

قد تُعلَّق النهايات بصكِ قرار صَدَر دون أن نفكر في العواقب
فقط نقرّر وننفذ ونهدم كل ما بنيناه طوال تلك العلاقة
ونتمنى بعد فوات الأوان لو أن الزمن يعود للوراء
في إحدى ليالي الصيف الحارة ، طرق بابي ذلك الحنين مجددا ، عاد بحقائبه الممتلئة بالذكريات...
عاد وعادت معه أحداث لحظات اللقاء الأخير بأدق تفاصيله :
- صباحك سعيد
- صباحك أسعد
- إعتقدت أنكِ لن تأتِ في الموعد ، توقعت أنكِ ستخلفين بوعدكِ
- ولِمَ ذلك ؟
- كان مجرد حدس فقط
- ليس بالضرورة أن يصدق حدس المرء دوما ، ثم هل أخلفت انا بوعدي سابقا؟
- لا ولكن هذا ما توقعته وتبين أنني كنت مخطئا .... المهم كيف حالكِ؟
- الحمد لله بخير وأنت ؟
- أنا لست بخير لأنني أشتاقك أكثر من السابق؟
- حقا ؟!!!
- ولِمَ الاستغراب ؟ هل هناك ما يدعو للتعجب بالأمر؟
- .......
- مابالك صامتة ؟ ولِم إبتسامة السخرية تلكِ؟
- لا شيء أقوله ، ولا شيء سوى الصمت قد سكن عالمي ونبضي فألفته وألفني
- أنا أحببتك بصدق ولكن ....
- ولكن ماذا ؟؟ ستفكر بدليل ؟؟
- وهل حبي لكِ بحاجة إلى دليل ؟ ألا يكفيكِ خوفي عليكِ؟
- حقا يكفي... وأنتَ غدا ستُزف إلى أخرى ويكتب السطر الأخير لقصتنا وتطوى صفحة حبك هذا الذي تدعيه
- صدقيني القرار لم يكن بيدي ...
- كفاك كذبا وتمثيلا ...إن لم يكن هذا القرار المصيري بيدك فهو بيد من ؟
- صدقيني ليس تمثيلا ....هو أكبر من طاقتي ومن الصعب عليّ تفسيره
- المسرحية انتهت وأنتَ من اختار النهاية فكفاك تمثيلا فالبراءة قناع لا يليق بك
- قناع ومسرحية !!!لا أفهمك صدقا ؟
- أتقنت الدور جيدا ، فقد كنتُ كدمية احتياطية وانتهت مدة صلاحيتها و....
- كفاكِ هراء فأنتِ تدركين جيدا أنكِ جزء لا يتجزأ من كياني وحياتي
فأنتِ الهواء الذي أعيش به وأتنفسه و...
- هههه أضحكتني ولكن سأخبرك بسر ....
أشهد أنك أتقنت تمثيل الدور ببراعة وأتقنت اللعبة جيدا،
وأشهد أنك ممثل بارع يجيد فن الحديث وتنميق الكلمات ، ورائد في فن التلاعب بالمشاعر والخداع والنفاق و...
- لا تجرحيني بحديثك
- يستحيل أن تدرك معنى الجرح أنت ...
- أولست إنسانا في نظرك ؟
- لا يهم ...أنا مضطرة للمغادرة ومبارك عليك زفافك ....
والقلب الضعيف الذي كان يبكي غيابك شوقا رحل حيث لا مجال لعودته فلتغِب بالقدر الذي تشاء فلم يعد ذلك يعنيني
- إلى أين ؟؟
- انتهت اللعبة وخسرت أنت أقنعة باتت مكشوفة، وخسرت أنا نبضا وعمرا من أجل وهم،
و أحمق كان يدعي الرجولة ...فلا تنس أن ترتدي قناعا جديدا لم يعد مكشوفا فغدا ستبدأ مع ضحية أخرى
ومضيت يومها بقلب ينزف فلم أعشق من الرجال سواه وأخلصت له ،
لكن اتضح في الأخير أنه لا يستحق ...
وما إن أفقت من تلك الغيبوبة التي جعلني الحنين أسافر إليها حتى سمعت دقات الباب ففتحت وإذا بي أراه أمامي ،
استغربت لأنني أدركت أنه كان محملا بحقائب من الأعذار الواهية والوعود المؤجلة،
لأنه علِم مؤخرا أن الدنيا تدور ولا ترسو على حال واحدة وأنه كما تدين تدان
فلقد باعته بعدما استنفذت كل أمواله وثروته، فهي لم تحبه قط بل أحبت أمواله ،
وبعد انتهاء المصالح مزقت الصفحات ولم تكتف بطيها مثلي...
عاد لينثر بين يدي ذكريات الماضي الموجعة ، عاد ليحيي جرحا بقلبي لم يندمل بعد
ويوقظ ثورة الغضب ونار الوجع وتلك العتابات التي سطرها قهري...
وبات نحيب ندمه صوت المكان ...وتوقع أن قلبي سيضعف كعادته ويرفع راية الاستسلام والحنين،
لم يدرك أنه مات والأموات لا يعودون واكتفيت أنا بتأمل ملامحه بعد دهر من الغياب،
فأنا أرفض الاتكاء على الأعذار والمبررات، ربما طفح الكيل ولم يعد في جوفي مزيد من الصبر...
ولكنني في الأخير أدركت أنه لقاء أجساد فقط أما الأرواح والمشاعر والحب فقد تبخرت بسبب لحظات الفقد والغياب البائسة
وضاع عمري وتلاشت مشاعري وصارت تعاني من الاندثار في لحظات الانتظار
هناك تساؤلات كثيره تحوم كالغربان في رأسي، وتقتات على بقايا تفكيري المرهق
هل كنت مجبرة على انتظاره حتى تنتهي مدة صلاحيته
لدى من باع قلبي لأجلهم؟؟
