............................( بقلمي ) إهداء الى صاحبة الحقيبة
آخر
الصفحة
ابراهيم نصيب

  • المشاركات: 11666
    نقاط التميز: 4754
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
صاحب ردود قصصية متألقة
ابراهيم نصيب

كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
صاحب ردود قصصية متألقة
المشاركات: 11666
نقاط التميز: 4754
معدل المشاركات يوميا: 1.8
الأيام منذ الإنضمام: 6590
  • 20:43 - 2010/04/15

في مفترق تلك الطرق في ساحة تدعى الانتظار تلتقي النفوس الهائمة تجمعهم يد الأقدار لطل منهم طريقه وطريقته للهروب...وجوه شاحبة مرهقة وقلوب وجلة تترقب انجلاء ضباب المجهول وما تخفيه عجلة الوقت والأيام

إنها محطة القطار السريع وحقائب السفر إما عدة للمستقبل أو أشلاء من الماضي وكل يقطع تذكرته للمجهول

المجهول كلمة مرعبة الكل يهرب منها إلا هو كان يسير نحوها متثاقل الخطوات ليرمي بجسده المنهك على المقعد الخشبي ثم اخذ نفسا عميقا ليخرج الهواء بزفرة ملتهبة من أعماقه جعلته ينتبه ويستيقظ إدراكه ليتلفت حوله ويتفقد المكان لا احد انتبه له الكل غارق في مشاغله ومشاكله حركات مستعجلة وأخرى ثقيلة وراكدة هذا ما بدا له قبل أن تقع عينه على التي تشاطره المقعد لا يفصل بينهما إلا حقيبة صغيرة بنية اللون وقديمة...نظر إلى وجه صاحبتها فوجدها الأخرى في غفوتها تعتصر منديلا ورقيا في كفها الصغير اخذ يتفحص بناظريه هيأتها ويدقق وكأنها أثرت فضوله.. وجه ملائكي ملامح طفولية حاول أن يرى عينيها لكن خصلة من شعرها الأسود منعته وخشي أن تنتبه هي إليه وتراه يحدق فيها...بدت حزينة وآثار دموع لم تحسن إخفائها...

ركب عادل أمواج فكره وتساؤلاته ترى إلى أين هي ذاهبة؟؟ لما كانت تبكي ؟ هل هو آثار الوداع آو الفراق؟؟ ما اسمها ؟ سأل لا يعرف لما خطر على باله لكنه انتقل من فضوله وتساؤلاته التي لا تنتهي إلى حاله وما انتهى إليه...سبع سنوات من البطالة كانت كفيلة بان تدمر أحلامه وتصوراته...أنهى تعليمة الجامعي واخذ الشهادة التي أصبحت صورة تعلق على الحائط والغبار يتراكم عليها وهو لا يكلف نفسه تنظيفها وكأنه شامة بها حاقد عليها تلك التي أمضى أجمل سنين عمره في التعب والسهر ليحصل عليها الآن لا تنقضه من ضياعه...يعلم أن هذا حال الجميع فلا فرص للعمل متوفرة وحتى مقاعد الانتظار تحتاج واسطة لحجزها لقد مل وتمكن منه اليأس...

كان قراره بالسفر هو الحل الأخير بنظره فإلى متى سيظل يأكل من معاش والده الذي تركه لهم والذي بالكاد يكفيهم سد الحاجة...قرر الرحيل وان يعمل أي شيء ليدبر قدرا من المال يكون تذكرته لتجاوز الحدود والسفر إلى الخارج حيث تكمن السيارة الفخمة والرصيد في البنك وبيته الذي تخيله وزوجه.. لا يهم أن تكبره بثلاثين سنة المهم أن يحصل على الأوراق والإقامة هذا سم اليأس وما بثه رفقاء لسوئ في عقله المتوقف والمستسلم...

لم يفزع تلك الأفكار إلا صوت صفارة القطار وهو يشق طريقه منطلقا...حاول اللحاق به جرى بكل طاقته محاولا إدراكه ولكن لقد فاته وخلفه كما جرت العادة في كل شيء يريده ولا يدركه في حياته....رجع عادل إلى مقعده حيث كان يجلس وابتسامة الفشل على وجهه

ليجد تلك الحقيبة في مكانها..ههههههههه لم يتمالك نفسه من الضحك...لابد انها نسيتها لابد إنها الأخرى كانت تحاول إدراك القطار في لحظاته الأخيرة قبل انطلاقه..المسكينة..لكنها على الأقل أدركت بغيتها وليس مثلي ههههه..

ليس بكاتب ولم يكن يوما ليمسك القلم ويخط إحساسه...هذا ما أجبرته هي على فعله بعد أن فتح حقيبتها ليجد منديلا زهري مورد وكراس خواطر تبعثر فيه كيانه كما سطورها الغير مرتبة.. كان كل ليلة يجلس طويلا والقلم في يده...ظاهره يحاول الكتابة وباطنه غارق في سر كلماتها وأحاسيسها...كان يأخذ بيده كراس خواطرها ويمر بإصبعه على كل حرف كتبته وكأنه يتبع ما خطته أناملها...عشق سر كلماتها تعلم أن يتذوقها إلى النهاية..

عرفها من كلماتها وتصورها بآلاف الصور..لكن لما يحدث له هذا هل هو سحر أم هذيان أم هو عشق تعدى جسور الواقع...لقد أصبحت جليسه في وحدته بل ألف الوحدة لأجلها نسى واقعه ومشاكله وعاد الأمل يراوده ليرسم أحلاما بغد أفضل

يمر كل مساء على ذلك المكان وأمام المقعد الخشبي حيث إلتقاها فلابد أن يجدها يوما...هو..هو رآها في المنام ويا ترى هل اسمها الحقيقي كما سمعه في ذلك الحلم.؟؟

 

 ............................( بقلمي ) إهداء الى صاحبة الحقيبة
بداية
الصفحة