ينساب حبر الفرشاة من بين قبضة تلك اليد الناعمة ، تشرع في تلك الورقة البيضاء خطوط أفقية وأخرى عمودية ، تحركه قليلاً نحو اليسار وأخرى نحو اليمين ، أردفت بعذوبة صوتها لا تتحرك لأنك تفسد تركيزي ، ابتسم ، لك ذلك ،انحنت على تلك الورقة تشد عيونها وتمسح عليها ببطء ،_ هل من الممكن أن اسأل ، امممممم نعم تفضل ._ متى تنهي رسمك ؟_ هل اقتحم الملل درع صبرك ._ كلا ... مددي وقت رسمك إياي لأطول فترة ممكنة ._ توقفت حركة يدها اليمنى قليلاً .. لم أفهمك ؟؟_ أريد أن ترسميني ببطء._ لكن لماذا ، ابتسامة شفيفة يطلقها ثغرها ._ لأني استعذب طريقة تحديقك في عيوني ، وكلما نظرتِ نحوي ترتاد عوالم خيالي مديات من الدفء_ أنت هكذا تجعلني افقد تركيزي لا تتحدث كثيراً يا ماكر._ حسناً .ازدادت حمرة الوجنات ، وأخذت عيونها تتوهج بجمالها ، رفعت رأسها ، تلاقت عيونهم هذه المرة وتوقفت عن الحركة،وضعت قلمها من جهته الأخرى في فمها وضغطت عليها بأسنانها ،ثم أبعدته ومع بسمة ساحرة ، أنت اليوم لن تدعنا نكمل أيها الشقي ._ اخبريني ماذا ترسمي الآن._ أقوم بتظليل مناطق رسمتها ... اخبرني أنت ؟_ نعم ؟_ هل تجيد الرسم حبيبي ؟_ أجل ._ تعالت ضحكة حتى ارتد صوتها في ثنايا الصالة ، لم تخبرني انك ترسم وقد مر على خطبتنا حوالي 3 أشهر ._ وهل يتوجب أن تعرفي ذلك ؟_ كلا .. اقصد أني متيمة بالرسم .. سيكون من الجميل أن نكون أنا وأنت رسامين._ وما المهم في ذلك ._سوف ننجب أطفال فنانين أيضا ._ ضحكة خفيفة ، لكني لست رسام ولا أصل براعتك ، أنت رسامة ، هناك فرق شاسع بين الاثنان وهذا لاحب أليس كذلك ._ اخبرني ماذا تحب أن ترسم._ لو كنت أجيد الرسم لكنت رسمت عينيكِ_ ولماذا عيوني بالتحديد ._ لأنهما سر جمالك ،وعنفوان يتوقد لا يفتأ ان ينطفئ مهما امتدت اللحظات ومهما هطل عليها مطر سنين العمر. _ إذن أنت كاذب ؟_ هههه لماذا ؟_ لأنك قلت تجيد الرسم ._ أنا فعلاً أجيده حبيبتي صدقيني ، لكن بصورة مختلفة ._ حقاً كيف يحدث ذلك ._ حبيبتي أنا ارسم بالحروف ، هل سمعتي بهذا الفن ، حتى بيكاسو لا يجيدهفقط أنا والقليل من البشر._ إذن هل تستطيع أن ترسمني بحروفك ؟_ اجل هل أرسمك بالكامل أو فقط وجهك ._ ضحكة عالية تقتلع فيها جمال الكون وتبثه في قلبه المفتون ، فقط وجهي حبيبي ._ سوف اريك أني لن احتاج إلى ورقة وقلم لأرسمك بفني ._ انتظرك .لحظات وهي تجهز لوحتها ولا زالت يدها تتحرك وتنقش خطوطها بموهبة من عند الرب ، كانت مطرقة رأسها نحو الورقة وهي تنفخ على الورقة لتبعد بعض بقايا الممحاة ._ حبيبي لماذا لا تتلكم.. ألن ترسمني ؟؟_ نعم فقط كنت اعد أدواتي الفنية .. حبيبتي ..
خصال شعرك تداعب ذرات الهواء فيمتزج عطره معه مكوناً نسمة تستنشقها أنفاسي فتذيب وجوم قلبي وتحيي أشيائي الميتة ، اما عيونكِ فهي وطني الذي ابحث عنه في غربتي ووحدتي ، فهما صافيتين كزلال متساقط من شلال نهر لجيني ، اما رموشكِ فهي هلال يلوح سمائي عندما يعتمرها الديجور ، وابتسامتكِ فهي بيت الأمل المغدق بروح الحياة ، وعندما احتضن الفراغ تحسباً انه أنت يكون لمذاق الحسرة لوعة أخرى ونكهة تلاقي العيون في ساحة العبرة لها اختناق خاص.... ولطالما حلمت أن تتطوع الأيادي
لتكون أجنحة احلق واربض قريبا منك ارتشف شيئا من سحر ابتسامتك
وأشم عطر أحضانك وامسك يديك.. وبأنغام الحنين اعزف قبلات البكاء عليها وأذوب وأتلاشى فيك للنهاية .
_ تسربت دمعات من مآق عيونها ... حبيبي تفضل هذه صورتك أكملتها ..!
_ رباه كم أنتِ ماهرة .. موهبتك تنبض بالحياة
_ لكن تعلم حبيبي لوحتك أجمل بكثير من لوحتي.
_ كيف ذلك ؟؟
_ هذه الورقة سوف تتمزق بمرور الوقت ويذهب جوهرها، إما لوحتك فهي تنقش على جدران القلب ولن يزعزعها حتى إعصار.
_ مسح دموعها بيده .. أحبكِ ... أنت صورتي الحقيقية
واعدك أني سأظل احبك مهما تبقت أنفاسي تعلو وتخفت.
ابتسمي لأني اشتقت لبسمتك .
_ حسناً حبيبي اذهب لأنك تأخرت
_ ابتسامة تسدل من بين أروقة الحنين
_ هيا إذن .
_ هيا .
بقلمي