إشتـــــــــــــهاءات بطـــــعم الإنكســـــــــــــــارات...بقلمي
آخر
الصفحة
الأميرة رفيدة

  • المشاركات: 31224
    نقاط التميز: 5575
مشرفة سابقة
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
الأميرة رفيدة

مشرفة سابقة
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 31224
نقاط التميز: 5575
معدل المشاركات يوميا: 4.5
الأيام منذ الإنضمام: 6943
  • 20:42 - 2008/11/21
 

 

تصميم

لحظة فجة لخرير الأحاسيس المتدفقة وهي تعلو مسام الذكرى الخالدة.. همسات خشنة ترقص في رمزية الأعوام الغابرة، تم إعادة تأهيلها في قرص مدمج ..سيكون للصوت المزعج المتجبر هبّة ريح، لغة هنجعية كشفت الحقائق في عالم الإشتهاءات الدنوية والإنكسارات المتتالية..صورة حية لدمعة إختلطت بحبات المطر.. هدير من البراءة السمراء ،إخترقت أوردة نفسي..ثوران دمي.. إحتراق أنسجة مخيلتي..بخار كثيف يعج بالضبابية، صعب معرفة ملامحه وسبرأغواره في زمن التجديف وبلوغ التيارات..المتناطحة..المتلاكمة.. المتقاطعة..مشاعر نمت وسط معبر، يضج بالزعق وعويل الجراح.. رغم دلك بقي البساط ممددا في ارتياح، يمدح نفسه من شدة التوأمة، التي جمعتني بإنسانة كان لحضورها في حياتي وقع خاص، تستحق قصيدة معطرة بالأقحوان وخاطرة مشبعة بالأرجوان .

بعد يوم شاق،توجهت بحذر نحوغرفتي أتأمل أشيائي المتناثرة...فوضى تعم المكان..كتب..مجلات ..أوراق.. نجحتْ في استعمار زوايا مملكتي الصغيرة، جالتْ بخاطري أمور كثيرة وبحنكة غير مسبوقة،عرهتُ نحو نافدتي أستنجد بإطارها مدعية الإنتماء الى مساحتها، تنفستُ قبالتها بعمق، لينتفض البخار المنبعث من دواخلي ..خليط من الضباب والسراب.. شكل لوحة فنية زاخرة بالأسرار..رغبتي في إعادت المحاولة كان لها صدى..نفختُ على أناملي التي شبعتْ من الغرق يوميا جراء التنظيف وتآكلت أطرافها من كثرة المناطق الحساسة، إلتماعا وألما ،مشكلة بذلك منحوتة شعرية، ومن حرارة نفسي إستدفأتْ أوصالي وحركتْ ينابيع شراييني..بحركة لا شعورية قمتُ بمسح الضباب المترامي الأطراف على نافدتي ،لأطل على منظر أبكاني وأيقض جوارحي..شجرة متمايلة..أوراق صفراء.. تستنجد بشربة ماء ..أغصان بلغت من العمر عتيا..منظر أثار الآلم في نفسي وبعثر دفاتر أيامي ..ذكرياتي ..أوراق مخيلتي ..لحظة قاسية ليتجمد الصوت داخل جوفي..ما تزال تلك الإنسانة في قلبي، غطتني بعباءة من الحنان وأسرتني بسرب من نسائم الحب الخالص ..ذكراها شهدٌ صافي، متأجج بين ضلوعي.. كيف لا وهي من أتقنت أجمل دور تختم به المرأة حياتها "الجدة" قلب إعتلى صهوة التحدي..ترتقي سلم البهجة المفعمة بنقاء السريرة ولحن القيثارة الشذية..مواقفها مزلزلة وملامحها مهما إعتلاها التوتر، تتخطى رعشة شقائق الحياة بكل مشاكلها لتجعل الضوضاء سمفونية ،تحول الندوب المغتسلة بالوجع الى سكنى قواعدها الصبر والسلوى والإحتساب.

تطرق بابي بابتسامة تعلو وجهها الصبوح ..حفيف خطواتها يجوب الفيافي، لتسكب في كأسي نواجد الملح، فيتحول الطعم المزهو، بالأوجاع الى طبق حلو المذاق..بين هوس الذكرى وقطار الواقع خط رفيع يدق غصات الفراق.
يومها تعمدتُ عدم الذهاب الى البيت العائلي ..خوفي من فقدانها أثار الرهبة في نفسي..حدسي خبرني باقتراب لحظة الوداع....صمتٌ خيم على المكان ولعنة الشلل أصابت قدماي للتوجه الى زاوية الإحتضار..المكان ليس ببعيد ولكنه بالنسبة لي طوفان آت بلون السواد .. أطياف الكلام الشتوي ملأ شقوق قلبي..
-أحدهم يناديني:
رفيدة حضورك إجباري تعالي بسرعة ننتظرك...لا تتأخري
لا أريد الذهاب.. أدفع عمري ولا أراها في تلك الحالة..حملتُ نعش نفسي وتوجهت نحو قبري ،لأشهد إرتماء كوكبي خارج الكون، وإعتصارأنفاسي خارج مجرة الفرح الأزلي ،أعز إنسانة على مقربة من العالم الأخر..تلفظ أنفاسها الأخيرة..ممددة كعروس إبتهلت لها مزامير القوافي ..نظرات عميقة ظامئة، لا يرويها إلا خالقها..حبر دمي انسكب عند رِؤيتها، حبل نجاتي أيقظ أيقونة الفزع.. لتنتحب المحيطات قفارها وجفاف مياهها،
إهتزتْ لغتي وتبعثرتْ حروفي، نظراتها الي نهبتْ حريتي وأسكنتني قرب وجعها..همستْ الي في حركة خفية برموشها ، رسالة مجازية في حلول غروب شمس بعد طول نهار، في تيه الكيونة الزائلة،قمت بتشفير رسالتها نحو أشد مواطن نفسي حزنا وألما..إقتربتُ منها وحبر هجسي تزداد نيرانه..إنكسر الضوء بداخلي..أعضُّ بمقلتيَّ كل دمعة خفية يتم إعتقالها فور إنتحارها...لا أريدها أن تراني باكية أمامها..ليتني في فضاء اللامكان.. عمياء غير مبصرة..فولاذية القلب بلا معنى..فراديس إنكساري حافٍ عارٍ أمام سيدتي الغالية..رموش أوتاري جعلتني أشباه أقواس حانية،لمستْ يدي فاقشعر بدني..حاولتْ جاهدة ان تمنحني أخر لمسة دافئة، معلنة  إكتمال زهوها ووعدها،أضاءت الأطلال بداخلي فأصبح لروحي إرثا سأحتفظ به في ثنايا صلصالي الرطب،رفعتها نحو صدري واحتضنتها فلم أجد الا طعم الشهادة..قوليها يا سيدتي قبل ان ترحلي...
أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
احسستُ بها وهي تتمتم بطلاسم لا أفهمها، فاطلقت إبتسامة ثم شهقت شهقة واحدة ليس بعدها شهقات أخرى وأسلمت روحها الى بارئها..
يحضر الصمت وينتهي الكلام..تلك اشتهاءات بطعم الآلام وانكسارات بشتى الألوان.

بقلمــــــــي

تحيات رفيــــدة

 

 إشتـــــــــــــهاءات بطـــــعم الإنكســـــــــــــــارات...بقلمي
بداية
الصفحة