ثـــــــــــــــالــــــــــــوث الأحـــــــــــــــــــزان....بقلـــمي
آخر
الصفحة
الأميرة رفيدة

  • المشاركات: 31224
    نقاط التميز: 5575
مشرفة سابقة
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
الأميرة رفيدة

مشرفة سابقة
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 31224
نقاط التميز: 5575
معدل المشاركات يوميا: 4.5
الأيام منذ الإنضمام: 6934
  • 19:18 - 2008/11/03
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

بعد يوم كله مشاق وصراعات، إنزويت نحو زاويتي المخصبة بحفنة المواقف والأحداث اللامتناهية،بقيت صماء بكماء،مسترسلة روحي نحو الكوابيس اليومية،أروضها يمينا وشمالا وحلقة جديدة في غربة الذات ،تقضم بشراهة تفاحة مخيلتي حتى تصير في مضغة طرية، رحلة حملتْ معها مرارة بشتى الألوان وارتج الصوت في إنتصاب العمر، إرتميتُ بين أحضان الصور الحياتية وهي في حالة تأهب قصوى، فبدأتْ الحقائق تسيل في سخونة وصبيب غير طبيعي، إستلطفني الحديث جهرة خفية ، مواقف إنسانية في علبة من الكلام ومشهد مرتبك من شدة غضبه ورؤى منقوشة بأنفاس مصقولة بعرق البؤساء والفاقدين لنعمة الإحساس بالسعادة، برودة النهار والمساء هزيع معتق يقسم السنبلة الى شطرين وعلى دقات الطبول يخفق القلب في معمعة العيون الباكية ،بدأت الأمور بالتدرج والإنحاء نحو غروب شمس يوم إنفرد بالخصوصية وتشابكت الأشعة في ظهرانها وتعاظمت الأحزان في مقلتيها الجاحظتين،هو نور تحول الى ظلام وعقل لطالما عرف بالنقاء والصفاء،كل الأشياء كانت مبتسمة في وجهه البشوش، فأصبح بين ليلة وضحاها فارس القافية اللاموزونة والإنصياع لثغرة دات سنابل منكسرة الفؤاد،أيهم وجه صبوح شديد الشفافية،أعرفه مند أن كنا صغارا،ينحدر من أسرة يلفها الغموض المسربلة بالأحداث الغير متوقعة ،درس معي فكان قمة في الذكاء والنباهة وحضورة أشبه ببساط لامع إعتاد على تفوقه ونجاحه المستمر... الى هنا وكل الأمور تنم عن مشهد عادي مقتبس من دساتير بني آدم،إعتدنا على رؤيته بتلك الرمزية والتخمة في بلوغ المراد، فنظرته الذاهلة أشبه ببريق من الصعب أن يخفث لأي سبب من الأسباب،ورغم إنبعاث زمرة المشاكل التي كنا نسمعها في شكل روايات عن الأسرة ،إلا أن أيهم عندما يخرج من بيت معمورته تجده شامخا ولا تنال منه الدهشة، أو الثرثرة المزروعة في الحي،حتى الوقوف أمامه يلزمك أن تعيد صياغة الكلام قبل أن تشرع في مخاطبته،فقوة شخصيته مثال لأنشودة إغريقية نقشت بأساور عالية الجودة.

في ليلة إختفى فيها البدر، فتاعلت الأصوات وتساقمت الوجوه في التراب ،صرخة وجدت لها أذانا صاغية، كيف لا وهي مدوية في كل مكان، خِفتُ في أول وهلة لأني لا أعرف تبعات هدا الصراخ، فأكيد هذا الموال سيجلب معه أرضا حانية أو صخور مارقة مقبلة على نكبة سارية،هكذا كان وضعي الركيك وقلبي جدار مائل برعشة وتوتر عليل، لا يقدر على الإسترسال والبحث عن الحقيقة،ترجلتُ عن زاويتي في خجل وفزع شديد وسمعت حثيث ممرات داخلية تلهث، في رقائق أنفاس كثيفة البلاغة وزفرات متلاحقة تحمل خبر وفاة والدة أيهم ،كان الخبر صدمة لي لأن السيدة فاطمة كانت بأفضل الحال وها هو الموت يخطفها في عجالة،تبادرتْ الى مخيلتي أسئلة كثيرة فأيهم متعلق بأمه الى درجة لا توصف بمقياس إنساني او مخالطة جينية او تركيبة بيولوجية،فكيف سيتقبل رحيل والدته التي لطالما كانت السند الدي يتكل عليه ومنه يرتقي في حياته ككل،غفونا على أحداث متتالية، مواراة جثمان الفقيدة في رحلة اللاعودة،أقيمت الجنازة ولا أحد شاهد أيهم بعد حدوث الإنتكاسة،اختفى فترك الأحجيات تنمو في أسطول قوي يدفع بسفنها وربانها نحو المحيط الغائر بأسراره وتقلباته...
بعد مرور أسبوع ظهر في هيئة شخص فاقدة الهوية والأهلية، لا يكاد أحد أن يجزم ،أن دلك البدر أصبح تمثال رث، مرتهل البنية، وصورة حية لرصيف تآكلت أطرافه من كثرة حفيف الأقدام المتزامنة،كل الإستنتاجات أصبحت مقيدة بحيز مفهوم باهم، لا يستطيع أن يصادق على ورقة بيضاء أشاد بها التاريخ في إنتصاب إنجازاته ولا حتى مشارف العمر في قوته وصلابته،بكت العيون بدمع الروح قبالة حزنه،فصار للألم عويل يجفل العمر في زلة الإستسلام،كل ليلة يخرج أيهم في منتصفها ليغرد وينشد الوجع بحيث يتجمد الدم في الشريان من شدة قساوة الخناجر وهي تلطم قلبه المجروح، فهديل صراخه ومعاناته تخرس لها الأجواق وتهرع الأحلام الى مجرة الكوابيس على شفة حفرة،أقيم على أطرافها حفل تأبين لإنسان فقد عقله ليلة إسدال الستار بمسرح التعاسة الأبدية، فصار في هودج سرب الحمام وهو يودع موطنه الأصلي نحو المجهول،جملة يرددها أيهم تحت معزوفة فخاخ الآلام والآهات
"اماااااااااااااااااااااااااااه لمادا تركتني"
هكذا يرددها في نبرة حزينة بعدما ضحكت له الأيام، أبكته في أيام أُخر،صارت نظرته ضريرة وصعب أن تمسح دمعته بمنديل دو مضمار أو حدود شموخ دينار.
نكبة سيطول مداها داخل قلعة احتبست داخلها كل الأحلام المكسورة في حياة الطائر الجريح وقلب مفجوع حكم عليه بالسجن المؤبد في تعاريج متاهات مضنية،كلما رأيته في تلك الحالة تنصهر الأرض في لهيب شديد اللهجة،  فغياب نقطة تلون أيامه العامرة بالسواد جعلته رفيق مخلص للموت في بلد الأحياء، شردته العواصف فأصبح عابر سبيل في مدينة الأشباح لا يميز دفاترها وأوراقها المنتصبة في زمن أراجيج الأجساد الفانية وتماسيح الصورة القاتمة.
بقلمـــــــــــي
اختكم رفيدة
                                                              
 ثـــــــــــــــالــــــــــــوث الأحـــــــــــــــــــزان....بقلـــمي
بداية
الصفحة