السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تحية طيبة للأخ الفاضل عبد الرحمن
وجزيل الشكر على هذا الموضوع العميق كعادة مواضيعك
بقدر ما أوافق على جل ما جئت به وفصلت فيه، بقدر ما أحزنني ما فيه..
وكيف لا نحزن على مجتمعات أضحت سطحية، تتعامل مع ظاهر الأمور لا جوهرها..
وأظن أن هنالك اختلافات طفيفة بين المجتمعات، ربما بسبب الطبقية العالية بين شعوبها.
مثلا نحن في الجزائر فإن الطبقة السائدة فيه هي الطبقة المتوسطة، وتكاد تكون هي الغالبة، أما الطبقة الراقية العالية الشأن والمقام، فهي غالبا تخص طبقة المسؤولين وصناع القرار في البلد، أو أصحاب المال والجاه من التجار الكبار، أو مالكي العقارات والمصانع والمؤسسات الخاصة. أما الطبقة الفقيرة المعدمة فهي أقلية، فلا يوجد من ينام جوعا أو بردا، ولا يوجد من يخرج ليقتات فلا يجد قوته. ليس لدينا عمالة الأطفال، ولا عبوديتهم في العمل وكسب الرزق، ولا توجد نساء تعمل أي عمل كان، لتكسب قوتها، لا تزال النساء الشريفات تكسب رزقهن من بيوتهن أو في بيوت الناس، ولا نرى ما نراه في بعض البلدان التي تبعث بناتها مثلا في سن صغيرة للعمل لتعيل أسرتها، أو تخرج فيه المرأة للحقول فتُحمَل فَي شاحنات كالغنم وتوضع في أراضي تعمل فيها طيلة ليوم.
ونادرا ما نرى حنقا على شخص متوسط الدخل أصبح غنيا وذاع صيته، فلا تتبعه المسبة ولا الحنق على ما وصل إليه.
بل أرى أن كل من اغتنى قد بذل جهدا، ويستحق ما وصل إليه.
لكن هذا لا ينفي وجود هذه العقلية، ولكنها ليست السائدة في بلدي على ما أظن.
أرى أن سبب الحنق هذا ومحاربة المغتني الجديد، أو الذي نال منصبا راقيا، أو (أب على وش الدنيا) كما تقولون ^^ قد يكون -نفسيا- بالدرجة الأولى، أكيد كل واحد يريد أن يصل لما وصل إليه الآخر، لكن قلة حيلته وقصور قدراته، يجعله يفرغ طاقته السلبية في الآخر، فيلصق به كل عيوب الدنيا، ظنا منه أنه سيتغلب عليه بطريقته الخاصة، ويشبع حقده الدفين بطريقة لا شعورية.
كلما غاب الضمير وقل الإيمان والقناعة، وغاب العقل وموازنة الأمور، كلما قذفنا الآخرين بما ليس فيهم، لإرضاء حنق دفين..
الفقر والعوز وقلة الحيلة يولدون أنفسا هشة، ضائعة، سطحية، تنتقد لتهدم فقط، حينما فشلت للوصول لما تريده، غيرت الوجهة لهدم ما بناه غيرها.
وهذه الشعوب قد أصبحت كذلك، بسبب سياسة البلدان العقيمة التي قتلت الأفراد وحقهم في نيل معيشة مستورة.
ولو عملنا دراسة اجتماعية لمثل هذه العقلية الجمعية لأسفرت عن نقصان حقوق وبتران تطلعات وغياب عيشة كريمة لديهم، وربما كان السوط الذي يقدم لهم ممن هم فوقهم قد علمهم كيف يوجهونه على من حولهم.
ومثل هذه الثقافة السلبية والعقلية البائدة، صعب أن تُزال بين ليلة وضحاها، مادام الشعب لا يجد عيشة كريمة في بلده.
فكيف يحب المرء بلده ومواطنيها إن كان منكلا بائسا فيها؟
شكرا جزيلا على الموضوع العميق أخي الفاضل عبد الرحمن.
