
باتت مراجل الحسرة تغلي في الصدور ،لتصنع حجابا واقيا للعيون التي أصبحت تمقت ما
يحدث يوما بعد يوم، تحت ستار الجهل الذي تدثر بشهوة مجنونة منذ أمدٍ نهايتها الضياع ،
كالأطفال نحن يبهرنا ويدهشنا ما يملكه من حولنا، فتارة نقلد وتارة نثور لعدم توفر الإمكانيات التي تسمح لنا بالتقليد التام،
حاولنا تقليدهم لنرتقي فهوينا ، لأننا لا نجيد الغوص بين ثنايا الفكر السليم، فشتان بين الثرى والثريا ،
وشتان ما بين حضارة مزدهرة وحضارة مندثرة، ربما لأننا قلدناهم بشكل خاطئ وربما ما كان يستهوينا ما هو إلا نفايات وبقايا أفكارهم
ومخططاتهم،لأننا نملك فكرا سطحيا أحمق تخدعه المظاهر وبريق الحضارات ولمعان قشورها الخارجية ....
هم ظلت أسماؤهم مسجلة عبر التاريخ ، مثل سقوط فيليكس الحر، سقوطه كان حرا وسقوطنا نحن كان اراديا
بملء رغباتنا ومع سبق الاصرار والترصد، سقوطه كان بصمة بالذاكرة تظل راسخة لتذكرنا بين حين وآخر بجهلنا وتخلفنا...
سقوطه رفع قدره وشأنه، وسقوطنا كان للهاوية لنصبح في قائمة المخذولين وفي الدرك الأسفل من التاريخ الانساني،
هو دخل التاريخ بإراته وطموحه ونحن دخلنا التاريخ من أوسع أبوابه !!!
بالتقليد الأعمى للموضة كموديلات الهواتف والسيارات والملابس وغيرها
لم نقلدهم في ثقافتهم ولا فكرهم ولا في عزيمتهم واصرارهم ، بل قلدناهم في أمور سخيفة لا تمت لتاريخنا ولا عاداتنا بصلة
قلدناهم وصرفنا آلاف الملايين على برامج سخيفة the voice و arab idol وغيرها .....
فبدلا من تشجيع المواهب التي من شأنها تغيير أوضاع البلد وتطويرها فكريا وعلميا وثقافيا على صعيد
مختلف المجالات ،وعوضا عن حصولهم على شهادات جامعية لتزين بها جدران الذاكرة لتصبح طي
النسيان بعد سنوات أو ورقة منتهية الصلاحية بزمن الواسطات ،أهملناهم وعلّبنا مواهبهم بتواريخ قابلة للتصدير في أي وقت،
وكبّلنا عطائهم وخطاهم وبترنا أناملهم وسيقانهم ليظلوا تحت رحمة أسرِ شبح البطالة ، وكانت الأضواء على مواهب أخرى لا تستحق !!!
وتسابقنا لدبلجة المسلسلات التركية بدلا من بذل جهد لانتاج أخرى تاريخية وثقافية!!!
فصنفنا مجتماعتنا على جرف الانحطاط الحضاري والفكري والثقافي،
فهل سنبقى نواسي أنفسنا بماضينا التليد، ماضي المفكرين القدماء ويبقى حاضرنا تحت رحمة مستقبلنا المجهول؟
وأو نبقى تحت رحمة لــــــو و رُبَّ بقعة ضوء تتسلل إلينا من ثقوب مظلمة تبعث الدفء والفكر الينا وتلامس جدران العتمة