اذعان
اغرورقت الدموع في عينيه >>> دموع الرجال غريبة فعلا
لكنه لم يكن يبكي لأجله بل لأجل أمه المريضة،
لقد حاول إيجاد علاج لها بكل ما أوتي من قوة ومال ووقت
طرق جميع الأبواب، وباع كل ثمين لديه ...
أخيرا لاحت بارقة أمل أن تتم معالجتها من القصور الكلوي المزمن في مستشفى عمومي مجانا
بعد ترقب طويل لدورها في لائحة الانتظار
هناك لا يصير المكان شاغرا إلا بموت أحدهم...
لكن قرار الطبيب كان كالصاعقة بالنسبة له :
-لايمكننا علاجها هنا لأنها مصابة بعدة أمراض تستدعي وجودها في مستشفى متخصص ومجهز بشكل أفضل
خرج من مكتب الطبيب باكيا حسيرا:
-إذن ستموت أمي بيننا في صمت...
وداع صامت
عانت من الحمى طيلة أسبوع فاضطرت عائلتها لنقلها للمستشفى الكبير
سميرة فتاة في في مقتبل العمر، لم تعاني يوما من أي مرض عضال
حصلت على عمل في احدى الشركات مباشرة بعد نهاية دراستها الثانوية
تعتني بأناقتها وتسرف أحيانا في الخروج للقاء صديقات العمل والتسوق معهن
.....
-هي حمى لم تنفع معها أدوية الصيدلي، وازدادت حالتها سوءا يوما بعد يوم، قالت الأم
-سنجري لها فحوصات مخبرية وأشعة، نحتاج موافقتك على إجراء فحص مرض فقدان المناعة المكتسب
-ماذا تقول يادكتور ؟ أتظن ابنتي ساقطة ماجنة كي تتهمها بهذا المرض المخجل ؟ ردت مستنكرة ومصعوقة
-لا سيدتي، لست هنا للحكم على ابنتك، لكن الحمى المزمنة هاته تحتاج تفسيرا كي نستطيع علاجها
يوجد العديد من الأمراض التي سنبحث عنها، هل ستوقعين أم لا ؟
انتظرت العائلة نتائج الفحوصات على مضض، كانت نظراتهم تمتلأ شكا واتهاما للفتاة المسكينة
حاولت أختها الكبرى نزع اعتراف منها، فما كان منها إلا أن انفجرت باكية وأصرت على الصمت
بالكاد كانت تتذوق القليل من الطعام مرغمة كي تتناول أدويتها...
وأخيرا دخل الطبيب غرفة سميرة، صباح اليوم الثالث، ليطلعها على النتائج السلبية
ويأخذ عينات دم لتحاليل أخرى، ليفاجأ بها جثة هامدة باردة
صرخت أمها التي لحقت بالطبيب وأخذت تضرب صدره وتتهم المستشفى بقتل صغيرتها
-تعازي الحارة سيدتي، سنضطر لتشريح جثة ابنتك كي نعلم سبب الوفاة ...أكان انتحارا أم بسبب مرضها المجهول،
أجاب الطبيب ببرود، ثم غادر تاركا الأم غارقة في دموعها
الرفيقان
هاتف خالد صديقه أحمد كي يذكره بموعد زيارتهما لزميلهما المريض
وافق أحمد مرغما، فهو كان دوما يكره المستشفيات وكل من يعملون بها !!!
حمل الرفيقان بعض الحلوى والفواكه ودلفا غرفة زميلهما الشاحب المنهك، ثم أخذا يسليانه ببعض الأحاديث الطريفة
-كم ستظل هنا ياصاح ؟ سأل أحمد بامتعاض ثم أخرج لفافة تبغ وهم بتدخينها
- ألا تعلم أن زميلنا أجريت له عملية جراحية كبيرة ؟ سيظل هنا عشرة أيام على الأقل، ثم إن التدخين ممنوع هنا
أخرج يامشاغب لباحة المدخنين ، أجاب خالد بغضب مفتعل
-حسنا حسنا، سأغادر حالا، ربما أعودك قبل خروجك من المستشفى،
سأنتظرك بالخارج ياخالد...ثم خرج هامسا: كم أمقت هذا المكان
.......
وقف أحمد يستمتع بلفافته ويتأمل حديقة المستشفى، فجأة لفتت انتباهه فتاة رائعة الجمال رغم هزالها
كانت تتمشى ببطء مسندة ذراعها لقريبة لها، ظل أحمد يتأمل وجهها الملائكي متسائلا عن طبيعة مرضها
نسي رفيقه وأطفأ لفافته بعجلة ليلحق بالفتاة قبل أن تختفي عن ناظريه...
علم رقم غرفتها فادعى أنه قريب لها واستعلم عن حالتها في مقر الاستقبال ...ثم سارع لشراء ورود
وذهب لزيارتها، منتحلا صفة عضو في جمعية خيرية تعنى بمرضى المستشفيات...
تكررت زياراته لرفيق عمله ولفتاة أحلامه خفية عن صديقه خالد
.........
ليفاجأ بخالد متواجدا في غرفة الفتاة في إحدى زياراته لها
-ماذا تفعل هنا أيها المشاغب؟ هل اقتفيت أثري ؟ سأل أحمد مندهشا من هذه الصدفة
ابتسمت الفتاة وتوردت وجنتاها خجلا قائلة :
-أقدم لك خالد ابن خالتي، لكنني أظنكما تعرفان بعضكما البعض
-يالها من صدفة سعيدة خالد، أظنني لن أجد فرصة أفضل منها لأطلب منك يد ابنة خالتك
........
جذبه خالد وأخرجه من الغرفة، ليخبره أنه كان ينوي خطبة الفتاة منذ زمن وأنه ينتظر تحسن حالتها الصحية ليفاتحها بالأمر
- إذن سنخيرها بيننا ياصديقي العزيز، ومن خسر قلبها يرضى ويصافح الآخر متمنيا له السعادة،
...قال أحمد واثقا من نفسه
-سنرى يا صديقي اللدود ....
سلملم للجميع