وردة باردة لم ينم ليله ولم يغمض له جفن أبدا .. وطوال ساعات ليله الطويل والمظلم راودته أحلام من الحاضر ومن الماضي البعيد, وحين غالبه الأرق ولم يجد بدا في صراعه معه أستسلم لتأملاته, وراقب سحب الظلام في يأس بسماء غرفته. في الجهة الأخرى زوجته ... توليه ظهرها وتغط في نوم عميق جدا لا تقطعه إلا حشرجتها أحيانا أو تقلبها..... طبيعتها تغيرت كثيرا عن أول يوم للقائهما , وبقدر ما كان نومها هنيا بقدر ما كان أرقه معذبا ..... وطال به النظر جهتها حتى أستحضر يوم زواجه بها ,وبدا له في ظلمة ليله أن لا شيء يجمعه بها أبدا غير لحاف السرير وهواء الغرفة المغلقة. تساءل فعلا إن كان ما مضى من عمره رفقتها هي حصيلة 5 سنوات من زواج بدأ بحب عاصف ووعود لا تنتهي أبدا و لم يجد جوابا لسؤاله ولا مهربا من حيرته و بدا له أن كل شيء , يسير باتفاق رتيب وممل مع تحجج بالعياء وهروب مستمر مما اعتقده تمرة كل عشق مباح . ولو عاد به الزمن لسنوات لفضل أشواكا دافئة على وردته الناعمة الصاقعة. كانت نفسه تواقة لأشياء كثيرة, طالما حلم بها ورسم لها مداخل ونهايات في أوج شبابه, وهاهو الواقع يطمس الوجود ويمحو نسائم ربيع لم ينزل أبدا ولم يحط يوما رحاله, ولم تورق أبدا أشجاره معاشرته لها بهذا الشكل أظهرت أشياء غابت عنه ولم يتوقع لها وجودا, لكنها للأسف حضرت وحظه أنه صادفها في طريق نصيبه .... حضورها آلمه بشكل لم يتوقعه يوما , وأستصعب عليه موقفه وأثقلت عليه روحه التواقة...................................... أما هي فممددة بجانبه في قالب أنثى بديع لكنه خال من كل دفئ. ..تململت و غيرت وضعيتها جهته وقابلته بوجهها فدفعت طرف اللحاف بقدمها وأبعدته عنه .. لم يولي أبدا اهتماما ولم يتوقع أن تفتح عينيها عليه ... وما أكثر الأشياء التي أبعدها عن نفسه بزواجه بها ... وما أكثر الأشياء التي قرأ عنها وجربها معها, وما أكثر ما نصحها به الحكيمات........ لكن هيهات أن تنبعث الروح من الجماد أو الحرارة من الجليد وها هي بسمتها تعلو صفحة وجهها اللامعة. آمن أن الحب نهر , والزواج السعيد نهر أخر , وأن سعيد الحظ من صادف النهرين معا في مصبه الدافئ وأن تعيس الحظ من حطت بسمائه غيوم البرد الصاقعة. لم تكن الساعة قد وصلت السادسة صباحا وظلمة الليل في شبه عراك مع خيوط الصباح الواهنة , ومع ذلك لم يجد بدا من مغادرة فراشه فتدثر في معطفه وجلس قبالة التلفاز . كان يعرف جيدا موطن الجرح النازف لكنه فضل تجاهله بمشاهدة التلفاز وكان ذلك حاله لسنين مضت من زواجه البديع. بقلم سبايدر
|