لا حول ولا قوّة إلا بالله
وقف من بعيد يرقب بحسرة الأشلاء ، وتزكم أنفه رائحة الدماء ، لم يتحمّل المشهد ، فأدار وجهه ،
والدمع منه يسيل أشلال .
تسائل في حيرة :" أين هم بكلماتهم التي باتت تنتظرني منذ أعوام ؟ ، لو كانت لي القدرة على المضيّ
وحدي لما انتظرتهم للقيام ، فهم كالجاهلون نيام ، لا يعلمون سوى السبات والأحلام .
كم تطلعت ليوم نهوض من هذه الأوهام ، ولكن مضى عمري في إنتظار بلا آمال ، ألم يهزّهم مارأوه من
أشلاء ، ودماء ، من جثث هنا وهناك ، من أحباب صاروا أجساد بلا أرواح ؟ كيف لهم
الجلوس هناك بلا حراك ، ومشاهدة ما يحدث في لا مبالاه ؟ تباً لهم من متحجرين ، ساكتين ، راضين ،
أليسوا أخوة ؟ أليسوا أمة واحدة لا بد لها من الإلتئام ؟ ما زلت أرفض تصديق قسوة قلب هذا
الإنسان ، فهناك من يقصف بالصواريخ من أعلى ليقتل بلا رحمة ، وهناك من يسكت بالأسفل ويتجاهل
بلا شفقة !!.
معادلتان اجتمعتا فكونتا لدينا شعب مهزوم من الأعماق ، مدحور البنيان ، مقتول في كل زمان ، ومكان
فلا معنى لنا بدون عزّة خالق الأكوان ، ومناصرة من رب الأرباب ، فهلا أفقتم من هذا الضلال ، وبحثتم
عن أشلاء أجسادكم المتناثرة في كل مكان ، فمن ماتوا هم بعض أعضاء جسدكم ، وسيأتي دور باقيها ،
فلا تعتقدوا أنكم بمأمن مما هناك ، فأنت يا من تسمى إنسان كما تدين تُدان " .
قال كلماته بحرقة ومداده تسيل على صفحات في الهواء ، ناثراً إياها في الفضاء ، مضحيّا بحياته علّها
تصل يوماً إلى من يوليها الإصغاء .
---
إليكِ يا درّة الفؤاد تسيل أعيننا ، وتدمي أفئدتُنا ، ولا نملك سوى الدعاء لرب العباد .
عذراً على تقصير اخترناه بأنفسنا ، وسنجني ثمارة ويلات أشد مما مضى !!.
الراجيّة لعفو ربِّها
بانسيه