ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شروط التوقيف الاحتياطي:
يمس التوقيف الاحتياطي حرية المدعى عليه، ولذلك فقد أحاط القانون إصدار مذكرة التوقيف ببعض الشروط، وهي:
1- جسامة الجريمة: يشترط لإصدار مذكرة التوقيف أن يكون الفعل المسند إلى المدعى عليه جرماً معاقباً عليه بالحبس أو بعقوبة أشد من الحبس، كالأشغال الشاقة مثلاً. ومن ثم لا يمكن إصدار مذكرة توقيف بحق شخص إذا كان جرمه معاقباً عليه بالغرامة فقط.
2- استجواب المدعى عليه: يشترط لإصدار مذكرة التوقيف أن يستجوب قاضي التحقيق المدعى عليه حول التهمة المنسوبة إليه. وهذا الاستجواب ذو أهمية خاصة؛ لأنه من الجائز أن يتمكن المدعى عليه من إثبات عدم صحة التهمة المنسوبة إليه. أما إذا كان المدعى عليه فارّاً من وجه العدالة؛ فيمكن لقاضي التحقيق في هذه الحالة أن يصدر بحقه مذكرة توقيف غيابياً.
3- أخذ رأي النيابة العامة: يشترط القانون أخذ رأي النيابة العامة قبل إصدار مذكرة التوقيف. بيد أن رأيها استشاري لا يلزم قاضي التحقيق، فإذا اتخذ المحقق قراراً خلافاً لرأيها، كان للنيابة العامة أن تستأنف القرار الصادر بهذا الشأن. وهذه إحدى الضمانات الهامة لو أحسن استعمالها وتطبيقها.
4- إصدار مذكرة التوقيف جوازي: جعل المشرع إصدار مذكرة التوقيف أمراً اختيارياً، وليس وجوبياً، فتحقق شروط إصدار هذه المذكرة لا يعني بالضرورة إصدارها فعلاً، فالقاضي هو الذي يقدر ظروف القضية وملابساتها ومدى الحاجة إلى اتخاذ مثل هذا الإجراء الخطير الذي يمس الحرية.
5- الجهة التي تملك إصدارها: خصّ المشرع السوري قضاة التحقيق والإحالة بسلطة إصدار مذكرة التوقيف، كما خصّ المحاكم بذلك بعد دخول الدعوى في حوزتها. ومن ثم ليس للنيابة العامة أو الضابطة العدلية مثل هذه السلطة، وذلك ضماناً لحريات الأفراد من التعسف والاعتباط.
ولابدّ من الإشارة إلى أنه يجب على القاضي أن يعلّل مذكرة التوقيف لجهة الوقائع والقانون، فيصّرح فيها بالجرم الذي استوجب إصدارها، كأن يذكر أنه ارتكب جرم القتل، ونوعه، فيُقال: عمداً أو قصداً أو خطأً، والمادة القانونية التي تعاقب عليه.
وصدور مذكرة التوقيف يجيز لمن ينفذها دخول بيت الشخص المطلوب إلقاء القبض عليه دون حاجة إلى إذن من القضاء.
رابعاً- حسم مدة التوقيف الاحتياطي من العقوبة:
لم يحدّد المشرع مدة مذكرة التوقيف معتمداً في ذلك على ضمير القضاة وشرفهم، بيد أن المشرع أوجب حسم مدة التوقيف الاحتياطي من العقوبة المحكوم بها، سواء أكانت العقوبة مانعة للحرية (كالأشغال الشاقة أو الاعتقال أو الحبس) أم كانت مقيدة للحرية (كالإقامة الجبرية)، وهذا ما نصت عليه المادة /117/ من قانون العقوبات بقولها:
1- يحسب التوقيف الاحتياطي دائماً في مدة العقوبة المانعة أو المقيدة للحرية.
2- ويحسم هذا التوقيف من الغرامة بمقدار ما يقرره القاضي وفقاً لأحكام المواد /54/ و/62/ و/64/، ويُسقط من مدة التدابير الاحترازية المانعة للحرية إذا قضى القاضي بذلك صراحة في الحكم.
وعلة هذه القاعدة أن التوقيف الاحتياطي - وإن لم يكن عقوبة - فهو سلب للحرية، وقد تحمّله المدعى عليه من أجل المصلحة العامة في وقت كان لايزال فيه بريئاً، وحسم مدته من مدة العقوبة إجراء تقتضيه العدالة كي لا يُضار المدعى عليه بهذا التوقيف.
وتحسب مدة التوقيف الاحتياطي من اليوم الذي تمّ فيه حجز حرية المدعى عليه بموجب مذكرة التوقيف، أو من يوم حجز حريته إذا كان التوقيف عرفياً، أو من يوم إلقاء القبض عليه من قبل الضابطة العدلية إذا كان مذاع البحث عنه.
ولا تثور صعوبة إذا أُدين المدعى عليه بالجريمة التي حُبس احتياطياً من أجلها؛ لأن قاعدة الحسم في هذه الحالة سهلة التطبيق. ولكن تثور الصعوبة إذا بُرئ المدعى عليه من الجريمة التي حُبس احتياطياً من أجلها، وحُكم عليه بالعقوبة من أجل جريمة أخرى، فهل تُطبق هنا قاعدة الحسم؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ