قصة حروف بالحبر تجري كسيل العرم...
فقط، لتقديم مجرد عذر...

كان يا مكان،
و بالأمس من هذا الزمان،
أن إبتدأت قصة من قصص تقلب حروف حزينة،
فاضت فجأة على سطور مسالمة و بددت و قار السكينة،
و في ساعتها جفَّ بسرعة نبعها، بعد أن غمرها حبر يحمل في جريانه الأمل، و في هنيهة جرفها تيار من طوفانه بعدما كان منه للخاطر جبر، كل قطرة من ماءه الزلال فيها تحفيز للوجدان، لازلت أسمع أثر خريره للآن في طبلة الأذن، يغري فيها النثر ما تحجر من أنامل أشقى البنان، يغرق بالود ذكرى إنسان حد إمتنان العينان، لتقبع بعد ذلك الحروف الحزينة في قعر بحر أهل المعروف و العرفان، يحوطها نفيس المحار و أرقى المرجان، محتصنة بالفؤاد ترفض مداعبة النسيان..
قصة حزينة،
كتبت لها النهاية سعيدة، على يد أنامل ذهبية تنطق بالحكم السديدة، لها في العطاء باع، و صولات و جولات عديدة، أرَّخ لبطولاتها حرفي فكان يجد في كل سطر دروسا في الإيثار جديدة..
بدأت القصة الجِدُّ قصيرة،
بميلاد حروف تعيسة من رحم الذهن، غذتها المشيمة بأحاسيس تنبس بمبهم الأسرار، ثم ولدت بعد مخاض عانت منه لبرهة بنات الأفكار، فبينها و بين الروح يربط حبل سري طوته مني الأخبار، فلم يعرها لسان الحلق في يوم أدنى إعتبار، فمنها صاحبها للآن و من قبل إحتيار، فكيف لمن تحمل بعضا من تقاسيم رسمه تذوق علي يده العذاب، و تذيقه على نقاط حرفها ألوان الإستكبار ؟!، و حتى من ألوان الشجب و الإدانة و الإستنكار، فمن الجفاء عانت منه و عانى على إستمرار، و ما أبه لها في يوم من الأيام، أو حتى بعث ببرقية إعتذار، فأقسمت هي إلا و أن تذيقه منها على مهل جرعات من المرار، فمن قبل على الوفاء هو عاهد ثم ولى الأدبار، فكان كطيف حلم تهشم و نال منه على أرض الصدق إنكسار، و كان وعيدها بأن لا يرق لها جفن إلا أن جعلت كل أيامه أخذا بالثأر، إن لم يكن على صفحة بيضاء، ففي ما يقبع من النفس في غياهب القرار، فغالبت منه عن تمرد القلم بنوع من القهر، عليه إستحوذت فعلى ما تخطه البنان لا يلام فقد أعلنت عليه من قبل النصر..
على اللسان من بعد الحروف تمنعت و قاطعت لغة الكلم، و إختارت سلوك سبيل صمت الأحرار، فكانت كالهدوء الذي يسبق الإعصار، لكنها للقلم بعد ذلك تذللت و هادنت بعد أن شارفت على الإحتضار، فتلقفها بحنان و على السطر خطها حرفا بحرف، و بين كلماتها وأد معاني متضاربة مغزاها للإنس لا يعرف و حتى للجان، و بالجمل البسيطة رواها ثم وارى عليها ثرى الصفحة بكل شرف، بعد أن جعل من الثرثرة لها ستارا و حفل تأبين، و في حقها ما قال أشعار رثاء لكي لا تقع الحروف في زلة لسان و تبوح بسر المحار، و من السفسطة جعل لها وشاحا أسود، يخفي بالصمت ما على القيل و القال تعذر، يحيك من أبجدياتها بالحبر كلمات تستر الأشجان بحثا عن الأمان، قد تنبس بالكثير المبهم لتقول مجرد كلمة عذر، و قد تعصف بالقلم و من قبله بصاحبه إن أحست بشبهة القهر، بدون حتى أن تنذر، عليه و على الخلق فجأة تغير، فقد عدمت مع كامل الأسى اللباقة منذ الصغر، فلا تخضع هي لمنطق إتيكيت بني البشر إن ألم بها ضير، أو تكتم تثائبها عندما تحس بالملل ساحات الضجر، و لا طاقة لها و هي المتشدقة بالرشد في لحظات الوهن على الصبر، مع أن منها دائما يبدو و بصدق الرضا بالقضاء و القدر، لكن لطبع بني البشر تنسب و بذلك لا تفتخر، ففي طرفة عين قد تتفجر كبراكين من مارج النار و الجمر، بعد أن تتحرك حمم من اليأس مكنونة في عمق القعر، فتفيض على مملكة الحروف الآمنة في القصة القصيرة أنهارا من الشر، جارفة في طريقها اليابس و حتى الأخضر، تنثر الرماد في سعيها و تلهم الألم المر، حتى يتجهم من هول خطبها السحاب الباسم من شدة الخطر، و من الحزن على الحياة في السماء يصيب القمر كدر، بعد أن رأى التنكر للجميل باديا في السر و الجهر، حتى باتت الآه و الحسرة خليلة درب السهر، و ما عاد البدر يشهد على ليالي السمر، حيث تحلو الصحبة رفقة إخوة قافلة العمر،
و لا نعلم إن كان هذا من الحروف مجرد واجهة لما ينضح به القِدْر، فبين دروبها تهت حتى إحترت و إحتار معي القلم و أحس بالضجر، فإختار عن طواعية بين أمواج الحياة الرقمية الإبحار، حتى رست به السفينة على ساحل بلاد القصص و الأنوار، فآنست منها الحروف سكينة و طمأنينة بعد أن طواها بين صفحات الطيبة الأبرار،
و كل همها الآن فقط أن يقبلوا منها الإعتذار، ففي الصد لها خراب و دمار،
معه قد تصل حد تمني الإنتحار، فلا طاقة لها على العيش في ظل العار...
و صدقا...
ما أراق القلم كل هذا الحبر...
إلا لتقديم لإخوتي الكرام أبسط إعتذار...
فسلام مسترسل لمن أسر بحرف الجميل أطلال إنسان...
مساقا مع كل معاني الإمتنان.. تحفها باقات من عبير العرفان..
 يفوح منها عبق المسك و العنبر.. يحملها النسيم العليل مع شذى العطر..
على وقع رفرفة أجمل الطير...
و صدقا أكثر...
على التعقيب على ردود سابقة أقرب للدرر قلمي ما عاد يجسر..
فأطلق العنان لحروف عذراء في صفحة بيضاء جديدة حتى يقدم مجرد إعتذار...
فعلا.. ممتن لأهل القصة القصيرة...........................

بقلمي المُمِلْ.. و ناكر الجميل...