.الحب الحقيقي.
استفاقت ليلى حوالي منتصف الليل الجاثم على صدر المدينة..عبر تلك النافذة تيقنت
ان شمس الحقيقة لازالت بعيدة البزوغ..و لكن دفاتر الذكريات فًتحت امامها،و هي
مستلقية على فراشها..أعادت و كعادتها شريط الماضي فأجهشت بالبكاء..شربت من
ماء ينبوع تلك النجوم الهاربة التي ما كانت تحسب انها الى الأفول..و بعد الوصال..
عاشت سعادة ،و لحظات مُتع و آمال..و شمخت كما الجبال..و هي الآن لازالت
تتساءل كيف أفِلت تلك النجوم رمشة عين..و اختفت تلك الينابيع مخلفة و راءها
جرحا لم يندمل،و خيط دخان...قالت تلك هي تجربة سأعلقها على الجدار للذكرى
ماحييت و للعبر..و سأًصارع من أجل البقاء و النقاء.. و لن أسقط في القادم من الايام...
و أثناء سفرها الطويل على أرض الله..إلتقت أحدهم بعد أن جاءها بصفات سامية..
قال لها كلاما لم تسمعه من قبل.. و زعم أنه المنقذ و العالم و العارف بأغوار النفس البشرية..
فسلمته مفاتيح قلبها متناسية وسام الجدار.فدخل أعماقها و بنى قصورا للحب فسكن..
و استسلمت لهذه العظمة الخرافية التي احالتها الى رماد للذكرى..هي الآن تائهة بين
أزمنة الجراح و الأساطير السرابية ،و تحاول ان ترسو على شاطيء الأمان..خمنت ان
ان الليل بدأ يتلاشى أمام زحف الخيوط الأولى للفجر و أنها ستمضي قدما لآخر الصراع..
فاذا بالمنادي ينادي..الله أكبر..الله أكبر..اشهد أن لا اله الا الله..اشهد أن لا اله الا الله....
.انه اذان الفجر يعلو ليضيء المكان ..هيبة و روعة و صوت المؤذن. باهتمام كانت تسمع
هذا النداء. فحرك فيها احاسيس من نوع آخر ..أوقفت دموعها..و كأن زمنا آخر حل بكل جوارحها
تيقنت انها خُدعت في كل حب مضى..احست بقشعريرة تغزوجسدها..و تذكرت عيش السراب ..
و رحيل الاحباب.. و انها من التراب و الى التراب..ازاحت الغطاء و الغشاوة..فخرجت هناك،و توضأت
ثم صلًت.. و لأول مرة تنسمت عبير سعادة من نوع آخر..هدوء و سكينة و تلاوة القرآن..انه
حب آخر طالع من أعماقها..فأدركت أنه حب الله-الحب الحقيقي- لعباده التائبين الراكعين الساجدين..
و أقسمت مع طلوع ذاك الفجر أن تلتزم و أن تحافظ على هذا الحب العظيــــــــــــــــــــــــــــــم.
بقلم :جد عمر