| وسائل عملية لتوسيع الصلات الثقافية
* فاتح عبدالسلام تقام في بلداننا العربية فعاليات فكرية وثقافية عامة ومتخصصة، تشرف عليها جامعات أو اتحادات أو نقابات أو مؤسّسات رسمية. وعلى الرغم من أنّ معظم تلك الأنشطة يتّخذ لنفسه شكلاً رسمياً ومناسباتياً يضعف من المحتوى المعرفي للفعالية إلا أنّ كثيراً من المبدعين والمفكِّرين يظلون محافظين على مستوى عالٍ من البحث والمعرفة والإبداع بغض النظر عن المكان الذي يحتضن نشاطهم. وهنا يمكن ملاحظة أنّ جدلاً ثقافياً متميّزاً يجري في هذه الندوة أو تلك الأمسية أو ذلك المؤتمر من دون أن يكون هناك توثيق تسجيلي لمداخلات الفعالية الفكرية والإبداعية فتضيع اصداؤها في أيام قليلة بعد انتهاء الأنشطة الثقافية المقامة. إذ قلما تطبع أعمال ندوة أو مؤتمر في كتاب يحظى بتوزيع جيِّد، ولعل الأماسي الصغيرة التي تتوافر أحياناً على دفق معرفي وجدلي مهم، ليس لها نصيب مطلقا من العناية التوثيقية. إنّ المرء ليعجب من شكوى بعض المحطات التلفزيونية والإذاعية العربية من قلة المساهمين في إنتاج البرامج الثقافية، في الوقت الذي يمكن أن تكون تلك الفعاليات الفكرية مادة أساسية لإحياء سلسلة من البرامج الثقافية والفكرية وليس برنامجاً واحداً فحسب، لا سيما إذا توافرت العقلية الحركية التي تعرف كيف تفيد من المواد الخام المنتجة في الندوات والمؤتمرات لتتحوّل إلى مادة أكثر جذباً، عبر إعداد متميِّز وإخراج جذّاب يوسعان من دائرة الانفتاح الثقافي والجمالي على المجتمع. لذلك كلّه، لم يعد هناك تبرير مقنع لتهافت البرامج الثقافية في الفضائيات، ومن ثمّ تدني مستواها أو انعدام وجودها أصلا.. ذلك أنّ الساحة الثقافية العربية ما زالت ولودة بالإبداع، فضلاً عن العطاء المستمر للمفكرين والأدباء العرب المنفيين في أوروبا وأمريكا الذين باتوا يقدمون كل يوم إضافة جديدة فيها رؤية مرنة وواسعة للعالم من زوايا غدت أوسع من ذي قبل، وفي ظل أجواء حرِّية فكرية. إنّ الجهات المسؤولة عن تنظيم الفعاليات الفكرية الواسعة مدعوة لإتمام اهتمامها في مرحلة ما بعد انتهاء الحدث الثقافي، حيث ينبغي نقل المشروع الثقافي إلى جميع النقاط التي لم يصل إليها محتواه في وقت حصول الحدث. فضلاً عن الجهات نفسها قادرة على أن تكفل لأنشطتها انتشاراً موثقاً وليس دعائياً اخبارياً فقط، وذلك من خلال استكمال اللجان التحضيرية لتلك الفعاليات بلجنة توثيق ونشر وعلاقات تديم أثر الفعالية وتحقق فائدة أكبر، لا سيما أنّ أدباء المشرق وفنانيه ومثقفيه تعوقهم أسباب كثيرة عن التواصل حضوراً ومتابعة لفعاليات تقام في المغرب العربي، وعكس الحال صحيح أيضاً. المصدر: كتاب الفكر مهنة |
0📊0👍0👏0👌 |