°¤©][©¤° ثـــعـــلـــب اللـــيـــــل¤©][©¤° بـــقــــلــــمــــي
ط¢ط®ط±
ط§ظ„طµظپط­ط©
هِشام

  • ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 28665
    ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 8094
مشرف سابق
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
هِشام

مشرف سابق
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 28665
ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 8094
ظ…ط¹ط¯ظ„ ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ ظٹظˆظ…ظٹط§: 4.2
ط§ظ„ط£ظٹط§ظ… ظ…ظ†ط° ط§ظ„ط¥ظ†ط¶ظ…ط§ظ…: 6889
  • 20:53 - 2009/03/12

 

                         

                

                     


 

جلس "سعيد" قرب ناصية السور الأمامي لغابة " دوار احمر" متوثبا ، وجمرة الترقب تلتهب في بؤبؤيه ، أخرج مديته الحادة بروية من أسفل بنطاله ، حدق فيها مليا فانعكس عليها وجهه المشبع خطوطا دامية ، ثم رفع رأسه إلى الأعلى وعيناه تجوبان محيط ناظريه  ، ترقبان بشغف مقدم ضحية شاردة تدلف إلى حماه لتلقى جزاءها العادل حسب نبراسه الخاص ، في مشهد متكرر تتشابه فصوله وإن اختلفت مسارحه ، كان قد قرر أن يلقي شراكه في تلك المنطقة الهادئة بعيدا عن صخب المدينة وضوضائها بعد أن ضاقت هذه الأخيرة بمن يسلكون مسلكه ، وكذا لإحاطته التامة بخبايا المنطقة ، حيث لا يبعد عنها بيته القصديري كثيرا ، لم يكن "سعيد" ذلك الشخص القوية البنية ، إلا أنه كان ينشد في مديته الحادة ، وأقراصه المهلوسة وزجاجات الخمر التي يتجرعها قبل الإقدام على إحدى عملياته ، ذرع القوة الأسطوري الذي يخضع له الرقاب ، ويرغم له الأنوف ،كانت ملامحه الحادة وقوامه النحيل وتنفيذه لجل عملياته في غسق الليل  وبراعته دوما في الإفلات من براثن الشرطة سببا مباشرا في اللقب الذي ينتشي دوما بسماعه : "ثعلب الليل".

 لم تتمعر قسماته  ، ولا اغبرت جوارحه يوما في طلب لقمة العيش، فكانت وفاة والده بمثابة الضوء الأخضر لميولات نفسه لاقتحام عالم دامس لطالما نشدت نفسه الارتماء بين حناياه .. لا يزال قابعا هناك قرب أكوام القمامة المكدسة على  جنبات الجدار يترنح بين الشرود والترقب ، يشعل اللفافة تلوى الأخرى ، وحمرة عينيه تحاكي حمرة الشفق الذي يلوح في الأفق معلنا عن وصول أولى الضحايا على ما يبدوا ، شاب نحيف الجسم ، يرتدي حلة فاخرة يطلق صفيرا منغوما من بين ثنياته ملوحا بكيس مكتظ الجوف ، شاقا طريقه بخطوات مثتاقلة، نحو مصيره المجهول ..انتشل "سعيد" مديته المغروسة في الأرض ، وارى وجهه خلف جورب أسود مطاطي تعلوه فتحتان ، ثم اندفع برشاقة نحو ضحيته المرتقبة ، قبل أن يعلوا صرير إطارات سيارة سوداء وهي تقف لهنيهة قرب الشاب ، ليدلف إليها بعد أن بادل التحية لمن كان في داخلها ...

عض "سعيد" شفتيه بأسى مزمجرا ببعض الكلمات النابية ، ثم عاد أدراجه قابعا من جديد بين أكوام القمامة ، بين ناري رائحتها المنتنة ، وضجيج القطط والكلاب ..مرت الدقائق والساعات وهو يرقب وصول ضحية جديدة قد تعوضه عن كل ما وتره من لحظات في الترقب والانتظار ، لكن ، يبدوا ألا فائدة ، فكل من جاوزا طريق الهلاك الممتد على مرمى بصره ، يخالفون نموذج الضحية المثالية  حسب منظوره الشخصي . فقرر أخيرا الانصراف عائدا أدراجه صوب بيته القصديري ، ليصب جام غضبه على أمه وأخويه الصغيرين كما جرت العادة كلما عاد بخفي حنين . ترنح يمنة ويسرة وقدماه بالكاد تحملانه ، رغم ذلك واصل المسير إلى أن بلغ ربض الطريق ، فجأة ، لاحت أمام ناظريه كتلة سوداء متحركة ، يحيل منظرها وقوامها وهي تقترب منه شيئا فشيئا إلى أنثى ، لم يسعفه غلس الليل ولا اللثام الذي يواري وجهها أن يتبين ملامحها ، لكن، لا يهم ، سيغنم شيئا ما ، على الأقل لن يعود صفرا إلى بيته ، هكذا فكر في قرارة نفسه في ذات الوقت الذي تسارعت فيه خطواته على نحو  يناقض ما بدت عليه قبلا ، ثم لزم حافة الجدار الجانبي متحينا الفرصة المناسبة، لينقض على ضحيته ، وفي لمح البصر ، قبل منعطف الطريق بقليل ، وثب "سعيد" في خفة ، واضعا مقدمة مديته تحت عنق ضحيته ، لافا ذراعه اليسرى حول خصرها ، حرص على تفخيم نبرته ، متوعدا إياها بفصل رأسها عن باقي الجسد إن هي حاولت المقاومة ، أو الصراخ ، ثم انتزع سلسلتها الذهبية بعنف مادا يده في الوقت ذاته إلى جيب سترتها الأمامية ، إلا أنه فوجئ بكدمة قوية تشق شفته العليا، لم يصدق عيناه وهو يتطلع إلى تلك المرأة الملثمة وهي تغمغم بلهجة لم يفلح في فك شفراتها . لكنه مالبث أن مسح الدماء المندلقة عبر شفتيه ، انتفخت أوداجه ثم ركض مزمجرا صوبها ، فيما حبست أنفاسها وتصلبت أعصابها وهي تقاومه بشراسة ، كانت تحاول أن تقول شيئا ما، لكن أمرا ما كان يكبل الكلمات في جوفها ، وهي تقف ندا لند أمامه ،فبدت أمام عينيه اللتان غلبهما سلطان الأقراص المهلوسة كجنية لفظتها مجاري البلدة المجاورة ، قبل أن تزل قدمها فتسقط أرضا ...لمعت عيناه ببريق وحشي ، وازداد صخب أنفاسه حدة وهو يمسك قبضة المدية بكلتا يديه مصوبا قمتها الحادة صوب المرأة الجاثمة تحت قدميه ، ثم انبعثت من بين شدقيه ضحكة ظافرة بصوته المتهدج وهو يكيل الطعنة تلوى الأخرى لتلك الملثمة التي صرخت بأقصى صوتها ، قبل أن يتركها غارقة في دمائها ، وليركض بسرعة خارقة قبل أن يصفق باب منزله القصديري خلفه بقوة ..جلس " سعيد" القرفصاء ، يلهث وأنفاسه تقض مضجع السكون الذي يلف المكان ، ثم انفتح باب إحدى الغرف بغثة لتبرز من خلاله أخته الصغرى ، وهي تتثاءب في كسل ، حدقت فيه بذهول ، وهي تطالع مديته الملطخة بالدماء ، ثم ما لبثت أن بادرته بالسؤال بلهجة يكسوها الهلع : " خبرني ماذا حدث ؟ وقل لي..هل صادفت أمي في طريق عودتك؟ لقد خرجت للتو بعد أن عاودها ألم اللوزتين المزمن ، لم تعد تقوى على الكلام فخرجت تستجدي طبيبا في البلدة المجاورة ...بتر "سعيد" كلماتها بشهقة مدوية وهو يحدق بهلع في السلسلة الذهبية الملتفة حول معصمه  الموشاة بحرف "الخاء" أولى حروف اسم أمه "خديجة" ، لم يقوى على الحراك من هول الصدمة ، فتجمدت ساقاه ، خصوصا بعد أن انفتح باب المنزل بعنف لتدلف من خلاله أمه غارقة في دمائها ، تطلعت إليه في ذهول مريع ، ثم تقدمت صوبه ببطء شديد قبل أن تهوي أرضا لافظة أنفاسها قرب قدميه .. جحظت عيناه على نحو فظيع فيما ضج المكان بصرخات أخته الصغرى ، فتناول مديته الحادة وهوى بمديته وبلا هوادة على شقه الأيسر مخترقا نياط قلبه ، ليشهق بقوة ولتفيض روحه ..وسط بركة دماء ختمت أسطورة ثعلب بشري...

ثعلب الليل.


 

 

 °¤©][©¤° ثـــعـــلـــب اللـــيـــــل¤©][©¤° بـــقــــلــــمــــي
ط¨ط¯ط§ظٹط©
ط§ظ„طµظپط­ط©