( ذِكرى مِيلاد الأشْواق الموؤودَة... ) بقلمِي...
ط¢ط®ط±
ط§ظ„طµظپط­ط©
Gatila

  • ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 25481
    ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 8111
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
Gatila

كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 25481
ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 8111
ظ…ط¹ط¯ظ„ ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ ظٹظˆظ…ظٹط§: 3.9
ط§ظ„ط£ظٹط§ظ… ظ…ظ†ط° ط§ظ„ط¥ظ†ط¶ظ…ط§ظ…: 6602
  • 16:54 - 2010/07/13

  ذِكرى مِيلاد الأشْواق الموؤودَة..

 

 

 

 

 

 

 

 

ولد شوقِي الموؤود من رحم نفسي بعد مخاض سنين طويلة، و بينما كَان لا يزال مجرد مضغة حنين في مهد مفروش بمنديل الأسى، كان له أول لقاء مع طلة القمر البهِية التي رآها بعيونه العفوية، فتلقفت عدسَات مقله نور البدر المتدفق بأهداب كلها إمتنان، كهدية حياة جادت بها عليه صفحة السَّماء، فكانت بردا و سلاما على براعِم الروح الخافقة، في قرار بحر بُؤبؤ العيون المتبتلة.
بعد سَاعات من لقاء العمر الذهبي، أعلن القمر بغتة كُسوفه السرمدي بدون سابق إشعار و لا إنذار، لأسباب مجهولة تحتفظ بها ثقوب الكَون السوداء، و في رواية أخرى أنه لم يعد يطيب له السباحة في فلك مجرة هذا الإنسَان، و أن فضائه الكبير ما عاد ليوفيه مقامه الجمِيل، فزهد القمر في درب التبانة و حمل نجومه معه إلى مجهُول المجهول من رحابة هذا الكون الفسيح.
ما تحملت العيون و لا إستحملت لوعة مَرار الفراق، حتى زهدت بعد هنيهة في كل النور الذي تصْدح به الشمس، و أقبلت على غياهب السواد، تبحث في ثناياه على أدنى قبس يحيل على مرور طيف القمر، حتى إسودت مع مروق الأيام كل أمَانيها، بعدها بفترة و جيزة أصاب العقل مس من هلوسات الجنون، فبينما أجناس الخلائق في لاوعيها نائمة، عيوني الحالمة في دجى الأرق ساهرة، و بينما البشرية في وضح النهار بأعمالها لاهية، تبحث عيوني الحائرة عن وميض لقمرها المنشود، حتى إحترقت من الصبابة قزحياتها، و أصبح التحسس ببنان الإحساس دليلا يقود بصيرتها.
مرت سنين و سنين و أنا أهيم على وجه الأرض، و كان كل يوم فيها يرسم خطا من التجاعيد على الجبين كتوقيع للقدر، حتى تكالبت على النفس خيبة الظنون من كل صوب و حدب، و أتى الهذيان على ما تبقى من ميراث يكتنزه العقل في العبث، و ما عاد الجسد النحيف ليتحمل وطأ الأحاسيس على قدميه الهزيلتين، فقد نخر الإحباط عظامه فغدت من الرميم، و نال الشجن من حصانة مناعته الهشة.
نعم، مرت سنين طويلة و إسمي مدرج في قائمة الأحياء على الأرض، ممن أعتقوا أرواحهم بإحسان و إستعصى عليهم ذر رماد أبدانهم في الفناء، أجوب الدنيا و ليس لي فيها غرض من حاجة، فالعين و قد أصابها رمد و عمَى ألوان، فما عادت لتميز بين رياض الياسمين من شواهِد المقابر، و الفؤاد قد أصابته لعنة الشتات القيسِية، فما عاد ليستكين أو يرضى بمستقره في قفص الصَّدر، و الروح و لازلتُ في رحلة بحثي عنها، فقد إنتهزت فرصة شرود بالي و شدت رحالها إلى مهد الأشواق البعِيدة.
كُنت أكثر من التجوال في دهاليز الماضي، و في كل مرة كنت أتوقف عند عناوين أروقة الذكريات لسنوات و سنوات، أتبسم لتلك الذكرى و أنكس العلم للأخرى، و كنت أجلس القرفصاء كلمات وقع على الأذن صدى لهمسات تنساب من مزامير الوصال المكسور، أصغي في طقوس إنتباه شديد تحط معها على رأسي الطير من السُّكون، محاولا أن أتقمص و لو لهنيهة دور بطولة في كواليس حياة أخرى.
و عادة ما كنت أتوه مرارا و تكرارا، عند ولوجي متاهات أحاسِيسي، و التي تتشعب على متاهات أحاسيس أكثر غرابة، تتبعثر على أرضيتها أوراق شعر عذرية و مرثيات خالدة.
حتى إلتقيت ذات مرة و بدون سابق ميعاد، بشبح لبِس عباءة الأحلام في المنام، لا أعلم إن كان من الإنس أو الجان أو الأوهام، كَسديم إنبعث من اللامكان و اللازمان، فجزعت منه فرائِص نفسي، فدنا مني و بفراغه تحسس وجهي المفجُوع، و مع أني لم أحس بأي شيء، فقد ذهب بالخوف من تقاسِيم خدودي، و قال :
صَغيري، قد رق فؤادِي على حالك، و راعني ما جرى لك، فإذهب إلى جبل النِّهاية تجد على قمته ما يسر حالك..
قلتُ :
حفظت خرائط مشارق الأرض و مغاربها شبراً بشبر، و ما علمت على رقعتها للنهاية قمة يسعى إليها الناس، بل هاوية تخسف بالأسَاس..
فقال :
يا صغِيري لا تجادل، فأسئلتك لا تحل بروتين المنطق، و دوائك ليسَ في عيادة الأطباء، فالحياة أكبر من أن يختزل معانِيها عقلك الصغير..
فقلتُ :
إذن، إلى أعلى قمة جبل النهاية و لا محَالة..
و بينما أن سائر بين فجاج الألم في سَعيي إلى قمة النهاية، كنت أترك أثرا غائراً على الأديم بأقدامي الحافية، التي إستنزفت منها أشواك الندم الحادة، كل قطرة من دمِ الأمل تجري في عروقها المرهفة، كَقرابين تفدي بها الذات المنكوبة بقايا من عنفوان روحها، حتى بلغ الضر مني مبلغه، و الجسد المكابر يرفض أن يعترف بعجزه و تعبه، بل أكمل تسلقه لجبل المنى على أمل أن يلمح من على قمته بشارة سعدٍ في المدى، أو أجوبة تشفي غليل أسئلة تعصف بسلام الوِجدان، و على طرف اللسان تجري حروف منسية من قصيدة ما نيل المطالب، فما أكملتها حتى وقع بدني المتصدع على وجهه مغشياً عليه، بعد أن أجهزت عليه ضربة قاضِية من شمس الجفاء، و ما إستسلم، بل زحف على أربع و هو يحبو، متشبتاً بالصخور الناتئة و حتى بالتراب المخضب بدمائه، و في الفضاء تتردد ترنيمة من صوت الشهيق الهادر و الزفير الخافت، كَنذير بسكرات الإحتضار.
حتى بلغ حافة القمة، فإستجمع كل قواه و على جروحه تعكَّز حتى وقف على قدميه، و ما إن طلبت هامة نفسِي أضغاث العلا، حتى أحسست بيد خفية تدفعني بقوة من الخلف، فترنحت إلى الأمام و إلى الخلف ثم سقطت متدحرجاً من أعلى القمة إلى سفح الجبل في وادي الموت.
و بينما و أنا بالكاد أستجمع آخر أنفاسِي، لأحاول التفكير في ما الذي دهَاني..
إذ بالطيف يتجلى من جَديد أمامي،
فقلت :
أأألمْ ترى من.. ؟
و قبل أن أتم كَلماتي قال :
يا صغِيري فلتكن أنت آخر من يعلم، أني أنا بلا فخر يأسك المتين، و أنا و الحياة في الحقيقة ضدان، و أنا هو أنت و أنت هو أنا، فإما أنت و إما الحياة، و أنت ميت بالحياة، فقصرت عليك و علي طريق العَذاب..
فلفظت أنفاسِي الأخيرة و البسمة لأول مرة تعلو محياي، فلم أعد أفقه أي شيء...

 

 

 

 

بقلمِي و من عمق خيَالي... 

 ( ذِكرى مِيلاد الأشْواق الموؤودَة... ) بقلمِي...
ط¨ط¯ط§ظٹط©
ط§ظ„طµظپط­ط©