في المؤتمرات كن ذا دين وثبات: المؤتمرات ما يعجبني وما لا يعجبني
د. محمد أحمد صبري النبتيتي
في المؤتمرات كُنْ ذا دِينٍ وثبات
المؤتمرات ما يعجبني وما لا يعجبني
شئنا أم أبينا، فالمؤتمرات ساحات علمية رائعة لمن يستغلها، وربما مؤتمر واحد يُعطيك خبرة سنة، بل سنين، فكل المتحدثين في المؤتمر على اختلاف نياتهم يتجمَّلون ليُعطوك أفضل ما عندهم في تقديم مبهج لافت، لكن ككل الساحات لا بد من وجود الحلو والمالح، والصحيح والخاطئ، وما يُعجبك وما لا يعجبك.
♦ يُعجبني في المؤتمرات أن يستغل الدكتور الشركات لخدمة العلم، ولا يعجبني أن تستغله الشركات لخدمة منتجاتهم، ولو كانت غالية أو ليست فعَّالة.
♦ يعجبني الدكتور الذي ذهب ليعلِّم غيره، وأيضًا ليجلس بعد ذلك ليتعلم بتواضع وأدب، ولا يعجبني من إذا أنجز محاضرته، خرج من القاعة مستعرضًا عضلاته كخارج من ساحة مصارعة وهو منتصر، ثم يستكبر عن سماع غيره.
♦ يعجبني طلاب الامتياز الذين ذهبوا للتعلم والتبصرة واختيار الطريق، ولا يعجبني من ذهب ليجمع عينات الأدوية في شواله، أو ليتنزه في الفندق أو خارجه، أو ليبحث أو تبحث عن زوج مناسب من ضمن الحاضرين، أو ليختلط مع الجنس الآخر ويكسِر الحاجز، ويقع المحظور من خطوات الشيطان، في غفلة من الآباء والأمهات الذين ظنوا أن الأولاد ذهبوا للعلم، وفي الحقيقة أنهم ذهبوا لكل شيء ما عدا العلم.
♦ يعجبني ذلكم الطبيب الراسي الذي يجلس على كرسيه، ويصبر ليتعلم، ولا يعجبني ذلكم الطبيب الواقف في طابور شركات الأدوية؛ ليجمع ذلك المرهم أو تلك الكريمات، أو غيرها مما يجمعه ليبيعه أو لغير ذلك.
♦ تعجبني تلك الطبيبة المحافظة على حجابها ووقارها ودينها، ولا تعجبني التي خرجت بزينتها وخلعت حجابها أو بعضه، وتنازلت عن وقارها، بل صارت تُقهقه وتضحك أمام الجميع في الباصات والمؤتمرات بشكلٍ لا يليق بمسلمة وطبيبة.
♦ يعجبني الطبيب الذي إذا ما جاء وقت الصلاة انسلَّ وذهب ليصلي في المسجد، وإن لم يجد مسجدًا بحث عن أي مكان؛ ليؤدي فرض الله عليه، ولا يعجبني من شغلته الدنيا عن الدين، وترك الصلوات في هذا اليوم؛ ليجمعها حين ينتهي من دنياه.
♦ يعجبني الثابت على دينه الذي لا يحضر ما يكون في بعض المؤتمرات من حفلات غناء برعاية بعض الشركات هداها الله، ولا يعجبني من ينسلخ من ثباته، ويظن أن ذلك حضارة وتقدُّم، أن يكون في الصباح عالِمًا، وفي المساء عالمة يرقص ويُغني ويُدندن.
♦ يعجبني ذاك الطبيب الذي تفوح رائحة إخلاصه وحبه لنفع الناس في عرضه وتقديمه، ولا يعجبني ذلكم الطبيب الذي يريد أن يظهر هو فقط دون غيره، ولا يفرح بتوهُّج غيره ونجاحه.
♦ يعجبني جامع النُّتف العلمية من المحاضرات في كُرَّاسه، الذي إذا احتاج إليه راجعه، واستذكر ما فيه، ولا يعجبني جامع الأقلام والمذكرات وعينات الطعام من الطاولات، وتكون صورته ساعتها مقززة ومشينة.
♦ يعجبني ذلكم الطبيب الذي لا تغريه إغراءات الشركات، ويصبر على ذلك حتى يموت، ولا يعجبني الطبيب الذي يأخذ المتفق عليه من أموال أو هدايا أو رُشًا، ولا يُهمه العلم ولا أهله، إنما النية جمع الدنيا، عياذًا بالله.
♦ يعجبني الطبيب المتواضع مهما بلغ علمه وإتقانه، ولا يريد جزاءً ولا شكورًا، ولا يعجبني المتكبر المنتفخ كِبرًا وعجبًا، الطالب المحمَدةَ والثناء والجزاء والشُّكور من الناس.
باختصار: يعجبني الحكيم العالم المتدين، ولا يعجبني المتكبر طالب الدنيا المفتون.