علي أن أكون تحت المجهر،
وأن لا أبالي بالخيبات ..أن أرى
السرير ساقط ..والسلم درجاته خشبية والسوس يأكله..
بجرة من طين ..وهفوة من حبر ..وووجع من آدم ...
لم تكن تعي ماحولها ،كان رأسها يؤلمها ؛ كأن هناك ضربات من مطرقة
ومن يدق كان لايرحم ،أغمضت عينيها بألم ،وهي تتوسل أن يتوقف الطرق ،فعاودت فتح جفونها بتثاقل لترى ماحولها
كان الجو رماديا ..أو هكذا تراءى لها ،لكن أين أنا ؟،سمعت همهمات كانت إلى جانبها ،فأخذت أناملها تحاول لمس من أحسته بجانبها،
فزعت عندما وجدته لحما طريا أدارت نحوه وجهها وملامح الفزع تسبقها،
اللون الرمادي أعاق نظرها ،فٱقتربت أكثر لترى قطرات ماء على وجه قبيح جدا وأسنان مصفرة ، في الحقيقة هي بقايا أسنان
الضحكة التي كانت تظهرهم شيطانية المنظر ..رفعت يديها عاليا أرادت ان تتكلم
أسكتها شش ..لم أنته بعد حلوتي لاتتكلمي لا أظن انك قادرة على أي كلمة الآن ..
تمتمت :لكن أين أنا؟
أجابها صوت يشبه الفحيح : في بيتك ياعروسة ..هل نسيت أنك كنت صاحبة الحفلة اليوم؟
هيا دعيني الآن
وٱجمعي جسدك، ومخلفاتك أريد أن أنام٠٠
آه نسيت ٠٠لاتتغابي كان المهر أكثر مما يستحقه والدك
سأنام الآن ٱتركيني
مرت دقائق حسبتها دهرا قبل ان تسمع شخير ذلك الوحش وتذكرت السهرة
العرس ..لم تكن تعلم ..ولم تكن تعرف كان كل ماحولها باهتا كتلك الليلة
لازالت تحفر داخلها الألم ،ولعلها لم تعرف معنى الفرحة ..لأن ضجيج تلك الليلة ليلة ختانها كان حاضرا ..
تراجعت بخطوات سريعة ،وهي تغمض عينيها ..كأنها تمنع توالي الصور، التي أبت أن ترحمها ذاكرتها منها
..فأوقعت طاولة كانت على جانب المكان الذي ينام فيه الوحش ..
هيا يا ٱمرأة كفي عن التململ ..وٱغربي عن وجهي ..
قامت بسرعة وهي تجر جسدها ،وما تبقى منه ..كانت نظراتها تتقافز وتتمثل لها الليلة كاملة ..
رأت نفسها بين ذراعي الوحش٠٠
لم تكن السهرة حفلة بل كانت شبه مأدبة على مائدة كبيرة الحجم ؛يتوسط المكان والدها، كان يضحك ملء فمه ..ويضرب بكفه كف الوحش
وفي الصالة كانت جدتها واقفة بحزم تعطي الأوامر لأمها ..من قال لك أنها صغيرة هل تريدينها أن تجلب لنا العار
ٱنظري أنا تزوجت أصغر منها بسنوات ،وأنت أيضا٠٠ألا تذكرين؟
لكني أريد لابنتي أن تتعلم، أن تعرف ماذا تعني أنثى؟!
يكفي أني وافقتكم على ختانها
ضحكة مجلجلة وبعدها صوت ثلجي ..ومن تكونين حتى تبدي رأيك؟ ٱصمتي
وٱشرحي لابنتك ماعليها فعله الليلة٠٠
يا أمي هو أكبر منها بكثير حتى أنه أكبر من والدها ..
كيف أشرح لها، ٱنظري إليها ،هي لا تعرف حتى أن اليوم هو عرسها
إنها تلعب بدميتها ..أرجوك حاولي أن توقفي هذه المهزلة ..فأنت الوحيدة القادرة على أن تجعلي ٱبنك يتعقل ..
وهل في نظرك ابني احمق ..أنا موافقة على هذا الأمر ..وٱبنتك التي تلعب هناك لقد تجاوزت العاشرة من العمر
لكنها ياأمي ..لاتزال تنهض من نومها كل ليلة ..كوابيس ختانها لازالت لم تبرح خيالها ولاذاكرتها ..
إذن هذا ماسيجعلها تنسى كي تبني حياة جديدة بعيدة عن حضنك؛ فقد جعلتها لاتفقه شيئا من أمور الحياة بدلالك لها٠٠
لقد قضي الأمر الآن ٠٠سيصونها وستكون كأميرة٠
كانت الكلمات والصور تتراقص أمام عينيها ، وهي تلم ملابسها الممزقة وتحاول أن ترتديها .. تحس بالألم في كل نواحي جسدها
من الجروح التي عليه .. تذكرت الوحش ..فتألمت اكثر للذكرى!
رفعت يديها الإثنتين ،كي تمسح دموعها؛ سقطت أرضا من جديد
وسمعته هذه المرة ؛كان وراءها تماما جفلت لرؤيته٠٠
لم يعد المكان يحمل ضبابا...هي ترى الآن بوضوح كان المكان يحمل عينين وأنفاً معقوفاً ، وبسمة تظهر أسنان صفراء، تخرج منها رائحة،
تشبه رائحة لا تذكر أين؛ كانت تزكم أنفها و
هي في منزلها الريفي ..رفقة دميتها
قطع خيالها: هاتي لي كوب ماء٠٠ أسرعي يا امرأة
للمرة الثانية يقول لها هذه الكلمة ماذا تعني امرأة؟؟
حاضر سيدي٠٠ حاضر؛ أوقفت تفكيرها وأسرعت تبحث عن مكان الماء
غابت لوقت طويل ..
هي لم تغب هي فقط كانت تتجول بملابسها الممزقة في منزل ضبابي اللون
كانت تقفز تحاول ان ترسم الفرحة ..كي تتناسى جراحاتها الجسدية وهي تقول كان ذلك السيد .. قاسيا
لم كان يضربني؟
ملامحها تتبدل كلما تساءلت مع نفسها ..وكان هو في الجهة الاخرى من المنزل يراقبها بمكر
أحست بنظراته توقفت عن اللعب
وأتت إليه بسرعة وكأن تلك النظرات كانت تجبرها أن تطيعه ،دون أن يتكلم ،
آسفة سيدي لقد ..لقد ..لقد نسيت ما قلته لي ..عفوا لا تؤلمني مثل أمس
وأعد ما طلبته مني وأنا سانفذه حالا آآا آسفة ..آا آ سفة٠٠
قلت لك أريد كأس ماء!
لكني ٠٠لاأعرف أين تقع الحنفية؟!
قهقه مطولا وأمسكها من ذراعها بعنف ؛أوجع قلبها قبل يدها، كانت الدموع تجري.. تجري تلاحق الخطوات
أحست بأن عينيها ،تتوسلان إليه ..ٱمسحي دمعك، لستِ طفلة الآن..
ماكان بينا ليلة أمس، يظهر ذلك بوضوح؛ ألا تفهمين ما وقع بيننا؟
حركت رأسها يمنة ويسرة..
وأجابت :لا أعرف؛ فقط أعلم ياسيدي ،أنك لم تكن حنونا، كماوعدتني جدتي
ولم تعطني الحلوى التي أنتظرها .
