قــــرش بــــرمـــــائي
ظهرت مؤخرا على سطح البحر زعنفة مرعبة تتنقل بحرية تامة ،ولاذ بالفرار البعض خائفين ومذعورين،
ليظهر القرش الضخم متجها بسرعة فائقة تبلغ حوالي مليون ألف قرصة جوع في الثانية ، ليسبب الهلع
والخوف في أرجاء المكـان ، وهنـاك من أجاد السباحة وتمكن من الفرار وهناك من راح ضحية للقرش
فأصبح في مرمى نيران فكه الذي أطبقه على فريسته دون رحمة .....
مهلا فالقرش هنا من النوع الخاص جدا هو قرش برمــــائي ولا يقتصر وجوده على البحر فقط،
فالقرش رغم خطورته وشراسته وعنفه وجبروته إلا أن معظم القصص الي تدور حوله ويلعب فيها دور
البطولة بجدارة ، هي محض خرافات مرعبة قد يصح منها القليل إن حذفنا بعض المشاهد الدرامية المشوقة ،
التي تسمو للربح الأكبر لا غير .....والتي يصدقها من يتميز بعقل محدود جدا كالأطفال تماما .
مـا أعنيه هنـا هـو قرش برمــــائي فلا داعي للتعجب والاستغراب ،
هو ذلك القرش من المادة ، مـن المال الذي ما انفك يسبح في بحر الحياة ويطوف بحثا عن فريسة جديدة
له ،فآلاف القروش المفترسة تحوم بدون رقيب أو حسيب، بحثا عن فرائس دسمة
ليمزقوها شر تمزيق ،وما أكثرهم عبدة الدنيا غير مكترثين بماهية اكتسابه ، ففي بحر الحياة بات الكل
صيادا ماهرا وفي ذات الوقت فريسة دسمة دون أن يدرك ذلك فهو تحت تأثير تخدير عضة ذلك القرش
المفترس،حيث امتلأ البحر من عبدة الدينار والدرهم فصنعوا بذلك العشق الأزلي له، قرشا مفترسا مدربا
تدريبا عاليا على أعلى المستويات، عوّدوه على تمزيق وقتل كل من تسول له نفسه الحاجة الماسة لسد
رمق جوعه ببعض من فتات الخبز اليابس وستر جسده ببضع ثياب رثة ،
فطَفِقَ المسكين غوصا في بحر الحياة بَحثاً عَن قرشٍ يحقِقُ له بعضا من ذلك وكأنه المصباح السحري ..
وهو يجهل أن القرش الذي يطلبه لسد حاجياته هو الآخر يطلبه بحنين أكبر لدمه وعرضه وشرفه وكرامته وأخلاقه
وقيمه ومبادئه وحتى انسانيته ......ولكن وللأسف كثيريون من اختارو البقاء تحت رحمة ذلك القرش المفترس واستلذو
بأنيابه المغروسة في أقاصي عظامهم وبذلك النابض في يسار صدرورهم ، فقد باتت الكلمة الأولى والأخيرة
لقرش بحر الحياة المفترس هي هل من مزيد ؟؟؟
لا أعني أن نمقت ذلك القرش فنحن بحاجة ماسة إليه ولكــن لا ضير أن نجعله أليفا لطيفا نراوده من فينة
لأخرى بدلا من ان نشعل غضبه فينقض علينا بفكه ولا مفر لنا، لنخسر بعد ذلك حياتنا واسمى مبادئنا
وأرقى قيم البقاء.