وقفت امام المرآة تتأمل وتتلمس ملامح وجهها الطفولي الشاحب الذي تتوارى خلفه غمامآت داكنة من سنوات إنتظار الأمل المنشود ..
اغمضت عينيها وتذكرت تلك الصورة الجميلة الراسخة بالذهن والمستوطنة بالفؤاد والتي تطرد ما سواها ..
وأخذت دموعها بالإنهمار.. وكل دمعة تعبر عن موقف و قصة واسئلة استفهامية مبعثرة وحائرة ومشتته ..
استفهامات قابعة في الزوايا وامتزجت مع محيطات الدوائر المغلقة واختلطت مع اوتارها واقطارها ورسوماتها ..
إجابات مغيبة ورياح غريبة وآمال مخيبة .. تلف وتعصف في نفس تلك الطفلة الطاهرة البريئة ..
وغيرت تلك الرياح العاتية بجبروتها تكوين الطفلة الفطري واسقطت أوراق أغصانها واجبرتها أن يصاحبها البرود الذهني الممتزج بسطوة نيران المشاعر المتأججه ..
متغييرات وصدمات ومثبطات ومعكرات.. ومع ذلك مازال بارق الأمل يسبح في شراينها وكل أوردتها ويتحرى كل ليلة طيف ( زائر الليل )
بل زائرالأمل الذي منذ سنوات طويلة يصارع ويجاهد اللاوعي لكي يصل الى تلك الروح التي سكنت أعماق نفسها..
أحاسيس غارقة في عالم اللاوعي ... تارة تغوص في حمم بركانية من الشوق الجارف وتارة تقبع في زاوية الغربة والضياع والبرود حتى مستنقع البلادة الذهنية !
أحاسيس تتنفس وتتوق إلى إبتهالات ونسمات قطرات المطر التي ما إن تحط على أرضها العطشى حتى تعيد اليها الحياة وتنتعش بعد موسم بل مواسم من الجفاف !
كم تمنت أن يكون بيدها قوة خارقة تبعدها عن الواقع المرير وعن قسوة غبار الهجير وتسكنها في حقل مزهر يمطره سحاب من حنان الأمل المنشود..
لكي تعيش في المدينة الفاضلة والأحلام الوردية التي رسمها الفكر بريشة فنان حساس يرى أن كل شيء بالوجود جميلاً ..
فكر يخيل إليه أن كل جزئيات الطيف تتكسر اشعتها وتتبعثر ومن ثم تتجمع لكي تلون حقول وشواطىء مدينتها ...
فتحت عينيها ونظرت إلى صديقتها المرآة
وبكت بحرقة ... وقالت : كم أنت ظالم لنفسك يا قلبي!!!
الأحلام لا تصدق عندما نرجوها ! وإلا لا انتهت كآبـة كل دمعـة ورحلـة كل غـربة !!!!
:::: مسحت دموعها وابتسمت ( قد يختفـي الأمل ولــكـن لا يــموت ) ::::