فاطمة..............بقلمي
ط¢ط®ط±
ط§ظ„طµظپط­ط©
spiyder

  • ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 3025
    ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 4961
مشرف سابق
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
صاحب ردود قصصية متألقة
spiyder

مشرف سابق
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
صاحب ردود قصصية متألقة
ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ: 3025
ظ†ظ‚ط§ط· ط§ظ„طھظ…ظٹط²: 4961
ظ…ط¹ط¯ظ„ ط§ظ„ظ…ط´ط§ط±ظƒط§طھ ظٹظˆظ…ظٹط§: 0.4
ط§ظ„ط£ظٹط§ظ… ظ…ظ†ط° ط§ظ„ط¥ظ†ط¶ظ…ط§ظ…: 6926
  • 14:01 - 2016/09/14

 

 

فاطمة

 

  
  اسمها فاطمة, وكنا نناديها عبد الستار, لا لشيء إلا لقوة بنيتها وسراويل الذكور الأكبر منها والتي كانت تلبسها أحيانا.
لباسها  كان  بسيطا للغاية , ويوحي  بأنها  تلبس  ما  تجده  دون عناية  من أحد, وكذلك شعرها الأصفر المشبوك   في  العادة ...لكن  بؤسها لم  يخف أبدا  قسمات  جمال  وامضة  ورثتها  عن  أمها ,    وفي  كل  ذلك فقد كانت  نشيطة  تلاعب  الفتية  والفتيات   بشقاوة  لا تنسى  أبدا .

تصرفاتها  معنا  كانت  غاية  في  الطيبة  والبلاهة ..  بل  لأنها  أقوى منا   فقد كنا  نحتمي  بها  من  تلاميذ  الأقسام  الأخرى داخل المؤسسة .
  في  قسم الرابع الابتدائي  كنت من أقرب  الأصدقاء  إليها  لأنني  درست  معها في  الأقسام السابقة  ,بل  كنت أعرف  عنها  ما لا يعرفه أحد  أبدا  لأنها  ابنة  جارنا الفرناتشي,  وهذا هو  الاسم  الذي  عرفته به , قبل أن أعرف أن المقصود  به  فيما  بعد  هو  الفحام  في  فرن  الحمام  العمومي.
لم أنادها  يوما  بعبد  الستار لأني  أخذت  عن  ذلك  علقة  لن  أنساها  يوما  من أمي  والتي  كانت تستقبلها   أحيانا  في غياب والدي  وتعتني  بها  وتوصيني  بأن أعاملها  كأختي , ورغم  أني  كنت أتهرب  منها أحيانا  بسبب  بنيتها  الكبيرة  والقوية, وسخرية  الأطفال  منها , إلا أني لم  أجرحها  يوما  ....  لا لشيء  إلا لأني  كنت أعرف  عنها  ما تقصه  أمي .

وقد  قالت    وهي  توصيني  بها :
-إن  سمعت  أنك  قصصت  على أحد  ما نعرفه  عنها  سأقطع لسانك بهذا المقص
فاطمة  كانت تستقبل  مني  أحيانا كيس  الخبز  الصغير  بفرحة عارمة,  ويوما  ما لمحت دمعة  بعين  أمي  وأنا  اقص  عليها  فرحة  فاطمة  بالكيس  الصغير , لذلك أصبح  علي أن أبحث  عنها    كل  صباح  وسط  ساحة  المدرسة لأمدها  بالكيس , وفي  يوم  أخر  سمعت أمي  تقول  وهي  تتحدث  إلى أبي:
-أخشى  عليها  كثيرا  من أبيها  الفرناتشي  فهي  تعيش  معه  لوحدها  بعد  وفاة  أمها  وهو  يأتي  في  الغالب  متأخرا  وسكرانا
ويجيب أبي:
-ربما لا تعلمين  حقيقة  شعور  الأبوة...لا أحد يفعل  بابنته  ما تسمعينه  في  قصص الأخبار  حتى  ولو  كان سكرا نا  ....  إحساس  الأبوة  أقوى  بكثير  من السكر... وهؤلاء  الذين تتحدثين  عنهم  مرضى  مرضى...  أما  عباس  الفرناتشي  فيفعل  ما  في  وسعه  من أجل  ابنته فاطمة .
-أتمنى أن  يكون  كلامك  صحيحا  وإلا  فالمسكينة  تقطع  القلب ,ولولا رفضك  القاطع  لجلبتها يوميا  إلى المنزل  للعناية  بها.
-أعرف  جيدا حسن  نيتك  لكنى  أخشى  أشياء كثيرة لا تعرفينها  أنت ,  أرسلي لها  ما  شئت  مع  طفلك المدلل , لكن  من فضلك   لا تحضريها  للمنزل   فلا طاقة لي بعباس وتمرده وهو  في  النهاية  لا يملك  شيئا  يخسره.
أما  في  القسم  ففاطمة  عرف  عنها النشاط ومتابعة  الدرس  والحفظ  المستمر  للقرآن, ومرة قالت  أنها  لا تجد  صعوبة  أبدا  في  حفظ  القرآن , وأن  الأمر  لا يكلفها  غير  قراءة  واحدة  للحفظ ,ولأننا  صغار  العقل فقد  صدقنا الأمر  وأصبح  الجميع  يناديها  عبد  الستار الفقيه , أما  هي  فكانت ابتسامتهافوق كل شيء  ...... كانت ابتسامة  تخفي  أشياء  كثيرة  تعلم  منها أمي  جزءا  فقط , ويحتفظ قلبها   بالجزء الأخرالمتبقي .
فاطمة  لم تكن  أبدا  موضوع  ملاحظة  للباسها  أو  شكلها  أو  شعرها في  الأقسام  السابقة ,  بل  كان  الجميع  يعاملها  برفق تقابله  هي  ببسمتها,   وفي  القسم الثالث  كنا نشاهد مدرسة  اللغة العربية  تمشط  شعرها   وتصلح  هندامها  بين  الحصص  .
لكن 

  في  القسم الرابع تغيرت  أشياء  كثيرة ,والمدرسة  التي  أحضروها  لنا  لتدريس  اللغة الفرنسية  شديدة الملاحظة ,ولا يعجبها  العجب  أبدا  ,وليس  منا  أبدا  من لم  يفز  منها   بعلقة  بسبب  إحدى  ملاحظاتها  للباس , بل  خوفا  منها  أصبحنا  نراقب  أضافرنا  قبل  دخول  القسم .
أذكر جيدا  أنه  كان  يوما  من أين  الشتاء  الباردة  للغاية

أخد  الجميع أماكنهم متدثرين  بمعاطفهم الشتوية , فبدأت  المدرسة   زيزا كما كنا  نناديها وهو أختصار للقب   طويل (أبو العزة)جولتها  لمراقبة  الدفاتر.

كنت  أتوجه  ببصري  إلى السبورة  وأسمع بين الفينة والأخرى  صرخة  خلفي  أحاول  أن استبين  صاحبها من صوته , لأعرف  موقع المعلمة  وموقع  الخطر  القادم,   ثم  توقفت  المدرسة  للحظة خلفي  وهاج القسم  بالضحك.
عرفت  أنها  توقفت  عند  فاطمة, تم  سمعت  صرخة هذه الأخيرة  وهي تسحبها من أذنها  أمام  السبورة , ووضعتنا أمامنا  وأمام  السبورة.
فاطمة كانت  تقف في مواجهتنا وتحتفظ  بابتسامتها    وهي  تراقبنا ,وترد  على  ضحكات  الجميع  ببسمة بلهاء, وتلتفت بين  الفينة  والأخرى معبرة  عن  حيرتها  في  موقف  لم تتعرض  له  من قبل ولا تعرف كيف  تتصرف  فيه .
وفي  عز الشتاء  البارد  شاهدناها  عارية الركبتين ,تلبس  معطفا  متسخا , وسروالا  قصيرا   يبدو  جديا  أنه  كان سرولا كاملا وثم قصه  من الركبتين, وقدمين  عاريتين وسط  صندل  بلاستيكي  .
الأطفال  لم يتمالكوا  أنفسهم  من الضحك,  ولم يوقفهم إلا تهديد  المدرسة تم  سألت  فاطمة:
-هل أنجزت  التمارين
بخوف    تجيب  فاطمة  دون التخلي  عن  بسمتها  البلهاء  أمام  أنظارنا:
-نعم معلمتي
-أعطوني دفترها
تم  تتفحص  الدفتر  وتتبين  جديا  أن  فاطمة  تنجز  كل  تمارينها وهو ما عرفناه  فيها  طيلة زملاتنا  لها
-أعطوني  محفظتها 

هكذا  قالت المدرسة , فسارع  أحد  التلاميذ  إلى إمدادها  بها , فتبين  أنها كيس   خشن   من الذي  يستعمل  للخضر 
وفتحت المدرسة  الكيس تم  أخرجت  منه  بعض  الكتب  وكيس  الخبز  الذي  تعرفت   أنا عليه
تقوقعت  في  مكاني,  وخشيت  أن  أنال  علقة  إذا عرفت المدرسة أني  أنا من أمدها بالكيس.

 المدرسة  زيزا كانت  تتفحص  فاطمة وتشير  إلى ركبتيها المتسختين  بنظرات  مزدرية  وتردد  أمامنا
-هل  هذا  حال  تلميذة  هل  هذا  شكل  تلميذة  تدرس  بالقسم الرابع ...  هل  تعتقدين  أنك  تدخلين زريبة  .......هذا  قسم    تعليمي
هكذا  كانت المدرسة  زيزا  تصرخ , وموجة  الغضب تعميها  وهي  تشير  إلى  سروال  فاطمة  القصير  والمقطوع  بالمقص  فوق  الركبتين , والصندل  البلاستيكي  ,تم  ضربتها  بالكيس  على  وجهها  وسحبتها من أذنها إلى  خارج  القسم.
وبضربة  واحدة  من عصاها  على  الطاولة  عاد  الهدوء  إلى القسم,  وسحب  كل  تلميذ لسانه إلى   داخل جممته .
انشغلت باللعب  رفقة  زملائي  مساءا , فلم أحك  لوالدتي  ما  وقع ,تم  تسلمت منها  كيس  الخبز الصغير صباحا  وغادرت  على  عجل.
 والواقع أنه لم  يكن  في  الأمر  جديد  بالنسبة  لي,  ففاطمة    كما  عهدناها  منذ  القسم  الثاني   .......ذلك  حالها  لم يتغير  فيه شيء  رغم  الفقر  الكبير  ووفاة الوالدة  التي  قد  تعتني  بها , إلا  انها  تتدبر  أمرها  وتلبس  ما  تجده لتلتحق  بمدرستها  .
الأب  عباس الفرناتشي  يقضي  جملة  يومه  في  فرن  الحمام  من أجل  تسخين  الماء مقابل  أجر  زهيد  يكفيه  لقوت  يومه  رفقة  طفلته.
 وفاطمة تقضي يومها  بين  المدرسة  أو  الفرن   والمنزل  رفقة  الأب .
سمعت أبي  كثيرايتحدث  عن  عباس,  وعن  حبه  لابنته  ورفضه الزواج من جديد  من أجلها , و  قال  أنه  سمعه  يقول:
-بعد  وفاة  خديجة  كنت  سأجد السبيل  للموت العاجل  لولا  فاطمة
ولأنه  أخل  سبيل  الموت  من أجل  زوجته  المتوفاة في  نزيف  ولادة ,  فقد ضل  وفيا  لقوارير  الخمر الرخيصة بشكل  يومي , لا لشيء إلا من أجل  نسيان  طفل  ذكر  وزوجة غادرا  في  يوم واحد.
وأمام  تخوفات  أمي  الكثيرة  عن فاطمة كان أبي   يجيب:
-الله  كفيل  بها  وبغيرها
زوالا  عدت  للمنزل , وقد  تغيبت  فاطمة  عن القسم   في  الفترة الصباحية ,وكانت أول  مرت  تتغيب  فيها  ,ورغم  صغري  فقد  أدركت  أنها  تأثرت  بما وقع  كما  قلت  أنها  لن  تعود  أبدا  ,  ولأني  تأخرت  في  قص  ما  وقع  على  والدتي فقد كان  جزائي صفعة  ساخنة  على خدي    وأنا  أخبرها في اليوم  الموالي,  تم دفعتني  بشكل  كاد  يقلب  فرن الغاز  علي  و  سارعت  إلى  غرفتها .
أمي  يتيمة  الأبوين, وقد  كانت  تجيب  في  كل  مرة  أسالها  عن  جدي  أنها  لم  تره  يوما , وأنه  مات  قبل  ولادتها  بحادثة سير, وأن  أمها  لحقته  بعد سنين  بسيطة , وأنها  كبرت  في  كنف  خالي عبد  العزيز  أخوها  الأكبر  وزوجته.
التحقت  بالقسم  في  الحصة  الزوالية كعادتي

وهالني أن  شاهدت  أمي   بجلبابها الأزرق  أمام  باب  المؤسسة ,  ورغم صغر  سني فقد أدركت أن  الأمر  جلل , وأن  حضورها  سيتمخض  عن  زوبعة لا  محال .
أقتربت  منها  مستطلعا فأمسكتني  من  مقبض  محفظتي  الظهرية  ودفعتني  قائلة:
أغرب  عن  وجهي  إلى  قسمك
  وبالفعل فقد التحقت بقسمي  بالطابق  الثاني,  و  من هناك  سمعت  صراخ  والدتي  أمام  إدارة  المؤسسة  ,وكان  صراخا  عاليا  يصل  صداه  إلى قسم  المدرسة  زيزا  والتي  أخرجت  رأسها تستطلع  الأمر  ,وحين أدركت أن الأمر  يخصها  نزلت  بسرعة  فتبادلت السب  واللعن  مع  والدتي  داخل  فضاء  المؤسسة   في مشهد  كاد  يوقف  نبضات  قلبي    خوفا  من انتقام  المدرسة.
ولأول  مرة  أعرف  أن  لأمي  وجها  أخر مخفيا,     رأيت  جزءا منه  وهي تصفعني   وتدفعني, والأجزاء  الباقية سمعتها  في  المدرسة   وهي  تصرخ  بأعلى  صوتها :
-إنها  يتيمة  هل  تدركون ذلك  هل  تعرفون  معناه
كانت هائجة للغاية  وصوتها  يملأ  ساحة المدرسة ويتخطى أصوات  من يحاولون  تهدئتها  .

المدرسة  زيزا  لم  تتفحص أضافرنا  أبدا بعد ذلك
أما أنا  فقد  أخذت  علقة أخرى  من أبي  أكثر حدة
وقد قال  وهو  يمد  الحزام  إلى ظهري:
سئمت منك ومن أخبار  السوء  التي  تحملها  إلينا  وقد كدت  تزج  بوالدتك  في  السجن  أيها الملعون.


                                                                                                                                                                 بقلم سبايدر

 


 فاطمة..............بقلمي
ط¨ط¯ط§ظٹط©
ط§ظ„طµظپط­ط©