مجرد هذيان
كان يمشي وحيدا ، و المساء تداعب خدوده النجوم..!
الشارع أمامه ملتو و يجتاح الأرض كأنه ثعبان أسطوري .. الأمل الذي سكنه يوما لازال شامخا بذاكرته شموخ الجبال..
خمن أن النهار طويل و حار و أن الصخور التي نسفوها مع اطلالة الربيع بدت مجرد رمال ..!
أما حلمه صار مجرد وهم يسكن الفراغ .. على امتداد هذا الشارع ، مارة ..عيون تلاحق الوجوه و الزمن .. دكاكين ..أطفال ..نساء ..خريف..
و حكايا المضطهدين الذين خذلهم انتماؤهم الطبقي ..
مقاهي عامرة و وجوه هدها الإنتظار على هذا الشاطئ الموغل في أوحال الكدح !.
وجد الشاب نفسه وحيدا بين أنفاق الزمن ..استقر به المقام بين حيطان موحشة ..
كان ينتظر و الإنتظار موحش بذاك المكان ..كانت اللحظة لحظتين ، ظلام دامس و طعنة نافذة في القلب ..
هنيهة يخترق مسامعه صوت أنثوي غريب : أيها المسافر أراك وحيدا ألا تحتاج الى أنيس؟
قال و من تكونين سيدتي ؟؟
فتردد صدى صوت بذاكرته : أنا عزلتك التي تتدلى من عيون الزمن !!..
استفاق من غفوته تيقن أنه مجرد هذيان في حضرة الظلام ..!!
ــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طلاسم!..
هي أرملة حسناء تطاول قزحا في الجمال.. بنتها طفلة تبدو متعبة .!
و الفقيه ذاك الغريب الذي طرقت بابه بغتة أدرك و هو يتصبب عرقا أنها تتنفسه من أعماقها ..
تود الليلة أن يطرد الشؤم من حياتها و يناولها تمائما لطرد العين.
بعد أن هوت المرأة بقبلة على خد ابنتها و بينهما شارع طويل ،وعدتها بصباح مشرق و ببيت للزهور.!..
البنت ترتعد !.. و رياحها تزمجر في قلبه .. الرجل يبحث بهذه الثغور عن جرعة و بتلك العيون عن نظرة ..
المرأة تبكي مع قرارة نفسها و هي تحاول ان تقنع نفسها أن هذه الزيارة ربما الأخيرة!...
ودت البنت و هي تنتظر من خلال تلك النافذة لو سقط المطر و سقط هوكي تنهي فصول عذابات حطت بقلبها كالرماد ..
هنيهة تتصاعد في المكان روائح أبخرة .. دخان أبخرة ..أبخرة ترخى الجسد و تدوخه بل تكبله حد جنون العري!..
هاهو الفقيه أخيرا بيد يخط طلاسمه على جسدها العاري ..و بيد أخرى يتحسس أسرار الجمال !!...

بقلم : حرف عاشق