الفرصة الثانية... بقلمي
ط·آ·ط¢آ¢ط·آ·ط¢آ®ط·آ·ط¢آ±
ط·آ·ط¢آ±ط·آ·ط¢آ¯
ط·آ·ط¢آ¢ط·آ·ط¢آ®ط·آ·ط¢آ±
ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آµط·آ¸ط¸آ¾ط·آ·ط¢آ­ط·آ·ط¢آ©
ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ±ط·آ·ط¢آ¶ ط·آ·ط¢آ­ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ§ ط·آ·ط¢آ±ط·آ·ط¢آ¯ ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ¹ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ¸أ¢â‚¬آ  ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸أ¢â‚¬آ  ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸ط«â€ ط·آ·ط¢آ¶ط·آ¸ط«â€ ط·آ·ط¢آ¹ - ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ¶ط·آ·ط·â€؛ط·آ·ط¢آ· ط·آ¸أ¢â‚¬طŒط·آ¸أ¢â‚¬آ ط·آ·ط¢آ§ ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ±ط·آ·ط¢آ¶ ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸ط«â€ ط·آ·ط¢آ¶ط·آ¸ط«â€ ط·آ·ط¢آ¹ ط·آ·ط¢آ¨ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸ط¦â€™ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸أ¢â‚¬â€چ
ضاحكة الفكرة

  • ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ´ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ±ط·آ¸ط¦â€™ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¹آ¾: 13450
    ط·آ¸أ¢â‚¬آ ط·آ¸أ¢â‚¬ع‘ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ· ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¹آ¾ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ²: 10576
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
صاحبة ردود قصصية متألقة
ضاحكة الفكرة

كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
صاحبة ردود قصصية متألقة
ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ´ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ±ط·آ¸ط¦â€™ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¹آ¾: 13450
ط·آ¸أ¢â‚¬آ ط·آ¸أ¢â‚¬ع‘ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ· ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¹آ¾ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ²: 10576
ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ¯ط·آ¸أ¢â‚¬â€چ ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ´ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ±ط·آ¸ط¦â€™ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¹آ¾ ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ¸ط«â€ ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ§: 3.3
ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ£ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸أ¢â‚¬آ ط·آ·ط¢آ° ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ¥ط·آ¸أ¢â‚¬آ ط·آ·ط¢آ¶ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦: 4025
  • 09:30 - 2022/07/13
إقتباس لمشاركة:  شجرة الفلين 16:58 - 2022/07/12  

لم يغمض لي جفن ولا امي ليلة أمس، تعللنا بالسرير الجديد لكن الأمر أبعد من ذلك، إنها الوحدة والغربة.
مر الصباح في ترتيب البيت، وفي المساء زارتنا جارة مليحة الوجه طيبة القلب، من ينظر إليها يحس بالألفة وكأنه يعرفها منذ مدة. فقالت مخاطبة أمي مادة إليها صحنا من الحلوى المنزلية:
- مرحبا بكما في الحي، انا حليمة أسكن في البيت المجاور لكما.
رحبنا بها ودعوناها للدخول معرفين عن أنفسنا أيضا، فقالت بعد أن جلست في الصالة:
- إن احتجتما لشيء لا تترددا في طلبه مني. فأنا هنا منذ نعومة أظافري.
شكرنا قولها، وبعد ثوان استأذنت لأعد الشاي فسمعتها تسأل أمي:
- هل أنتما من المدينة أم جئتما من مدينة أخرى؟
دخلت للمطبخ، وقد اعتراني الحزن، فتوجهت صوب الحديقة حتى لا أسمع جواب أمي، فلربما ستحكي لها قصتنا التي أريد أن أنساها.
لحظات وحضرت أمي للمطبخ تتفقدني، نظرت إلي بابتسامة حنونة، فالتحقت بها أدعوها للرجوع لضيفتنا، وأني سأهتم بالأمر.
وضعت الشاي على الطاولة مرفقا بصحن من الحلوى التي أحضرتها وصحن آخر من الفواكه الجافة، فابتسمت لي وقالت:
- أتعبت نفسك يا بنيتي.
ابتسمت أيضا وقلت:
- تعبك راحة يا خالة، مرحبا بك.
سكبت أمي الشاي لها، وقربت منها الصحنين ودعتها لتناول بعض منها. وبين الفينة والأخرى تتجاذبان أطراف الحديث. وفجأة سألتها أمي إن كان لها أبناء، سؤال اعتبرته محرجا حقا.
قالت الخالة بابتسامة:
- نعم لدي أربعة، لبنى الكبرى متزوجة لها ثلاث أطفال مهى ومروى ومجد، يعيشون الان في فرنسا. محمد الثاني يعمل في البلدة المجاورة متزوج وله ابنين كريم وسعد، عصام الثالث غادر بداية هذه السنة إلى كندا ليعمل هناك.
صمتت برهة وقد اعتلى وجهها الحزن ثم أردفت بعد أن اخذت رشفة من كأسها:
- وآخر أبنائي علي. هو من ظل معي في البيت يؤنس وحدتي بعد موت زوجي عبد الله.
دعت أمي أن يرحم الله زوجها و يحفظ أبناءها فأمنت الخالة على دعائها. وصمتا قليلا. كنت أود أن أسألها عن سبب حزنها لكني لم أجرؤ على ذلك فهذا لقاؤنا الاول بها، لربما سأسألها في يوم آخر.
بعد لحظات استأذنت للانصراف مؤكدة دعمها لنا ومساعدتها في كل حين.
- إنها حقا امرأة طيبة.
قالت أمي بعد مغادرتها. فرددت:
- تشبهك يا أمي.
ابتسمت وعانقتني ثم قالت:
- متى ستذهبين الى كليتك؟
أجبتها:
-سأقصدها غدا لاستكمال ملف التسجيل، وبعد غد سأبدأ الدراسة، سأحرص على أن أحصل ما فاتني منها.
دعت معي أمي بالتوفيق، ثم قامت للمطبخ لتعد لنا العشاء.
مر أسبوع في هذا الحي بشكل جيد. سكانه يمتازون بالطيبة، والهدوء، يدخلون للقلب سريعا. بدأت أعتاد عليه حقا.
وفي مساء حضرت الخالة حليمة لزيارتنا تحمل في يدها سلة مملوءة بالبرتقال، إنها فاكهتي المفضلة. قالت أنها من حديقتها, ثمار سقيت بعناية ونضجت دون مواد كيميائية. شكرنا كرمها ودعتها أمي للجلوس معنا قليلا. كنت قد أعددت تحلية من الحليب فقدمتها لها. فرحت بها وثنت على طعمها اللذيذ مما سرني حقا. كان منظرها وهي تذكر ابنها الأخير لا يفارق بالي، فقررت أن أعرف قصته. فقلت:
-كيف حال ابنك علي؟ هل هو في الثانوية هذا العام ؟ ان احتاج لأي شيء في الدراسة لا يتردد في سؤالي.
ابتسمت الخالة على مضض وقالت:
- لا لقد أنهى دراسته الجامعية منذ خمس سنوات، حصل الدكتوراه بتقدير جيد جدا في علم الاقتصاد.
قلت مبتسمة:
- تبارك الرحمان. يبدو وأني من سيحتاج مشورته.
سألتني عن مستواي الدراسي أيضا، فنطقت أمي بسرعة:
- هذه سنتها الأولى في كلية علوم النفس.
تعد هذه سنتي الثالثة لولا ما مررت به. نبهتني أمي من شرودي بضرب قدمها بقدمي قائلة:
-آمين وأبناء المسلمين
فهمت أنها كانت تدعو معي، فأمنت أيضا مبتسمة لها.
وبعد دقائق همت بالمغادرة، أحضرت كأسا من التحلية التي أعددتها لتأخذها لابنها علي. شكرتني وغادرت صوب بيتها.
في اليوم التالي وأنا عائدة للمنزل لمحت الخالة حليمة تجلس باكية على عتبة منزلها. لقد كان منظرها مؤلما حقا، هممت الاتجاه نحوها لكني عدلت عن الأمر لربما تذكرت زوجها وأبناءها المغتربين ففرت دموع من عينيها تعبيرا عما أثقل قلبها من حنين. تلك الدموع تخفف وطأ الشوق قليلا فلأتركها تنل راحتها في التعبير.
بالغد طلبت من أمي أن آخذ بعضا من الفطائر للخالة حليمة، رحبت بالفكرة فأعدت لي طبقا منها غطته بعناية، فحملته متجهة نحو بيتها بنشاط.
ما إن وصلت حتى سمعت صوت شاب يصرخ بالداخل:
- قلت لك مرارا دعيني وشأني.
طرقت الباب، ففتحت الخالة متفاجئة من رؤيتي، رحبت بي ودعتني للدخول. سألتها عن حالها وعن ابنها، فقالت بحزن:
- علي في غرفته.

فقلت حتى أتبين سبب حزنها:
- يبدو وكان اليوم متعبا حتى دخل ليرتاح هذا الوقت.
تنهدت وقالت مغيرة سير الحديث:
- سأعد الشاي لتتناولي معي هذه الفطائر الشهية.

مما زاد فضولي حقا، قبعت ثوان ثم ناديتها:
- خالتي أين أجد الحمام من فضلك؟
أجابتني أنه الباب الثاني على يدي اليمين. وطبعا سأفتح أي باب إلا الذي دلتني عليه. فتحت الباب الأول فإذا بها غرفتها. ثم فتحت الثالث فصرخ من بالداخل:
- دعيني وشأني.
كانت الغرفة ذات رائحة سيئة، مظلمة بالستارة القاتمة التي غطت كل زجاج النافذة. فتحت الانارة، مما أزعج الشاب فأغلق عينيه بيده مستنكرا الوضع رافعا يده الأخرى صارخا:
- أغلقي النور وارحلي.
جاءت الخالة جريا، فقالت:
-يبدو وأخطأت الباب.
أغلقت النور والباب معا ثم فتحت باب الحمام قائلة:
- هذا هو باب الحمام يا ابنتي.
انصعت معتذرة منها، غسلت يدي. وبعدها التحقت بها للصالة أشرب الشاي معها. لم أقدر أن أدع المجلس ينفض دون أن أفهم ما به، رائحة الغرفة، طريقة استجابته للانارة وحتى منظر شعره الطويل الشعث ولحيته الطويلة توحي أنه لم يخرج من غرفته منذ مدة. فقلت ببراءة:
- لما هو معتكف في غرفته؟
تنهدت رامية بصرها عبر النافذة وكأنها تتساءل في نفسها هل تحكي لي قصته أم لا، لكن يبدو وقد اختارت ان تشبع فضولي بالإجابة عن سؤالي بصدق قائلة:
- لقد كان شابا مفعما بالأمل، كان مجدا في الدراسة ذو أحلام كبيرة، لكنه على مر سنين البطالة صار يائسا مكتئبا حتى انعزل عن الدنيا نهائيا منذ ستة أشهر. لم يعد يأكل جيدا ولا ينام جيدا وكأنه يحاول قتل نفسه رويدا رويدا. وكلما دعوته للخروج صاح في وجهي. لا أعرف كيف أساعده للتخلص من الأمر حقا لا أعرف.
فرت دموع من عينيها عنوة منها، فقررت مساعدتها قائلة:
- دعيني ألتقي به وأتحدث معه لربما أستطيع له شيئا.
تذكرت أني أدرس علم النفس فقالت:
- أتمنى حقا أن تتمكني بعلمك من مساعدته.
طلبت منها ألا تتدخل بيني وبينه مستقبلا، وأن تسمح لي بزيارتهم يوميا فرحبت بالأمر. لم أنتظر للغد بل وقفت واتجهت لغرفته، وأقدمت على ما قمت به قبلا فكان صراخه أعنف، لكني لم أهتم بردة فعله، بل اقتربت من النافذة وفتحت الستارة وفتحت الزجاج ثم عدت صوب الباب أغلق مقبس النور. فتح عينيه رويدا فرآني ثم نظر إلى النافذة، قام من مكانه بتثاقل ثم أغلق النافذة وأعاد الستارة مكانها فعاد الظلام للغرفة مجددا غير مبال بي. فقلت بحنق:
- أترى الظلام أفضل من النور؟
عاد لمكانه دون أن ينطق بكلمة. سحبت كرسيا كان بقرب الباب فجلست عليه ثم قلت:
- سمعت أنك كنت مجدا ونشيطا، لكنك استسلمت في النهاية. النجاح لا يكمن في عدم الفشل بل في الاستمرار بعد كل فشل. يأسك هذا وانعزالك عن العالم لا يعني أنك ستهرب من الواقع، ستعيش كل لحظة في واقعك مهما فعلت.
صمت لحظة، فقال:
- ان أنهيت كلامك غادري.
وقفت وأعدت الكرسي مكانه ثم أغلقت الباب وغادرت بهدوء.
في اليوم التالي، أحضرت معي باقة أزهار صغيرة وبعد السلام على الخالة، دخلت غرفة ابنها وقمت بنفس ما قمت به البارحة، وطبعا أعاد كل شيء كما كان، جلست على الكرسي ووضعت الباقة أرضا وقلت:
- يبدو وأنك لا تحب التغيير. حسنا كما تشاء. ما اسمك؟
طبعا يجيبك الصخر ولا يجيبك هو. بل حتى في لحظة صار يسمعني شخيرا حتى أغادر مما أضحكني.
فقلت متهكمة:
- حسنا ما دمت نائما فلأستغل الأمر وأحكي لك ما جرى معي اليوم في الكلية، فأنا لا أجد شخصا يسمعني. المهم، لأعرفك بنفسي أنا علا، أنا جديدة على المدينة، التحقت مؤخرا بالجامعة لظروف مررت بها. منذ أن وصلت وأنا أحاول جاهدة أن أحصل ما فاتني من دروس، و الحمد لله سهري ودراستي تأتي بثمارها، أساتذتي تشيد بنباهتي وجدي، أنت ستفهم إحساس الفرح بمدح أساتذتك لك فقد عشت هذا من قبل. أليس كذلك؟
ثم أنهيت كلامي بحزن:
- لكن دائما هناك أعداء للنجاح يعترضون طريقك.
نظرت إلى ساعتي وقلت واقفة:
- لقد تأخرت، لدى أمي موعد مع الطبيب يجب علي مرافقتها.
غادرت تاركة الباقة مكانها أغلقت الباب ورحلت.
تخلفت عن زيارته ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع ذهبت وقمت بنفس طقوس دخولي لغرفته وقبل أن يقوم من مكانه قلت بوجل:
- باقتي الصغيرة، ماذا حدث لك؟
حملتها فإذا بها ذابلة بشكل مؤسف، فقلت معاتبة له:
- لما لم تهتم بها؟ ألا تعرف أنها تحتاج للهواء للنور والماء لتظل مزهرة؟
نظر إلي بجفاء وأعاد الغرفة لحالها قائلا:
- لم يقل لك أحد أن تنسيها هنا. خديها وغادري.
قلت وأنا أمرر يدي على الزهور الذابلة:
- أتساءل إن صار حال الزهور هكذا في غرفتك بعد أيام فقط، فكيف يا ترى صال حالك الآن؟ الحياة ما كانت يوما مقبرة للأشقياء، الحياة دائما تمنح الجميع فرصة ثانية، الشاطر من يستغل تلك الفرصة.
ثم غادرت تاركة باب غرفته مفتوحا.
بعد أسبوع، فتحت باب غرفته، فتفاجأت بنور الشمس يملأها، حتى أن النافذة كانت مفتوحة. سرني الأمر حقا، فقلت مبتسمة وأنا أتجه صوب النافذة:
- بدأت الحياة تدب في المكان، يبدو وقد منحتك الفرصة الثانية، لا تدعها تفلت من بين يديك. لن تلمس التغيير حتى تغير مكانك أولا، ثم بعدها تفكيرك ورؤيتك للأمور. كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في واقعك المر.
استنشقت الهواء العليل بعمق، وقلت:
-يا لها من نعمة! الحمد لله.
نظرت صوبه وأكملت:
- أتعلم أن هناك من يعاني من تشمع في الرئتين، لا يقدر على التنفس بسهولة كما نستطيع نحن الآن؟ وعوض أن نتأمل ما نغوص فيه من النعم نقبع في المقابل نشتكي من تفاهات الدنيا.
نظر إلي مطولا مما احرجني، فقلت مستأذنة:
- سأغادر الان لدي دراسة.
وقبل خروجي قلت دون أن ألتفت إليه:
- إن أمك تراك من يؤنس وحدتها بعد فراق أبيك.
غادرت متمنية أن يفهم ماقصدته فيخرج من قوقعته التي كادت تقتله.
بعد يومين وأنا عائدة من الكلية، مارة قرب بيت الخالة، سمعت ضحكتها وهي تتحدث مع شخص ما. فتوجهت نحو الباب أطرقه علي أشبع فضولي، أتراه ابنها من تحدثه؟
فتحت لي الخالة الباب ودعتني للدخول. فوجدت فتاة جميلة جالسة في الصالة. عرفتني عليها أنها ابنة جارة قديمة لهم، تزوجت الصيف الماضي وغادرت لمدينة أخرى. سلمت عليها، وماهي إلا لحظات حتى استأذنت للذهاب، فتوجهت بدوري صوب غرفة علي فور خروجها. وحين فتحت الباب صدمني ما رأيته، نفس الظلام الدامس القديم. أحسست بخيبة الأمل وأن كل جهودي ذهبت سدا.
لم أقم بأي تغيير هذه المرة، سحبت الكرسي وجلست متنهدة وبدأت أستجمع أفكاري. ساد صمت طويل بيننا. بعدها قلت:
- أكان حبا متبادلا أم حبا من طرفك فقط؟
أكملت دون انتظار جواب منه، فبالطبع لن يجيبني:
- إن كان من طرفك، فهذه مشكلتك وزواجها من حقها وليس من شأنك. وإن كان متبادلا، فهذه مشكلتها، لم تستطع انتظارك طويلا، وزواجها أيضا من حقها وليس من شأنك. لربما كان القشة التي قسمت ظهرك، لكنك غفلت مسألة القدر. أعد التفكير في ما يحدث معك، عوض أن تتقوى به صرت ضعيفا، وهذا سوء تقدير منك للأمور.
أعدت الكرسي مكانه وغادرت تاركة الباب مفتوحا عل بعض النور يتسلل لقلبه.
تعمدت التخلف عن زيارته لأسبوع، وفي مساء اليوم الثامن، جاءت الخالة لزيارتنا، وحين دخلت الصالة، قالت وهي تسلم علي:
-كيف حالك بنيتي؟
طمأنتها على حالي، وسألتها بدوري عن حالها وحال ابنها، فتلألأت عيناها وابتسمت قائلة:
- لقد جئت لأشكرك يا بنيتي، لقد قمت بإنقاذ حياته. ممتنة لك.
قامت من مكانها نحوي تقبلني وتدعو معي، سررت بقولها، فسألتها:
- هل خرج من غرفته أخيرا.
أومأت برأسها إيجابا وحمدت الله كثيرا وكررت امتنانها لي. فرحت لفرحها، ودعوت الله أن يجعل حاله أفضل مما كان.
أمنت دعائي، ثم دعتني ووالدتي للغذاء غدا في بيتها تعبيرا عن شكرها. قبلنا الدعوة بسرور. ثم غادرت صوب بيتها.
بالغد اشترينا بعض الفواكه، وتوجهنا لبيت الخالة. فتحت الباب مرحبة بنا وداعية إيانا للدخول. في الصالة كان شاب في الثلاثينات من عمره، مهذب اللحية، أنيق المظهر، مبتسم المحيى، شككت في لحظة أنه علي ابن خالتي حليمة. رحب بنا ودعانا للجلوس، ثم استأذن ليساعد والدته في تهييء الطاولة.
همست أمي في أذني:
- أهذا هو علي؟
أشرت لاني لا أعرف، وكلي أمل أن يكون هو حقا.
جاءت الخالة وقالت مبتهجة:
- أرأيت كيف صار علي؟
باركت أمي لها، ودعت معه بالخير، أمنت الخالة وقالت لها:
- هذا بفضل الله ثم بفضل ابنتك، حفظها الله لك ورزقها بالزوج الصالح.
أمنت أمي دعاءها، أما أنا فخفضت بصري حياء. مما جعلهما تضحكان.
تناولنا الغذاء، و حين انتهينا من تناول الفاكهة قال علي فجأة:
- آنسة علا، أتودين رؤية غرفتي الجديدة؟
نظرت إليه ببلاهة، فأيدت الخالة قوله ودعتني لمرافقته، تبعته وحين وصلنا لغرفته تجاوزها للغرفة المجاورة، استغربت لكني تبعته، فتح الباب، كانت غرفة كبيرة مفتوحة النافذة، مرتبة، ألوانها مبهجة، رائحتها زكية، بها مكتب ومكتبة. ابتسمت فقال:
- لقد سمعت شخصا يقول'' لن تلمس التغيير حتى تغير مكانك أولا، ثم بعدها تفكيرك ورؤيتك للأمور'' بدأت بمكاني، وأنا في طور تغيير أفكاري ورؤيتي للأمور.
ثم أكمل:
- لقد أخذت شيئا واحدا فقط من غرفتي القديمة.
نظرت مستفهمة، فأخذ كرسي مكتبه وقال:
- هذا الكرسي ألقى فيه ذلك الشخص خطبا عصماء كان لا بد لي من الاحتفاظ به، لعلي اقتدي به في حياتي.
ضحكت وقلت له:
- ستكون مثل ذلك الشخص وأفضل منه حين تلتقي في حياتك بمن يمر بما مررت به، سيذكرك بحالك حينها وستمد له يد النجاة دون تردد.
نظر إلي مستغربا فأرحت فضوله قائلة:
- توفي والدي فجأة، لم يكن مريضا أبدا، نام ولم يستيقظ. أبي كان أعز الناس لدي، فقدته ففقدت نفسي معه. غرقت في بحر الحزن واليأس لسنتين. تناست أمي حزنها على فقد رفيق دربها بحزنها على حالي، لم تترك طبيبا نفسيا إلا وأخذتني إليه، جميعهم خطوا لي أدوية تجعلني طوال اليوم نائمة، وكأن النوم سيعالجني، إلى أن قصدنا طبيبة نفسية لا تؤمن بالأدوية، بل تؤمن بالشفاء الذاتي. كان شعارها في مكتبها '' كل شيء يبدأ بعقلك وينتهي بعقلك''. إن كانت خطبي العصماء أعجبتك فتلك خطبها، إلا الأخيرة فهي خلاصة تجربتي. حقا كان إيماني ضعيفا بالقدر، أضعت سنتين من عمري أبكي على شيء مقدر، عوض أن أستجمع شتات نفسي وأدعو مع أبي كل يوم بأن تكون داره هناك أفضل من داره هنا.

اغرورقت عيناي بالدموع فقال:
- رحم الله والدك، ألهذا غيرت المدينة؟
مسحت دموعي وأجبته:
- نعم، غيرت المكان، وغيرت الأفكار.
نظرت إليه وقلت:
- لقد شكرتني أمك على مساعدتي لك، لكنها لا تعلم أنك أيضا ساعدتني.
جلست على الكرسي وأكملت:
- لم أكن قد تماثلت للشفاء كليا حين وصلنا إلى هنا، كان النوم لا زال يجافيني، حتى أن سؤال أي كان عن تخلفي عن الدراسة أو عن مدينتي القديمة كان يسترجع في قلبي الشجن و يعيدني لما هربت منه. حتى سمعت قصتك من الخالة. كنت كطوق نجاة لي كما ظنت هي أني طوق نجاة لك. جعلتني أرى الكآبة من زاوية أخرى غير زاوية من يعيشها، حتى أني أشفقت على حالك وحرصت جادة أن أعينك على كسر قيود الهم التي تكبلك. وبدوري كسرت قيودي. فشكرا لك.
شكرني أيضا وتمنى لي كل الخير، وحين هممنا بالخروج قال:
- نسيت أن تكملي لي قصة أعداء النجاح. ماذا حصل معك في الكلية؟
ضحكت وقلت:
- لم يحدث شيء، كان لخلق بعض الفضول عندك، علي أنال بعض اهتمامك بكل كلمة أقولها بعدها. ويبدو أني نجحت.
ابتسم محركا رأسه إيجابا. ثم خرجنا للصالة. كانت الخالة تضع صينية الشاي فوق الطاولة فدعتنا للجلوس والاستمتاع بشرب كأس بالنعناع المنعش مرفقا بحلوى الجوز اللذيذة.
تناولت كأسي وبدأت أرتشف الشاي وأنظاري على ابتسامات من حولي، كان جوا عائليا دافئا، أعاد لي ذكرياتي مع والدي، رحمك الله يا أبي.
وفي المساء غادرنا نحو بيتنا. ونحن في الطريق قلت لأمي بغتة:
- ما رأيك أن نسافر غدا لزيارة قبر والدي؟ 
نظرت إلي بشجن وخوف معا، لقد عاشت ألمها وحدها بل ومنعت نفسها ذكر والدي أمامي حتى لا تذكرني بألمي، وغيرت مدينتها وبيتها وجيرانها من أجلي. خافت الآن إن وافقت أن تضيع جهودها معي. ابتسمت وقلت مطمئنة إياها :
- لقد اشتقت له، وأنت أيضا أليس كذلك.
انهمرت دموع أمي دون إرادتها، فعانقتها وبكينا معا. ثم مسحت دمعها ومسحت بدورها دموعي، وأكملنا مسيرتنا ونحن نتذكر قصص والدي الطريفة ونضحك.

في الغد كنا عند قبر والدي، نسقي تربته الجافة ونملأ وعاء قربه بالماء عل قطة أو طائرا وغيرهما يشربان منه فيكون لأبي الأجر. تلونا آيات من القرآن ودعونا معه بالغفران. لأول مرة أرى قبره لمست تربته وتخيلته بقربي فحكيت له ما حدث معي واعتذرت له على تقصيري تجاهه، ما كنت بارة به لضعف إيماني. ووعدته أني سأكون ابنة صالحة تدعو له فلا ينقطع عمله. ابتسمت لوعدي فقالت أمي وهي تمسح دمعها:

- ما الذي جعلك تبتسمين؟ 

فأجبتها غامزة:

- هذا سر بيني وبين أبي 

ابتسمت بدورها فرحة أني أخيرا تماثلت للشفاء. وبعد لحظات غادرنا. ونحن على عتبة المقبرة، التفت أنظر لكل القبور وأكرر دعائي معهم بالمغفرة و أن ألحق بهم مسلمة. فالحياة قصيرة، فلنعشها في مرضاة الله ورضى بقضائه. 


النهاية 







 

0📊0👍0👏0👌

ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ±ط·آ·ط¢آ¯ ط·آ·ط¢آ¹ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ° ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸ط«â€ ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¶ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ¹ ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¹آ¾ط·آ¸ط«â€ ط·آ¸ط¸آ¾ط·آ·ط¢آ± ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ£ط·آ·ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ¶ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط·إ’ ط·آ¸ط¸آ¾ط·آ¸أ¢â‚¬ع‘ط·آ·ط¢آ·.

ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ±ط·آ·ط¢آ¬ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط·إ’ ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ®ط·آ¸ط«â€ ط·آ¸أ¢â‚¬â€چ ط·آ·ط¢آ¨ط·آ·ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ¶ط·آ¸ط«â€ ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¹آ¾ط·آ¸ط¦â€™ ط·آ·ط¢آ£ط·آ¸ط«â€  ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¹آ¾ط·آ·ط¢آ³ط·آ·ط¢آ¬ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ¸أ¢â‚¬â€چ ط·آ·ط¢آ¨ط·آ·ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ¶ط·آ¸ط«â€ ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ© ط·آ·ط¢آ¬ط·آ·ط¢آ¯ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ©.

  • ط·آ·ط¢آ¥ط·آ·ط¢آ³ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ¹ط·آ·ط¢آ¶ط·آ¸ط«â€ ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ©: 
  • ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸ط¦â€™ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ·ط¢آ© ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آ³ط·آ·ط¢آ±ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ©: 

 الفرصة الثانية... بقلمي
ط·آ·ط¢آ¨ط·آ·ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸ط¸آ¹ط·آ·ط¢آ©
ط·آ·ط¢آ§ط·آ¸أ¢â‚¬â€چط·آ·ط¢آµط·آ¸ط¸آ¾ط·آ·ط¢آ­ط·آ·ط¢آ©