين يجذبها ناحية أمها التي لم تكن تعرف منها إلا ظلمات ثلاث نمت داخلهن طيلة تسعة أشهر و بضع ومضات تجود بها عليها ذاكرة طفولتها. ينظر جابر بيأس إلى ساعته و يتمتم لنفسه : " هذا موعد وصولها ". لحظات قصيرة تمر يشعر بها الاثنان عمرا آخر يضاف إلى خريفي عمريهما حتى تظهر عبرالأفق حافلة عمومية تقف أمام المحطة . تتسع حدقتا الصغيرة و هي تثبت نظرها ناحية باب الحافلة  و تتفحص النازلين على درجاتها الصغيرة حتى تلمح طيف أمها الذي لم تعرف تفاصيله إلا قبل ثلاث سنوات.

 

     بعفويتها الطفولية تحاول تخليص يدها من يد عمها الذي يزيد شدة قبضه عليها فتتقافز بمرح بريء ملوحة بالزهرة في يسراها و تنادي : " أمي ، أنا هنا. لقد أتيت. هذه لكِ أمي .. أمي ردي علي .. أمي تعالي .. أمي لا تذهبي .. أمي أريد أن أراكِ .. " . تنزل الأم من الحافلة ببطء ، ترمق جابر و الصغيرة المتقافزة إلى جواره بنظرات باردة ، تعدل حقيبتها على كتفها ثم تسير من أمام الحافلة لتنتقل إلى الجهة المقابلة من الرصيف و يسدل الستار على وجودها كأنه لم يكن . يستوطن الوجوم وجه الواقفين حينما تمزق نسمة الزهرة بين يديها و هي تصرخ بصوتها الحاد : " إنها لا تحبني . لماذا أنجبتني ؟ لماذا تركتني ؟ لماذا رحل أبي و لم يأخذني؟" ثم تدس رأسها  أسفل سترة عمها و هي ممسكة ببنطاله بشدة لتغرق في موجة بكاء أليم تتزامن مع قطرات من المطر تنسل برفق من بين الغيوم فتضفي على المشهد لحنا حزينا يُعزف دونما انقطاع في حين لا يملك العم الصغير إلا أن يحتضن الصغيرة و يغطي ظهرها بذراعيه و يتركها لتكمل رسم آخر رتوش تلك اللوحة المطرية. يسير بها بطء ليستقرا تحت مظلة موقف الحافلات ، ينزل برفق أمامها ، يمسح دمعها ، ينفث في راحتيها ثم يقبلهما مبتسما و يومئ بعينيه الصغيرتين قائلا : " لنعد إلى البيت أميرتي الصغيرة ". 

 

      يزداد المطر هطولا ، تختلط  ألوان اللوحة بعشوائية ، تذوي ملامحها  ثم ... تتلاشى.

 

واقع

برسم قلمي

4/ 10 / 2010 م

 

 

 

 

 

 

                                                                                                           

 *¤!||!¤* لـــــوحـــــة مـــطــريـــة *¤!||!¤* بـقلــمي
ط·آ·ط¢آ¨ط·آ·ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ©
ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آµط·آ¸ط¸آ¾ط·آ·ط¢آ­ط·آ·ط¢آ©