المرأة البالون ...بقلمي
ط¢ط®ط±
ط§ظ„طµظپط­ط©
سلمى قباني

  • ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 15873
    ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 5660
كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
سلمى قباني

كاتبة قصصية في منتدى القصص القصيرة
ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 15873
ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 5660
ظ…ط¹ط¯ظ„ ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ ظٹظˆظ…ظٹط§: 2.8
ط§ظ„ط£ظٹط§ظ… ظ…ظ†ط° ط§ظ„ط¥ظ†ط¶ظ…ط§ظ…: 5707
  • 16:15 - 2017/04/22

المرأة البالون 

اهداء 

الى صديق شجعني على الكتابة من جديد 

انا التي منذ زمن خبأت قلمها و هربت من الحروف 

اتمنى ان تجد هنا ما يروقك ...

http://store6.up-00.com/2017-04/149286720617841.jpg

سماء باريس الرمادية تطل من نافذتي ..تدعوني لشرب فنجان قهوة مرة علني أنسى مرارة الفقد...ابدأ صباحي بصمت..توقفت عن سماع الأغاني الشعبية منذ زمن..لم اعد أريد أن يربطني شيء بالوطن ..حتى الشارع الذي سموه"معطوب الوناس" أتحاشاه..تناسيت صوت الباعة المتجولين و محوت من ذاكرتي كل العادات التي نشأت عليها..لا احتفل بشيء هنا..اعمل و أعيش و فقط ...أدير ظهري لغرفتي المليئة بالفوضى و استنشق هواء باريس بعمق فأكاد اختنق ..هل لعنت الهواء يا ترى قبل أن تنام البارحة ..هل أوصت كل غيمة هنا بان تكون أمطارها حمضية ..أخاف على جسدي إن أمطرت..أخاف من لعناتها أن تلاحقني ..لا ..ما الذي أتفوه به..هي أكثر براءة من هذا ..هذا ما يجلدني كل ليلة ارتمي فيها على وسادتي و ابكي كطفل أبعدوه عن أمه..يجلدني أنها حنونة معي رغم قسوتي معها..أحيانا أتمنى لو أنها تصفعني ..لو تصرخ في وجهي و تشاجرني و ترمي الأشياء هنا و هناك ..لكنها لا تفعل ..تقابلني دوما بوجه باسم و تدعو لي اثر كل صلاة ..أنا الذي توقفت عن الصلاة منذ زمن و لم اعد اعرف من القبلة و الاتجاهات سوى مقر عملي ..أغلق النافذة و أهم بأخذ حمام بارد يقتل ما تبقى في قلبي من دفء..احتاج لان أكون باردا اليوم من اجلها ..يداهمني اتصالها كدورية شرطة ..أصبحت أخافها ..أخاف إن كذبت عليها و إن قلت الصدق ايضا ..

-صباحك سكر...خذ حماما سريعا و قابلني عند محطة الميترو ...لا املك الكثير من الوقت ..آه تذكرت دفء نفسك جيدا فأحوال الطقس متقلبة كما ترى ...اخبرني هل أخذت إجازة من العمل ..لا أريدك أن تطرد بسببي ..نلتقي بعد قليل ...نسيت أن أقول "احبك"..

لا تدعني أقول شيئا ..تسأل و تجيب و تعلق و تغلق الهاتف على عجل ليس بخلا منها هي التي لا تحسب للمال حسابا ..بل لأن حزنها قد يظهر إن أطالت مدة المكالمة ..تكابر دوما ..أو على الأقل تحاول ..

بعد نصف ساعة أو أكثر بقليل التقينا..كانت تلبس الأسود..تنظر إلي بعينين جامدتين و كأن الموت تخطفها من أمامي ..و بقيت جثتها شاهدة على ما جنيته أنا..شعرت في حضرتها بأني صغير جدا ..اصغر من استحق هذا الحب الذي تحمله لي..لم تقل شيئا..نظرت لباريس نظرة أخيرة و تنهدت..استجمعت شجاعتي ووضعت في يدها عطرا فرنسيا حرصت أن يكون مميزا مثلها..كعادتها ترفض الهدايا الغالية..تبرق و ترعد و أصر على أن تأخذه..فتوافق على مضض و تقول بصوت خافت "أردت دوما الوردة لا عطرها..أردتها أن تنبت في موطنها..لا أن تجتث و يضعونها في قوارير " ..أتظاهر بأنني لم اسمع شيئا و نمضي... 

رافقتها للمطار مكسور الفؤاد..أحمل حقائبها بيدي و هم العالم كله بين كتفي..أمازحها و أشاكسها كالعادة و تنفجر عنادا و عصبية في وجهي كأنثى "بالون "..تروقني طفولتها و يزعجني أن لا شيء يعجبها..تلتقط مئات الصور و تنتقدها كلها..تشتري الكثير من الملابس و لا ترتديها ..مزاجية جدا ..هذا الصباح كانت جميلة جدا و حزينة جدا جدا و عندما يجتمع الدمع و الابتسامة في وجه أمراة عاشقة تصبح مدمرة للقلوب..كنت اشعر بقلبها الصغير يتشظى إلى قطع صغيرة و كانت الشظايا تدميني و وقف كلانا ينزف في المطار و نكابر على آلامنا كناضجين .

خذلتها مرة اخرى كما فعلت قبل سنوات و تركت الجزائر و عائلتي ووضعا مستقرا نوعا منا لأبدأ من الصفر هنا ..يومها بكى كلانا في المطار و اليوم بكت وحدها ..هل تراني أصبحت رجلا قاسيا ..هل برودة أوربا حولت قلبي العربي إلى مجرد آلة لضخ الدماء..تمنيت لو أضمها إلي و اخبرها و لو كذبا أن كل الأمور ستحل و أننا سنكون معا للأبد لكنني آثرت صدق اللحظة رغم الوجع..كانت امرأة لا تعطي أكثر من فرصة واحدة و لأنها أحبتني بعنف منحتني فرصتين فمنحتها خذلانا بلا حدود و هي تهمس لي في أذني "لا تغضب مني إن أزعجتك انتبه على نفسك و كن سعيدا"..كدت أجثو على ركبتي و اطلب الغفران منها كقديسة ..تكوم الطفل الذي بداخلي في أقصى زوايا الروح و أعلن الزمن بداية شتاء الحياة..حبها كان دفئا من نوع خاص..هي التي تتصل لتتأكد أنني تناولت طعامي و تترك رسائل الواتس لتذكرني بموعد الطبيب و لا تنسى أبدا أن تسال عن عائلتي..برفقتها اشعر برجولتي..نظرتها الحادة لكل أنثى ترمقني..كيف ترفع حاجبها لتستفسر من المتصلة إن سمعت صوتا أنثويا.غيرتها حلوة و جنونها أحلى ...

فقط برفقتها صارت مراقبة نهر السين ممتعة..و دون أن نضع اسمينا على قفل في "الجسر التاسع" كنا متأكدين بان حبنا حقيقي و مستحيل أيضا فابتسمنا لبائع الأقفال و مضينا..لم انتبه لجمال حديقة "بارسي" و "لوكسمبورغ" إلا و هي تجري هنا و هناك كطفلة و تلتقط الصور بحماسة..على ضفة البحيرة في حديقة "سانت فانسانت" كان لون عينيها أجمل من أي منظر طبيعي آخر و على قمة "مونبرناس" و "نوتر دام" صارت باريس أحلى و كأنها تحتفل بقدوم هاته المتمردة الصغيرة التي تصر دوما أن تكون تشي جيفارا و تموت لأجل الوطن..و هي تلتقط السالفي مع الموناليزا أحببت ابتسامتها أكثر..و هي تتذمر من شكل برج إيفل أحدثها عن مقام الشهيد فتنفجر في وجهي المرأة البالون مرة أخرى .."إلا الوطن يا حبيبي إلا الوطن"..

عندما تناديني حبيبي و تصمت اشتاق لعمر اسمعها فيه تداعب صغارنا و تتذمر من عدم مساعدتي لها في شؤون البيت..و يتكوم الطفل الذي بداخلي على نفسه أكثر و يشهق بالبكاء..في السينما تضحك بهستيرية و تبكي بحرقة..سخية في مشاعرها كثيرا و تنفعل مع كل مشهد بصدق..ترفع يديها بفرح لزواج الأمير من الأميرة و تسقط علبة الفشار على الأرض و أكاد اخنقها و هي تبتسم..تعلق على الأسعار في شارع "الشانزيليزيه" بتذمر و تقول "الهدف أن تكون غنيا و ليس أن تبدو غنيا"..نسير و نسير و نسير و هي تثرثر دون انقطاع..معها احتاج براسيتامولا من نوع خاص يخفف ألم قلبي و ليس رأسي فقط.

تقترب مني و تقول "ساشتاقك عمري القادم كله"..اقترب منها و أقول اثر تنهيدة.."أسرعي و إلا فاتنا المترو" و تنفجر ضحكا"..تعلق " رومانسي جدا بسلامتك" و نبتسم..

أريد أن أبقيها بقربي للأبد لكنني لا استطيع..الأمر أقوى مني..أحيانا الحب وحده لا يكفي و هي لا تفهم هذا..لا يوجد عصا سحرية و زمن المعجزات انتهى فماذا أقدم لها غير عمر من العذاب..ينتهي الأبد الذي أريده بقربها على صوت المكبر يعلن عن الرحلة المتجهة للجزائر تبتسم لي لاخر مرة..تبتعد قليلا ثم تلتفت و تلتقط صورة لي و عندما تبعد آلة التصوير عن وجهها أرى دموعها بوضوح ..أستند على اقرب جدارخائر القوى و المح صغيرتي تختفي في الزحام فأدرك أنني هاته المرة خسرتها للأبد..

على الهامش

"كان يمشي بخطى عجولة كانما يركض لموعد عاطفي

لحقت به امسكته من كتف قميصه ..شددته التفت الي بوجه مريض

توسلته..ايها العمر قف قليلا لنتفاهم" ابراهيم جابر ابراهيم

و مازلت انتظر ان اتفاهم معه!!  


 

 المرأة البالون ...بقلمي
ط¨ط¯ط§ظٹط©
ط§ظ„طµظپط­ط©