حب الجدين.. نموذج للحب الملائكي على الأرض
آخر
رد
آخر
الصفحة
يعرض حاليا رد معين من الموضوع - الضغط هنا يعرض الموضوع بالكامل
سوسن2022
  • المشاركات: 43
    نقاط التميز: 105
عضوة مبتدئة
سوسن2022
عضوة مبتدئة
المشاركات: 43
نقاط التميز: 105
معدل المشاركات يوميا: 0
الأيام منذ الإنضمام: 894
  • 09:06 - 2023/05/06
سلامات أخي العزيز فجر السلام

أرجعني حديثك إلى طفولة لا أنساها وأكاد أسترجع جميع ملامحها. وذكرني بطفولة عدد من الذين سبق أن قرأت لهم أو تابعت أفلامهم، وعلى رأس الكتاب مكسيم غوركي في كتابه "طفولتي" حيث يثير العلاقة بينه وبين جديه، فبقدر ما يعبر عن حبه الشديد لجدته، وتعلقهما أحدهما بالآخر، بقدر ما يتأفف من جده ولا يخفي كراهيته له ونفوره منه. لا يهم، فالعلاقة مع الجدود تفرض عليّ الترتيب. فالأول هو بدون تردد جدي من جهة أبي. فهذا بحق فخر العائلة، ولكنه في نفس الآن، طفل كبير مع الأطفال، بقدر ما هو شخص لبيب بين الكبار. وأستطيع أن أجمع حياته بكاملها في كلمتين اثنتين هما: طلب العلم. فهذا الرجل ولد بين الكتب، وتابع مسيرته بين المصنفات والمراجع والموسوعات، ودبّج من الصفحات ما لا يعد ولا يحصى، كلما اختار منها شيئاً نشره، وفي زاوية من مكتبه، الذي هو في نفس الآن مكتبته العامرة التي تغطي مئات الكتب سائر جدرانها، يحتفظ، بترتيب غاية في الدقة، بعشرات مئات الرسائل، سواء منها نسخ تلك التي صدرت عنه، أو الرسائل المتوصل بها من مختلف الجهات. ما يروقني فيه هو على الخصوص ترحيبه بي كلما أغرتُ فجأة على خلواته في مكتبه. كان يترك كل شيء، ويهش لاستقبالي وكأني الكوكب الوحيد الذي يدور في فلكه. ومن المشهور عنه، وهذا بالنسبة لسائر أطفال الأسرة، أنه لا يقول "لا" أبداً لطالب شيء أو راغب في شيء. فإن كان لا مفر من التملص من تحقيق الطلب للتو، أرجأه، ثم وفى بوعده، طالما في الإمكان فعل ذلك. على أن هذا الجد مثالي حتى مع الكبار، مفتوح الباب والصدر لكل من تنسج الأيام علاقة له معه، ومن مواقفه المعهودة مسارعته لتقديم ألوان العون لكل من يطلب منه ذلك. لكن أشد الحب وأعمق التعلق إنما يكنّهما لأوراقه وكتبه وسائر ما له منها من ذخائر إلى جانب ما يمتلكه من أشياء أخرى خاصة، كالأشرطة والأسطوانات والتحف المتنوعة وغير ذلك. فأما ذكريات طفولتي معه، فهي متاهة إن عُرف لها مدخل، ولم يتم الاحتياط اللازم، لضاعت في دروبها الأقدام، وعسرت العودة إلى نقطة الانطلاق. وإني لأذكر له عادة متأصلة فيه، حيث كان يرافقنا نحن أطفال العائلة، من الجنسين، إلى أحد أكبر متاجر المدينة، ويسلّم كلا منا سلة، ويحدد لنا أن نقتني خمسة أشياء من كل ما يروقنا من حلويات أو أشياء أخرى. وكانت الوالدات يعلمن هذا الجانب فيه، فكن يحذرننا، خفية عنه، من أن نقتني ما غلا ثمنه، حتى لا نكلف جيبه ما يرهقه، وإن كان يقبل على صندوق الأداء بفرحة طاغية لا يخفيها. حقاً، حب جدي ـ لأبي ـ هو تماماً كما وصف العنوان: نموذج للحب الملائكي وقد تجسّم وصار يمشي على الأرض. على أن هذا لا يسدل الستار على قلوب أخرى امتلأت لنا حباً وبنا تعلقاً، إنها قلوب أجدادي الآخرين. فالشكر لله على سائر نعمه، ولا أطيل أكثر، فقد تتيسر عودة أخرى للموضوع، فنتابع هذا الحديث الطري المستطاب والذي لا يقنع ولا يتعب من ترديده لسان. تحياتي
0📊0👍0👏0👌0💭

الرد على المواضيع متوفر للأعضاء فقط.

الرجاء الدخول بعضويتك أو التسجيل بعضوية جديدة.

  • إسم العضوية: 
  • الكلمة السرية: 

 حب الجدين.. نموذج للحب الملائكي على الأرض
بداية
الصفحة