سلسلة من عشر حلقات منفصلة ، نستعرض خلالها عشر نهائيات بدءاً من ستينات العام الماضي ،
وصولاً إلى الألفية الجديدة .. ومن الفريقين الأسطوريين والنهائي الحلم الذي لطالما تكرر ... نبدأ :

هو الوحيد في تاريخ اللعبة الذي لا تتسع أصابع يديه كاملة لعدد خواتم البطولة التي نالها ،
بـيل راسل يعد من أعظم الأسماء الأسطورية التي خلدت في تاريخ هذه اللعبة ، أن تحرز أحد عشر لقباً
في ثلاثة عشرة عاماً من اللعب في أقوى دوري في العالم هو أمر يفوق مسألة الجودة .. ليقارب
حدود الأسطورة ، راسل كان واحداً من كتيبة أسطورية امتلكها السلتكس مطلع الستينات بقيادة
مدربهم ريد أويرباخ ، ومع تشكيلة ضمت أسماء مثل بوب كوزي وكي سي جونز وتوم هينسون
و سام جونز إضافة لقلب ارتكاز الفريق راسل ، كانت حقبة تاريخية للسلتكس تسيّدوا فيها الدوري
بالكامل ، تلك الحقبة التي انتظر الكثير رؤية الحد النهائي لها بعد اعتزال أويرباخ التدريب مع نهاية
موسم 1966 الذي أحرز السلتكس لقبه للمرة الثامنة على التوالي والتاسعة في آخر عشر سنوات ،
هذا الاعتزال الذي مهـّد الطريق لراسل كي يكون المدرب الأول من أصول افريقية في الدوري إضافة
لبقائه كلاعب ارتكاز في الفريق ، راسل وجد نفسه أمام مأزق اعتزال أهم عناصرالفريق شيئاً فشيئاً
أسوة بما قام به أويرباخ ، بوب كوزي كان قد اعتزل ، كي سي جونز قام بذات الأمر ، فرانك رامزي
لم يعد في صفوف الفريق منذ سنوات ، احتفظ راسل بنواة بعض من بقي من تلك السلالة العظيمة ،
سام جونز كان لا زال إلى جانب صديقه المقرّب ، جون هافلشيك بقي موجوداً ليكون صاحب الدور
المحوري في بطولات السلتكس لاحقاً ، لاري سيغفريد وتوم ساندرز كانا بـين قائمة لاعبي راسل ،
ومع الدماء الجديدة الداخلة في الفريق مثل دون نيلسون وصل الفريق في أولى سنوات راسل إلى
نهائي الشرق وخسره أمام فيلادلفيا ونجمه تشامبرلين ، وعلى الرغم من أن الفريق ثأر لنفسه
وأحرز أول بطولة له في عهد راسل ، إلا أن لقب راسل الأغلى كان
اللقب الأخيــر ... لقب عام 1969 .

مع مطلع عام 1969 كان طموح جاك كينت كوك مالك الليكرز هو إنهاء تلك الفترة التي وسمها
السلتكس بطابعهم ، خصوصاً أن ستاً من الألقاب التي حققها السلتكس في تلك الفترة كانت على
حساب الليكرز ( أحد الألقاب عندما كان الليكرز في مينيابوليس ) ، مواجهات النهائي لطالما كانت
قاسية ومؤلمة على الليكرز ولاعبـيه الذين تعرضوا للخسارة في أكثر من نهائي مع أفضلية السلتكس
في الموسم وامتلاكهم الأرض في النهائيات ، الأمر الذي جعل الكثيرين من جمهور الليكرز يؤمنون
بالـ garden jinx .. نحس صالة السلتكس عليهم ، لذا كان عمل كوك دؤوباً مع بداية الموسم
للوصول إلى فريق متكامل ، نواة الفريق التي ضمّت الأسطوريين جيري ويست وإيلجين بايلور أضيف
إليها صفقة الموسم حينها ، إدارة الليكرز استغلت الخلاف الذي دبّ بين إدارة السيكسرز وجوهرتها
الثمينة .. لترسل كلاً من داريل آيمهوف ، آرشي كلارك ، جيري شامبرز .. وتحصل في المقابل
على MVP الموسم حينها .. ويلت تشامبرلين .
انضمام تشامبرلين إلى ويست وبايلور جعل الترشيحات كلها في صالح الليكرز لكسر احتكار السلتكس
مثلما سبقهم السيكسرز إلى ذلك قبل عامين ، جمهور الفريق استبشر بتلك الأسماء مع أسماء مثل
كيث إيريكسون وجوني إيغان لصنع المجد لفريق الغرب ، وبالرغم من الصدام الذي حصل خلال الموسم
بـين تشامبرلين ومدربه الجديد فان بريدا كلوف ، إلا أن ذلك لم يؤثر في المحصلة على الليكرز الذين
كسبوا أفضلية الأرض على كل فرق الدوري مع إنهائهم للموسم بخمس وخمسين انتصاراً ووصولهم
بـيسر إلى المباراة النهائية .
على الطرف الآخر لم يكن الوضع في البيت الأخضر على أفضل حال ، إصابة راسل في الساق أثرت
على عطائه كثيراً ، ومع مشاكله الشخصية وطلاقه من زوجته ازداد وزن راسل ثماني كيلوغرامات
مطلع الموسم ، كذلك لم يظهر سام جونز بأفضل حالاته ليخسر موقعه كأساسي في الفريق لصالح
لاري سيغفريد ، راسل تحامل على نفسه خلال الموسم ليصل إلى معدلات تقارب الدبل دبل ، ومع هذا
كان سجل الفريق في نهاية الموسم العادي يشير إلى 48 انتصار مقابل 34 هزيمة ليكون الرصيد
الأسوأ للسلتكس منذ موسم 1956 ، وعلى الرغم من احتلال الفريق للمركز الرابع في المنطقة الشرقية
إلا أنه استطاع تجاوز فيلادلفيا الذي فقد قوته برحيل تشامبرلين ، عقبة السلتكس الثانية كانت
نيويورك الطامح مع نجمه ويليس ريد إلى التتويج ، ومع مقدرة السلتكس على اقتناص فوز خارج ميدانه ،
والصلابة التي أظهرها رجال راسل في الغاردن خلال المباريات الثلاث التي خاضوها هناك ، فإن
السلتكس استطاع شق طريقه نحو المباراة النهائية ليواجه خصمه اللدود .. في سلسلة دخلها
الفريقان للمرة الأولى .. بترشيحات تصب مع الليكرز .
الليكرز مع أفضلية اللعب في أرضه استهلّ مشوار النهائي بقوة ، التكهنات والأحاديث قبل المباراة كانت
حول الطريقة التي سيعتمدها راسل لإيقاف جيري ويست ، ومع إيقان راسل لصعوبة ترك بقية مفاتيح
الليكرز دون مراقبة ، فإنه اكتفى بدفاع رجل لرجل على ويست الذي تناوب كل من سام جونز وسيغفريد
على مراقبته ، دون أن يظهرا أية مقدرة على إيقاف Mr clutch الذي صال وجال خلال المباراة
ليمطر سلة السلتكس بـ 53 نقطة ، على الطرف الآخر كان مجهود جون هافلتشك جباراً ،
هوندو ( لقبه المأخوذ من فيلم جون واين الشهير ) سجل 39 نقطة ليبقي الكفات متعادلة في مباراة
لم تحسم إلا في ثوانيها الأخيرة حين نجح ويلت تشامبرلين في تسجيل سلة الحسم قبل 23 ثانية
من النهاية ليفوز الليكرز 120 / 118 .

الفصل الثاني من الرواية تواصل في صالة الليكرز بذات السيناريو ، مباراة بـين خصمين كبـيرين
في ضمنها مباراة من طراز خاص بـين نجميـن أسطوريين ، جيري ويست تابع قيادته لفريقه عبر
تسجيل 41 نقطة ، فيما كان هافلتشك صاحب الرصيد الأعلى في اللقاء مع 43 نقطة ، وعلى الرغم
من نقاط هوندو ومجهوده الكبـير إلا أن الليكرز استفاد من قوة بقية عناصره في ظل الدفاع اللصيق
ما بـين راسل / تشامبرلين ، جوني إيغان أهدى الفريق الأصفر 26 نقطة ، فيما ختم إيلجين بايلور
اللقاء بـ 31 نقطة ، بايلور انفجر خلال الدقائق الأخيرة للمباراة مسجلاً النقاط الـ 12 الأخيرة لفريقه
لينهي الليكرز المباراة 118 / 112 ويشد الرحال إلى بوسطن مع انتصارين في الجعبة .

بعد الانتصار الثاني كان الجو العام في لوس أنجلوس متفائلاً بقدرة الفريق على العودة باللقب من
الغاردن نفسها ، كثيرة هي الأقلام التي تحدثت عن اكتساح السلتكس 4 / 0 قياساً إلى المستوى القوي
الذي قدّمه جيري ويست وزملاؤه ، اللقاء الثالث كان فصلاً جديداً من فصول الإثارة في هذه السلسلة ،
راسل أيقن إن تركه لجيري ويست بدون رقابة مضاعفة سيعني بطبيعة الحال السماح لليكرز بتحقيق
فوزه الثالث على التوالي وضمان اللقب إلى حد بعيد ، النتيجة بقيت متقاربة بالرغم من تقدم
السلتكس المبكر وحماسة جمهور الغاردن ، إصابة هوندو في عينه اليسرى خلال الربع الثالث
سمحت للضيوف بالعودة إلى مجريات اللقاء ومعادلة الكفة لأكثر من مرة ، بالرغم من هذا كان هافلتشيك
على مقدار كبـير من المسؤولية حين ترجم العديد من الرميات الحرة التي تحصل عليها خلال
الربع الأخير ، ليقود فريقه عبر تسجيل 34 نقطة خلال المباراة ويعيد بوسطن من جديد إلى السلسلة
بتحقيق الفوز 111 / 105 .

رابع لقاءات الفريقين ظهر بصورة مختلفة عن الطابع الهجومي الذي اتسمت به المباريات الثلاث الأولى ،
الليكرز مع سعيهم للعودة إلى ملعبهم بفوز من أرض خصمهم ، واجهوا الرغبة الشديدة لأصحاب الأرض
في إعادة الأمور لنقطة الصفر ، والمحصلة كانت مباراة دفاعية من الطراز العالي سادها التوتر وفقدان
التركيز مع اشتراك الفريقين في 50 تيرن أوفر كمحصلة نهائية !! أضف لذلك نسب التسديد المتدنية
والصراع العنيف تحت السلات على كل متابعة ، الليكرز تقدموا بفارق نقطة قبل 15 ثانية من النهاية
عندما وطأت قدم إلجين بايلور على الخط الجانبي ليجبر على ترك الكرة التي خطفها إيميت براينت
لاعب السلتكس وبالرغم من إضاعة السلتكس للتسديدة إلا أن المتابعة الهجومية لبراينت نفسه أعادت
الأمل لفريقه في الثواني السبع الأخيرة مع طلب الفريق لوقت مستقطع ، سام جونز استغل تحرك بقية
زملائه ليحصل على الكرة ، وبالرغم من الارتفاع في قفزة تشامبرلين إلا أن جونز عاد للخلف ليسدد
الكرة بشكل بالغ الغرابة وتتجاوز أصابع تشامبرلين لترتطم بالحلقة وتدخلها وسط جنون جمهور السلتكس
الذي شاهد فريقه يعود لأجواء السلسلة مع إحرازه الفوز الثاني بنتيجة 89 / 88 .

خامس اللقاءات شهد سيطرة أصحاب الأرض عليه مع عزم الليكرز على محو آثار الهزيمتين السابقتين ،
كان واضحاً إصرار ويست وإيغان على ذلك مع تسجيلهما لـ 39 و 23 نقطة على التوالي ، في حين
عمل ويلت تشامبرلين على منع راسل من الإسهام بأي طريقة في المباراة ، راسل لم يستطع أن يسجل
أكثر من نقطتين فقط ، في المقابل سجل تشامبرلين 13 نقطة مع سيطرته التامة على تحت السلات
بإنهائه المباراة مع 31 متابعة ! الليكرز أنهوا المباراة فائزين 117 / 104 لكنهم صدموا بإصابة
نجمهم جيري ويست في وتر ركبته قبيل نهاية المباراة التي لم يستكملها .
إصابة ويست انعكست على أداء الفريق عموماً خلال المباراة السادسة من السلسلة التي عادت من جديد
إلى بوسطن ، السلتكس فرضوا سيطرتهم منذ الشوط الأول الذي أنهوه متقدمين بفارق وصل إلى
16 نقطة مع ردّ الدين من قبل راسل لتشامبرلين الذي لم يجد الحلول لصلابة عملاق السلتكس ومدربهم ،
تشامبرلين أنهى المباراة بنفس رصيد راسل في المباراة الخامسة ، وعلى الرغم من تسجيل ويست
لـ 26 نقطة بعدما لعب متحاملاً على إصابته ، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لمنع السلتكس من تحقيق
فوزهم الثالث 99 / 90 ليصل الفريقان بالإثارة إلى حدودها القصوى مع عودة السلسلة من جديد
إلى لوس أنجلوس لخوض المباراة السابعة .

سابع المباريات .. اعتاد لاعبو الليكرز على خوضها في أرض السلتكس لأكثر من مرة قبل أن يتمكنوا
من إيصالها في ذلك العام إلى ملعبهم ، كان كل شيء مهيئاً لليكرز كي يحرز اللقب ، إلا أن مالك النادي
كوك بالغ في تقديراته عندما عبأ الصالة بالبالونات والزينات التي احتفلت باللقب مقدماً ، ذلك الأمر
الذي أغضب نجم الفريق جيري ويست وانتقده علناً بعد نهاية الموسم ، تلك الزينات حفزت لاعبي
السلتكس على إخراج أفضل ما عندهم لإفساد حفل خصومهم والعودة باللقب إلى الشرق ، جيري ويست
الذي ساءت حالة إصابته مع خوضه للمباراة السادسة اضطر أيضاً للعب المباراة الأخيرة تحت وطأة الألم ،
وعلى الرغم من مشاهدته للبداية القوية للسلتكس الذين تقدموا 24 / 12 ، إلا أن ويست وزملاءه
استطاعوا العودة للمباراة سريعاً وقلصوا الفارق مع نهاية الربع الأول إلى 28 / 25 ، ومع التعادل
في التسجيل خلال ثاني الأرباع خرج بوسطن متقدماً 59 / 56 مع نهاية أحداث الشوط الأول .
ثالث الأرباع كان أسوأها بالنسبة لأصحاب الأرض الذين أضاعوا سلة تلو أخرى وهم يشاهدون
احتياطي السلتكس دون نلسون ينفجر خلال الربع الثالث ليحرز 12 نقطة لفريقه الذي رفع من تقدمه
خصوصاً مع تمكن راسل من إيقاع تشامبرلين في خطأه الخامس بشكل مبكر ، الأمر الذي منح
السلتكس أفضلية تحت السلة لينهوا ثالث الأرباع بـ 91 / 76 ، عودة الليكرز بدأت خلال الربع الأخير
مع وقوع لاعبي السلتكس في الأخطاء واحداً تلو آخر ، راسل بات في حيرة من أمره وهو يشاهد
هافلشيك وجونز إضافة له هو .. يصلون إلى الخطأ الخامس ، ومع الأداء الكبـير من ويست تقلص
الفارق رويداً رويداً إلى سبع نقاط قبـيل النهاية بست دقائق ، عندما لوى تشامبرلين ساقه مؤذياً ركبته
ليستبدله المدرب بميل كاونتس ، كاونتس سجل سريعاً ليساعد ويست على تقليص الفارق إلى نقطة
وحيدة فقط ، تشامبرلين أصرّ على العودة للمباراة إلا أن مدربه رفض ذلك مع خوفه من تفاقم الإصابة
وأداء فريقه الجيد ، الدقائق الأخيرة كانت حاسمة مع مقدرة دون نلسون على ترجمة الرميات الحرة
مقابل إضاعة لاعبي الليكرز لأكثر من رمية ، لنا أن نتخيل الفارق الذي صنعته هذه الرميات مع
قراءتنا لحقيقة أن الليكرز حصل خلال المباراة على 48 رمية حرة ، سجل 27 منها فقط !!

تشامبرلين بمفرده أهدر 9 رميات من أصل 13 أتيحت له ، لكن لا يمكن أن ننحي باللائمة عليه مع
الأداء القوي الذي قدمه بالرغم من استبعاده في الدقائق الست الأخيرة ، تشامبرلين أنهى المباراة
بـ 18 نقطة و 27 متابعة ، لم تكن كافية لإهداء فريقه الفوز ، مع احتفاظ السلتكس باللقب إثر
فوزهم 108 / 106 ، وليحقق بيل راسل آخر ألقابه وأغلاها قبل أن يتخذ قراره بالاعتزال بعد شهور
قليلة من تلك المباراة .
وعلى الرغم من فوز السلتكس بالمباراة واللقب ، إلا أن الإشادة لم تكن من نصيبهم فقط إذ شاركهم
فيها جيري ويست ، لاعب الليكرز الذي خاض اللقاء مع إصابة شديدة في الركبة ، ختم المباراة
بتريبل دبل : 42 نقطة - 13 متابعة - 12 تمريرة !
الأداء الأسطوري لويست في هذه السلسلة ، ومعدل الـ 28 نقطة في المباراة الذي حققه خلالها ،
جعل من جيري ويست الأول .. والوحيد في تاريخ اللعبة ، الذي حصل على الـ Finals MVP
على الرغم من كونه ضمن الفريق الخاسر .

سلسلة كانت كبـيرة بطبـيعة الحال ، مع نهاية عهد بالنسبة للسلتكس ، قبل عودة العهد الآخر
مطلع الثمانينات ، والمنافسة المستمرة مع الخصم الأزلي لوس أنجلوس ليكرز ،
في مباريات نهائية ساحرة ، سيكون لي معها وقفة بالتأكيد ، خلال الحلقات القادمة .