وقد تقدمت الدراسات الدستورية والقانونية في هذا الوقت وأصبحت لها أبحاث ودراسات مستقلة مما يتطلب من الباحثين والمفكرين المسلمين المعاصرين أن يؤصلوا الدراسات الدستورية ، ويبينوا وجهة النظر الإسلامية ويستنبطوا الأحكام للوقائع المستجدة ، وإذا نظر الباحث إلى الدراسات الدستورية المعاصرة ، يجد أن الذين تعرضوا لهذا الموضوع ، منهم من يغلب عليه الطابع القانوني البحت ، ومنهم من يعرض الموضوع بشكل عام دون تفصيل ، ومنهم من يبحث جزئيات من الموضوع عند دراسة النظام السياسي الإسلامي ، مما يجعل سير الباحث في هذا الطريق صعبا وشاقا .
إن أهم مصادر هذا البحث تتركز في كتب السياسة الشرعية ، والكتب والدراسات الدستورية والقانونية الوضعية ، والكتب المعاصرة التي تبحث في النظام السياسي ، بالإضافة إلى الوثائق والنصوص المشتملة على بعض القوانين والنظم المطبقة في بعض البلدان .
ومن أهم الصعوبات التي واجهتها في هذا البحث ، قلة المراجع الحديثة التي تخدم موضوع البحث ، وبخاصة الدراسات التي تبحث في النظام الدستوري الإسلامي بحثا مقارنا مع النظم الوضعية ، أو تلك التي تؤصل للنظام الدستوري الإسلامي وتبين أحكامه وقواعده من مصادره ومظانه الأصلية من الكتاب والسنة وما سطره علماء المسلمين الأوائل في هذا المجال .
كما أن حساسية البحث في الموضوع تشكل عائقا أمام الباحث في هذا المجال ؛ نظرا لخطورة الموضوعات والمباحث التي تتعلق بهذا الجانب ودقتها .
ولقد حاولت أن أقدم هذا الموضوع بشكل متكامل ، جامعا فيه خلاصة ما اطلعت عليه مما كتبه الآخرون ، محللا لبعض آرائهم ، ولا أزعم أنني أعطيت الموضوع حقه كاملا ، ولعل عذري في ذلك أن الموضوع لا يزال بكرا ، ولم يحظ بدراسات علمية شاملة وعميقة ، ولكنني حاولت وبجهد المقل أن يكون البحث شاملا ، بقدر الاستطاعة وكم تمنيت أني قد توصلت إلى نتائج أكبر مما كان .
والمجال متسع للباحثين فيما بعد لاستكمال البحث في هذا الموضوع ، والتوسع فيه ، والعناية به بشكل أكبر .
ولقد ابتعدت قدر الإمكان عن العاطفة الشخصية والآراء المسبقة ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، واستخدمت عدة مناهج علمية حسب ما اقتضته طبيعة البحث ، فاستخدمت المنهج التاريخي فيما كان له الطابع التاريخي من البحث ، أو نسق من أقوال العلماء ، ثم التحليل على أساس تلك القاعدة ، أو ذلك النسق ، واستخدمت المنهج المقارن عند الحاجة لمقارنة الآراء والحجج مع بعضها .
ولقد تم عزو الآيات القرآنية إلى سورها وتخريج الأحاديث النبوية التي تم الاستشهاد بها في هذا البحث ، كما أرجعت الاقتباسات والنقول إلى مراجعها في كل مكان يتم فيه الاقتباس أو النقل ، وأثبت أهم المراجع في فهرس مستقل في آخر الكتاب .
وبعد : حسبي أني قدمت ما استطعت من جهد ووقت لإخراج هذا البحث ، سائلا الله جل وعلا أن يتقبل هذا العمل ويجعله خالصا لوجهه ، وأحمد الله وأشكره وأثني عليه بما أنعم به من إكمال هذا البحث .
وفي الختام أرجو الله القبول والتوفيق والسداد .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،
كتبه
توفيق بن عبد العزيز السديري