░░░░░░░░░░░░░░░░░░░░░░
يقصد بالردع الخاص:
الردع الخاص : هو إيقاع العقوبة على المجرم او المخالف على ما ارتكبه من فعل حتى يردعه ولا يعاود ارتكاب الفعل المجرم او المخالف مره أخرى
وبمعن اوسع التأثير الفردي الذي تحدثه العقوبة على شخصية المجرم او المخالف وذلك بالقضاء على الخطورة التي قد تتواجد لديه، مما يحول من دون عودته إلى ارتكاب الجريمة او المخالفة مرة اخرى وذلك من خلال مواجهة عوامل الإجرام الكامنة في شخصية الجاني ومحاولة استئصالها أو تهذيبها بما يجعل هذه الشخصية متألفة مع القيم الاجتماعية،
وذلك عن طريق إزالة الخلل الجسماني والنفساني والاجتماعي الذي أفضى إلى ارتكابه هذا التصرف او السلوك المخالف .
وللتأكيد على أهمية الردع الخاص كغرض للعقوبة كتب الأستاذ Garofalo) قائلاً:
((أن العقوبة في السابق كانت نقمة، وقد حان الوقت لكي تصبح أداة للتهذيب ووسيلة إصلاح تستفيد منها في تأهيل الحياة مثلما نستفيد من أي شيء آخر))().
وقد استمرت أهمية هذا الغرض حتى وقتنا الحالي، إذ يحتل أهمية كبيرة في المجال القضائي للدولة ويأخذ مكان الصدارة من الزاوية القضائية في الوقت الذي يحتل فيه الردع العام، مرتبة أولى من الناحية التشريعية .
ولعل هذا يجعل التلازم وثيقاً وواضحاً بين وظيفة الردع الخاص أو الإصلاح وبين سبل التنفيذ العقابي
ويتحقق الردع الخاص بصورة من الصور الثلاثة الآتية حسب تسلسلها التاريخي:
أولاً:
(الإبعاد أو الاستئصال):
ويقصد به الحيلولة بين الجاني وبين العودة إلى المجتمع من جديد سواء عن طريق نفيه، أو عن طريق عقوبة سالبة للحرية مؤبدة، وهذه الصورة من صور الردع الخاص تقوم على عقيدة مسبقة مؤداها أن لا أمل في إصلاح المحكوم عليه، وهي عقيدة لا تقوم على أساس سليم من المنطق، فارتكاب الجريمة أو حتى العودة إلى ارتكابها من قبل الجاني لا يدل بصفة قطعية على أن الجاني لا أمل في إصلاحه، فهذا الأخير إنسان ومهما اعتملت عوامل الشر عنده، إلا أن جانب الخير موجود فيه ومن الممكن أن ينتصر هذا الجانب في يوم من الأيام، ومما يؤكد ذلك أن الأساليب القضائية تتطور وتتقدم باضطراد بحيث يمكن أن تقضي على العوامل التي تدفع الناس إلى ارتكاب الجريمة. (9) واستناداً لما تقدم فان الفكر العقابي الحديث يرفض عقوبة الاستئصال كما إن الإعدام قد ألغته كثير من التشريعات والنفي لم يعد له وجود، والعقوبات السالبة للحرية المؤبدة تم التخفيف من آثارها عن طريق العفو والإفراج الشرطي الذي يحولها إلى عقوبات سالبة للحرية ولكن بصفة مؤقتة (10).
ثانيا:
التخويف والإنذار
ويكون ذلك عن طريق الإيلام الذي يعاني منه المحكوم عليه من جراء تطبيق العقوبة فالعقوبة بما تعنيه من حرمان المحكوم عليه من أحد حقوقه تسبب هذا الإيلام، وقد يبدو لأول وهلة أن هذا الأثر يستلزم قوة العقوبة إلا أنه قد ثبت أن قوة العقوبة من حيث تأثيرها في تخويف المجرم وإرهابه حتى لا يعود إلى ارتكاب الجريمة مرة أخرى هي ذات طابع نسبي، فقد يتحقق هذا الأثر بالنسبة لبعض المجرمين في حين أن البعض الآخر يكفيه مجرد التهديد بالعقوبة، وذلك عن طريق إصدار الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة التي قضى بها .
ولكن يجب في كل الأحوال الحذر من المبالغة في قسوة العقوبة لأنها تؤدي إلى نتائج عكسية، إذ قد يتحول المحكوم عليه إلى عدو للمجتمع لإحساسه بعدم عدالة ما وقع عليه
ثالثاً:
التأهيل والإصلاح
نظراً لفشل الوسيلتين السابقتين أو على الأقل صعوبة تطويعهما بجعل العقوبة وسيلة مائعة من عودة الجاني إلى ارتكاب الجريمة من جديد وجد علماء العقاب ضالتهم في ضرورة تأهيل الجاني وإصلاحه، وهذه الوظيفة يمكن تحقيقها عن طريق العقوبات السالبة للحرية التي من خلالها يمكن تغير القيم الفاسدة، التي رسخت في ذهن الجاني أو محاولة تهذيبها بحيث تتلاءم مع القيم السائدة في المجتمع، فضلاً عن ذلك فان سلب الحرية إذا ما تم توظيفه على هذا النحو فانه يعد فرصة مواتية لتحقيق الإصلاح والتأهيل حيث يمكن من خلال هذه المدة العمل على تحديد العوامل التي ساهمت في إيجاد القيم الفاسدة، التي دفعت المجرم إلى ارتكاب جريمته وفي الوقت نفسه، يمكن القيام بنشاط ايجابي
يؤدي إلى غرس القيم الجديدة الصالحة
مما تقدم يتضح أن للردع الخاص أهمية كبيرة باعتباره غرضاً من أغراض العقوبة وهو وثيق الصلة بنظرية الخطورة الإجرامية باعتبارها موضوع أساليبه، حيث أن الخطورة الإجرامية هي احتمال إقدام الجاني على ارتكاب جريمة ثانية في المستقبل، فيكون هدف وثمرة الردع الخاص هو القضاء على هذا الاحتمال وتأهيل المحكوم عليه وذلك من خلال إمداده بالإمكانيات التي توفر له العمل والوسائل التي تتيح له البقاء فيه، مما يخلق لدى المحكوم عليه اعتياد سلوك الطريق الموافق للقانون وهذه الصلة بين الردع الخاص والتأهيل تسمح باستعمالها كمترادفين.
░░░░░░░░░░░░░░