أثناء متابعتي لما يدور من حولي وقع ناظري علي رجل عجوز متسخ الملابس .. مترهل اليدين ..
يمشي ببطء و كأن قدماه لا تريدان التحرك و هو يحاول الضغط عليها ..
تقدم نحوي بخطوات قصيرة و عندما دنا بجانبي قال لي بصوت خافت :" هل لي بما اشتري به طعامي "..
عندما نطقها قالها بألم كأنه لا يريد أن يقولها .. عيناه تريدان أن تدمعان .. و نغمة حزينة تتسلل بين الكلمات
اعطيته جنيهان مد يده و هي ترتجف من الخجل .. و أبتسم أبتسامه طفيفة و قال :" شكراً و اتمني ان يعطيك الله الصحة و العافية" ..
قالها بألم و عذاب .. مر عليّ الكثير من المتسولين ولكن لم أحس بصدق في كلامهم بالقدر الذي أحسسته من هذا الرجل ..
مما دفعني لمتابعته بعد أن إبتعد عني بضع خطوات
كان ينظر الي الجنيهين بدهشة و كأنه يستعجب و لا يصدق انها بين يديه ثم يدخلها الي جيبه مرة اخري ..
بعدها تقدم بأتجاه رجل آخر جالس داخل سيارة فخمة و بدأ بالحديث معه ..
و بعد برهة أطلق الرجل الذي بداخل السيارة جم غضبه و بدأ بالصراخ في الرجل العجوز ..
و قال :" لقد قلت لك ابتعد من هنا الا تفهم .. لقد اتسخت سيارتي بسببك "
صمت المسكين و طأطأ رأسه و استدار بهدؤ و عيناه اتجهت الي الارض ..
و إحمر وجهه كثيراً و اتجه بخطوات متسارعة كأنه يحاول الركض و لكن قدميه لا تساعدانه
إحمرار وجه الرجل في إزدياد كأنه يحاول اخفاء دموعه ولكن كلمات الرجل كانت أقوي من صوت الرعد
بالنسبة لرجل في مثل عمره فلم يستطع تمالك نفسه
و أبت نفسه البسيطة الا ان تبكي و مع كل دمعة تنزل بين خديه كان منظره يقطع القلب ..
لم أستطع تحمل رؤيته و هو بهذه الطريقة .. حاولت النزول من سيارتي و اللحاق به لربما اقلل من احزانه ..
فأذا بسيارة تنطلق مسرعة من حافة الطريق لتصطدم بالرجل فيطير في الهواء .. فتطاير دماء الرجل أمام ناظري
وضعت يدي فوق رأسي و احسست بثقل بين أقدامي جلست في الارض و كأن هنالك شئ مغروس في صدري ..
لم استطع ان ارفع رأسي لأري ما حدث للرجل مرة أخري
لأن السيارة قد دهسته و لم يبقي منه سوي اشلاء من جسمه .. لم استطع فعل شئ فقلت في نفسي :" إنا لله و إنا اليه راجعون"
و حتي يومي هذا عندما يمر عليّ رجل كبير في السن و يسألني من شئ ما .. أتذكر تلك الحادثة المؤلمة ..
------
أرجوكم أنتبهو للسائلين فهم بشر مثلنا و تذكروا قوله تعالي : { وأما السائل فلا تنهر } صدق الله العظيم
تحياتي
monty