يدخل غرفته الخالية إلا من سرير ومكتب قديم وعلامات الغضب تعلو محياه
وأسئلة كثيرة تتراقص أمامه لا يجهر إلا بواحدة منها كأنها تلخص كل ما يؤرقه
فصرخ قائلا :
الحدود خطوط وهمية ...
كيف تسمحون لهذه الخطوط المتقاطعة المعقدة التشكيل أن تتحكم في تحركنا ؟
- سمع صدى صوته يعود إليه لكن حاملا الإجابة :
لتجنب الفوضى
لم ينتبه للأمر وواصل قائلا :
عن أي فوضى تتحدث ؟!
أوليس هناك قوانين تنظم كل شيىء فلماذا الإستعانة بالحدود ؟
- تكرر المشهد نفسه وصدى صوته يجيب :
هناك قانون واحد:
أنا ومن بعدي الطوفان
تغيرت ملامحه وقسمات الغضب تعلو وجهه وهو يردد :
والإنسانية والإنسانية ؟
- لم يتأخر صدى صوته عن الإجابة :
لا تعدو أن تكون مجرد حبر على ورق شأنها شأن باقي المواثيق والمعاهدات
فلا يغرنك قولهم وما يصنعون فمكرهم أكبر مما يفترون
ضحك ثم أجاب :
صدقت فمن وراء الحدود لا يتعاهدون معهنا إلا بما بخدم مصالحهم و المواثيق لحمايتهم لا لسواد عيوننا
لكن من يسمع قولك وحتى إن سمعوا من يفهم ؟
- رد عليه صدى صوته وهو يقول :
الكل يعرف لكن يصرون على أن يتغابو
فقد أعجبهم لقب التابعين
فهو يذكرهم بالصالحين وكل الكلمات التي على وزنها
فهي تؤكد وصف أمراء المؤمنين
إستلقى على سريره وهو يضحك ويردد:
دعنا من الحدود وخيوط العنكبوت فقد كبلنا أنفسنا ورضينا بالأمر
ولنفكر في أسرع طريقة تمكنني من النوم الذي لا نتقن سواه
كيف لا وهو أحلى من العسل
وهل هناك شيىء أحلى من العسل يا عرب ؟
يالا مقولاتكم !
ثم إستمر في الضحك وهو يتقلب لنفظ غبار الكسل عن جسده
وسرعان ما نهض والخوف يتملكه فقد أدرك أخيرا أنه كان في حوار الطرف الآخر فيه غير موجود
فالغرفة فارغة لا يوجد فيها سواه
فتح الباب وهرول مسرعا وهو يردد غير معقول غير معقول
للأسف بدل الهدوء وإكتشاف مصدر الصوت الذي لا يعدو أن يكون صدى صوته يقوم بدور الناطق الرسمي بإسم الضمير العربي الشعبي
قرر الهرب
لا تستغربوا فهو عربي .