إجراءات المحاكم المدنية
الدعاوى المدنية منفصلة ومختلفة عن الإجراءات الجنائية. يُركز هذا الفصل على المحاكم المدنية: كيف يختلف القانون المدني عن القانون الجنائي؛ ما هي أهم فئات القانون المدني؛ ما هي الخيارات البديلة للمحاكمات، مع بحث مفصل في إجراءات المحاكمات المدنية.
طبيعة وجوهر القانون المدني
يطبق النظام القانوني الأميركي عدة تمييزات هامة ما بين القانون الجنائي والقانون المدني. القانون الجنائي يعود إلى السلوك المؤذي للمجتمع بمجمله. أما القانون المدني فيتعلق أولاً بواجبات المواطنين العاديين إزاء بعضهم البعض. ففي القضايا المدنية، تحصل النزاعات عادة بين أفراد، حتى وأن كانت الحكومة أحياناً فريقاً في الدعاوى المدنية. القضايا الجنائية تشترك فيها دائماً الحكومة من خلال مقاضاتها لفرد ما بسبب تهمة مؤذيه للمجتمع.
في القضية المدنية، تحاول المحكمة تسوية نزاع مُعيّن بين الفرقاء عن طريق تحديد حقوقهم المدنية. بعدها، تقرر المحكمة العلاج المناسب مثل منح تعويض نقدي للفريق المصاب بالأذى، أو تصدر أمراً يفرض على أحد الفريقين أداء، أو الامتناع عن، عمل ما. في القضية الجنائية، تقرر المحكمة ما إذا كان المدعى عليه بريئاً أم مذنباً. يمكن معاقبة المدعى عليه المذنب بغرامة، أو بالسجن، أو بالموت.
في بعض الحالات، يمكن أن يثير نفس العمل في ذات الوقت إجراءات قانونية جنائية ودعوى مدنية. لنفترض أن "فلانا" و"فلانا آخر"، عالمان سياسيان يحضران مؤتمراً في مدينة اطلنطا، يتشاركان في سيارة أجرة من المطار إلى فندق في وسط المدينة. خلال الرحلة، يدخلان في نقاش سياسي محتدم، وفي الوقت الذي توقفت فيه سيارة الأجرة أمام فندقهما، أصبح النقاش حامياً لدرجة أنهما دخلا في عراك بدني. إذا ضرب "فلان" "الفلان الآخر" في الضلع بمحفظته الجلدية وهو يخرج من السيارة، يمكن توجيه تهمة الاعتداء الجنائي إلى "الفلان الآخر"، ويمكن أن يقيم فلان دعوى ضده في محاولة الحصول على تعويض نقدي كاف لتغطية نفقاته الطبية.
يفوق عدد القضايا المدنية بكثير عدد القضايا الجنائية في كل من المحاكم الفدرالية ومحاكم الولايات، وان كانت هذه القضايا على العموم لا تجتذب نفس الاهتمام لدى وسائل الإعلام مثلما هي الحال بالنسبة للمحاكمات الجنائية. يبقى أن هذه القضايا تُثير أحياناً كثيرة مسائل سياسية هامة وتغطي تشكيلة واسعة من اختلافات الرأي ضمن المجتمع. يُلخص الباحث القضائي هِربرت جيكوب اتساع حقل القانون المدني في كتابه "العدالة في أميركا" بقوله إنه يشمل: "كل اتفاقية خُرقت، كل مبيع يترك زبوناً غير راضٍ، كل دين غير مُسدد، كل خلاف مع وكالة حكومية، كل تشهير أو تشويه للسمعة، كل ضرر عرضي، كل انفصال زوجي، وكل وفاة قد تسبّب إجراءات مدنية."
وهكذا، يُوفّر كل نزاع تقريباً بين شخصين أو أكثر الأساس لدعوى مدنية. عدد الدعاوى هائل، لكن معظمها يقع في واحدة من خمس فئات رئيسية.
الفئات الرئيسية للقانون المدني
الفئات الخمس الرئيسية للقانون المدني هي قانون العقود، قانون الجنح المدنية (أو الضرر المدني)، قانون الملكية، قانون الميراث، وقانون الأسرة.
قانون العقود
يتعلق قانون العقود بالدرجة الأولى بالاتفاقيات الطوعية بين شخصين أو أكثر. تشمل بعض الأمثلة الشائعة اتفاقيات القيام ببعض أنواع الأعمال، شراء أو بيع السلع، وبناء وإصلاح المنازل أو أماكن العمل. القاعدة الأساسية التي تقوم عليها هذه الاتفاقيات هي وعد يقطعه على نفسه فريق ووعد مقابل يقطعه الفريق الآخر، ويكون هذا عادة وعد يقطعه فريق بأن يدفع مالاً مقابل خدمات أو سلع من الفريق الآخر. لنفترض مثلاً، أن "السيد بيرنز" و"الآنسة كالدر" دخلا في اتفاقية توافق فيها كالدر على دفع 125 دولاراً لبيرنز إذا قطع وسلمها "كوردا" (مقياس من الحطب يساوي 128 قدماً مكعباً) من حطب السنديان للوقود، إلى منزلها في 10 كانون الأول/ديسمبر. إذا لم يُسلّم بيرنز الحطب في هذا التاريخ، يكون قد خرق الاتفاقية، وبإمكان كالدر أن تدعّي عليه مطالبة بالتعويض.
صحيح أن العديد من العقود كهذا بسيطة نسبياً ومباشرة، لكن في بعض المجالات المُعقدة يتم البناء أيضاً على أساس قانون العقود أو أفكار العقود. أحد هذه الحقول هو القانون التجاري الذي يُركز أولاً على المبيعات التي يكون فيها دين أو نظام دفع بالتقسيط. يتعامل القانون التجاري أيضاً مع الشيكات، والكمبيالات (السندات)، والأدوات المالية الأخرى القابلة للتداول.
المجال الآخر الوثيق الصلة بذلك يشمل قضايا الإفلاس وحقوق الدائنين. الأفراد المفلسون أو الشركات المفلسة يمكن أن يدخلوا في عملية من شأنها، على وجه التخصيص، تنظيف السجل العائد لأعمالهم. وتسمح هذه العملية أيضاً للذي يعلن إفلاسه أن يبدأ العمل من جديد. إجراءات الإفلاس مُصممة أيضاً لتأمين معاملة الدائنين بإنصاف. شكل قانون الإفلاس هاجساً كبيراً عند المشترعين لسنوات عديدة كما أن هناك الآن عدداً كبيراً من القضاة المتخصصين بالإفلاس ملحقين بمحاكم المقاطعات الأميركية.
المجال الأخير هو عقود التأمين المُهم، وهو ميدان مهم بسبب انطباقه على عدد كبير من الناس. تقوم الوكالات الحكومية بتنظيم صناعة التأمين والتي تخضع أيضاً لقوانين المقاطعات التي تتواجد فيها.
قانون الجنح المدنية (الضرر المدني)
يمكن وصف هذا القانون، بوجه عام، على أنه قانون الضرر المدني. وهو يتعلق بالسلوك الذي يسبب الضرر والذي لا يتناسب مع قواعد معينة وضعها المجتمع.
دعاوى الضرر الشخصي أو الضرر الجسدي هي جوهر قانون الضرر المدني، كما أن حوادث السيارات، تقليدياً، هي المسؤولة عن عدد كبير من تلك الشكاوى. أحد الحقول الفرعية المتنامي بسرعة أكثر في قانون الضرر المدني يتمثل في المسؤولية القانونية عن المنتجات. لقد أصبحت هذه الفئة الوسيلة الفعالة أكثر لاعتبار الشركات التجارية مسؤولة عن الأضرار التي تسببها منتجاتها مثل الأطعمة الفاسدة، الألعاب، الأدوات المنزلية، السيارات، والأدوية، أو حشد من المنتجات الأخرى.
ربما كان أحد أسباب زيادة قضايا المسؤولية القانونية عن المنتجات، التبدّل في قواعد ومعايير الاثبات. تقليدياً، كان المفروض إثبات الإهمال (الذي يُعرف عموماً باللامبالاة أو التقصير في بذل العناية العادية، في الظروف الخاصة المبيّنة في الدعوى) قبل أن يتمكن شخص ما من الحصول على تعويضات لأضرار سببها شخص آخر. غير أن هناك من ناقش بأن الاعتماد على مفهوم الإهمال طيلة سنين عديدة قد تراجع، وعلى الأخص في قضايا المسؤولية عن المنتج. فالمحاكم كثيرا ما تستخدم، بدلاً منه، معيارا أشد لتحديد المسؤولية، ما عنى أنه بوسع الضحية الحصول على تعويض حتى ولو لم يكن هناك إهمال وحتى لو كان المُصنّع قد بذل عناية.
السبب الآخر الذي يُشار إليه عموماً بالنسبة لنمو عدد قضايا المسؤولية عن المنتجات هو مقدار التعويضات التي تمنحها هيئة المحلفين عندما يأتي القرار لصالح المدعي. منح التعويضات من جانب المحلفين يمكن أن يكون على نوعين: تعويضي أو تأديبي. تهدف الأضرار التعويضية إلى تغطية خسارة المدعي الحقيقية، مثل أكلاف التصليح، وفواتير الطبيب، ونفقات المستشفى. التعويضات التأديبية (أو الاتعاظية) مخصصة، بدلاً من ذلك، لمعاقبة المدعَى عليه أو لتخدم كتحذير ضد مثل هذا السلوك في المستقبل.
نتيجة للهواجس بالنسبة للتعويضات السخية التي تمنحها هيئات المحلفين، ولازدياد عدد ما يُسمى بالقضايا التافهة، دعا الرسميون الحكوميون والمديرون التنفيذيون في الشركات، ومجموعات المصالح، وأعضاء المجتمع القانوني، إلى إصدار تشريع يهدف إلى إصلاح قانون الضرر المدني. خلال التسعينات من القرن الماضي، سّن عدد من الولايات عدداً متنوعاً من إجراءات إصلاح قانون الضرر المدني هذا. ذكرت الجمعية الأميركية لإصلاح قانون الضرر المدني التي تخدم كداعية لإصلاح هذا القانون، أن الولايات قد حدّت من مقدار التعويضات على الأضرار غير الاقتصادية، وعدّلت قوانينها التي تحكم الأضرار التأديبية، أو سنّت قوانين تعاقب المدعين الذين يقيمون دعاوى تافهة.
الميدان الفرعي الآخر النامي بسرعة في قانون الضرر المدني هو سوء التصرف الطبي. لقد ازداد عدد الشكاوى من سوء التصرف الطبي رغم إنجاز تقدم كبير في الطب. المشكلتان المتواصلتان في الطب المعاصر هما المخاطر المتزايدة التي تفرضها العلاجات الجديدة والطابع غير الشخصي للأخصائيين والمستشفيات. يكون لدى المرضى اليوم توقعات كبيرة، وعندما لا يتمكن طبيب ما من تحقيق آمالهم، قد يؤدي غضبهم إلى دعوى سوء تصرف.
تستخدم المحاكم عموماً قاعدة الإهمال التقليدي بدلاً من نظرية المسؤولية الصارمة في حل قضايا سوء التصرف الطبي. هذا يعني أن القانون لا يحاول الفرض على الأطباء ضمانة العلاج الناجح، بل يحاول، بدلاً من ذلك، تحديد مسؤولية الطبيب إذا استطاع المريض أن يثبت أن الطبيب قصّر في أدائه بطريقة لا تتناسب مع الأساليب المقبولة للتصرف الطبي. يتفاوت مفهوم السلوك المقبول بين ولاية وأخرى، كما أن مثل هذه المسائل يجب أن تُحسم في المحاكم على أساس كل قضية بمفردها. لكن، كان هناك افتراض، تقليدياً، في أن تصرف المهنيين، بمن فيهم الأطباء، هو مقبول بطبيعته. وهذا يعني أن المريض المتضرر يحتاج لكي يتمكن من ربح قضيته على الطبيب في المحكمة، على الأقل، إلى شهادة خبير أو أكثر تقول إن تصرف الطبيب لم يكن معقولاً.
قانون الملكية
يجري تقليدياً التمييز بين الأملاك العقارية والأملاك الشخصية. يشير التعبير الأول إلى الأملاك العقارية، أي الأرض، والمنازل، والمباني، كما شمل أيضاً المحاصيل الزراعية النامية. كل ما هو غير ذلك يعتبر املاكاً شخصية، وهي تشمل أشياء مثل النقود والمجوهرات، والسيارات، والمفروشات، والأموال المودعة في المصارف.
وفقاً للورنس م. فريدمان في كتابه "القانون الأميركي": "في ما يخص القانون، تعني كلمة ملكية أولاً الملكية العقارية؛ الملكية الشخصية لها أهمية أقل". ما من مجال دراسة واحد في القانون مُخصص للملكية الشخصية. بدلاً من ذلك، تعتبر الملكية الشخصية، بوجه عام، ضمن زاوية قانون العقود، والقانون التجاري، وقانون الإفلاس.
كانت حقوق الملكية العقارية دائماً هامة في الولايات المتحدة، لكن هذه الحقوق أصبحت اليوم أكثر تعقيداً من مُجرّد امتلاك شيء ما. تشمل فكرة الملكية الآن، من جملة العديد من الأشياء الأخرى، حق استخدام تلك الملكية.
يتعامل فرع هام من قانون الملكية اليوم مع السيطرة على استخدام الأرض. النوع الشائع أكثر من القيود على استخدام الأرض هو تقسيم الأراضي إلى مناطق ذات استخدام معيّن، أو تنظيم المناطق، وهي عملية يُقسّم بموجبها القانون بلدية ما إلى نواح مخصصة لاستخدامات مختلفة. مثلاً، يعين ناحية كمنطقة سكنية وأخرى منطقة تجارية، وأخرى كمنطقة صناعية.
كانت قوانين تنظيم المناطق المبكرة تلقى معارضة على أساس أن القيود على استخدام الأرض تساوي وضع اليد على الأرض خلافاً للدستور الذي يقول، "كما لا يمكن وضع اليد على ملكية خاصة لأجل الاستخدام العام بدون تعويض عادل". من وجهة نظر معينة، فإن قوانين تنظيم المناطق تأخذ من مالكي الأرض حق استخدام أملاكهم بالطريقة التي يرونها مناسبة. رغم ذلك، حكمت المحاكم عموماً أن قوانين تنظيم المناطق لا يُنظر إليها كوضع يد وبالتالي سوف لن تشكل انتهاكاً للدستور. اليوم أصبح هذا التنظيم واقعاً حياتياً في الحواضر والمدن من كل الأحجام عبر الولايات المتحدة. يدرك مخططو المدن ومسؤولوها الآخرون بأن قوانين تنظيم المناطق ضرورية لأجل النمو المخطط والمنظم للمناطق الحضرية.
قانون الميراث
ينظر قانون الوراثة في كيفية انتقال الممتلكات من جيل إلى آخر. يعترف النظام القانوني الأميركي بحق الإنسان في التصرف بملكه كما يحلو له. إحدى الطرق الشائعة لذلك هو تنفيذ وصية. إذا ترك شخص ما وصية صالحة، تقوم المحاكم بفرضها. لكن، إذا لم يترك وصية (أو وضعها بطريقة غير ملائمة)، يكون قد توفّي بلا وصية، وبالتالي على الحكومة أن تتصرف بالملك.
يتم تصّرف الدولة بالملك وفقاً لنظام ثابت مبيّن في القوانين النظامية للدولة. حسب القانون، تنتقل الممتلكات غير الموصى بها إلى ورثة الشخص المتوفي، أي إلى أقرب أقربائه. تحدث أحياناً وفاة انسان دون وصية ودون أقرباء أحياء. في هذه الحال، ينقطع الميراث، أو تنتقل الممتلكات إلى الولاية التي يقطنها المتوفي. تحرم القوانين في الولايات، أحياناً كثيرة، الأنسباء الأبعد بكثير، مثل أبناء العمومة من الدرجة الثانية، وكبار العمومة والعمات من الوراثة.
يعدّ الأميركيون بصورة متزايدة الوصايا للتأكد من أنه سيتم التصرف بأملاكهم وفقاً لرغبتهم، وليس وفقاً لنظام تحدده الولاية. الوصية وثيقة رسمية، يجب أن تصاغ بعناية، ويجب في معظم الولايات، أن تتم بحضور شاهدين على الأقل.
قانون الأسرة
قانون الأسرة يعتني بأمور مثل الزواج والطلاق، ورعاية الأطفال، وحقوق الأطفال. وهو يطال حياة عدد كبير من الأميركيين كل عام.
الشروط اللازمة للدخول في الزواج محدّدة في قانون الولاية. تغطي هذه القوانين، تقليدياً، السن الدنيا للزوجين، وفحوصات الدم اللازمة أو الفحص الجسدي، وأحوال الفريقين العقلية، ومتطلبات الرخصة والرسوم وفترات الانتظار.
كان فسخ الزواج في ما مضى نادراً جداً. في مطلع القرن التاسع عشر، كانت بعض الولايات تمنح الطلاق فقط من خلال قوانين خاصة تصدرها الهيئة التشريعية. وكانت ولاية واحدة، ساوث كارولينا، لا تسمح بالطلاق مطلقاً. كان يُمنح الطلاق في الولايات الأخرى فقط عندما كان أي فريق يبرهن على بعض المبررات للطلاق. بعبارة أخرى، كان الطلاق متاحاً فقط للأزواج الأبرياء الذين ارتكبت أزواجهم أفعال مثل الزنا، والهجران، أو القسوة.
شهد القرن العشرون تبدلاً كبيراً في قوانين الطلاق. حيث بدأ التحرك باتجاه الابتعاد عن القوانين الحصرية والتوجه نحو الطلاق "بلا مأخذ". جاء هذا الاتجاه نتيجة عاملين: أولاً، كان هناك طيلة عدة سنوات، طلب متزايد على الطلاق. ثانياً، اختفت وصمة العار التي كانت تُلصق في الماضي بالمطلقين.
نظام الطلاق "بلا مأخذ" يعني أن الأزواج يشرحون فقط أن هناك فوارق غير قابلة للتسوية بينهما، وأن الزواج لم يعد قابلاً للاستمرار. وَضَع نظام الطلاق "بلا مأخذ" حداً للطبيعة الخصامية لإجراءات الطلاق.
هناك بعض المشاكل التي قد تنتج عن فسخ الزواج والتي لا يمكن حلها بهذه السهولة. فالصراعات حول رعاية الأطفال، والنزاعات حول مدفوعات تربية الأطفال، والنزاعات حول حقوق زيارة الأبوين لأطفالهم، جميعها تجد طريقها إلى المحاكم بصورة منتظمة. النزاعات حول رعاية الأطفال ربما اصبحت الأكثر شيوعاً ومحلّ نزاعات أكثر اليوم مما كانت علية قبل بدء الطلاق "بلا مأخذ". تأتي حاجات الطفل أولاً، كما أن المحاكم لم تعد تفترض أوتوماتيكياً أن ذلك يعني منح الرعاية للأم. ُيمنح الآباء بصورة متزايدة الرعاية، وقد بات أيضاً من الشائع للمحاكم أن تمنح الرعاية المشتركة للأبوين المطلقين.
المحاكم والمؤسسات الأخرى المعنية بالقانون المدني
الخلافات شائعة في حياة الأميركيين اليومية. يمكن حل هذه الخلافات عادة خارج النظام القانوني، لكنها تكون أحياناً خطيرة لدرجة أن أحد الفريقين لا يجد خياراً آخر سوى إقامة دعوى.
تقرير الذهاب أم لا إلى المحكمة
يتم سنوياً حل آلاف القضايا المدنية المحتملة دون محاكمة لأن الأخصام المحتملين يُسوّون مشاكلهم بطريقة أخرى، أو لأن المدعي المحتمل قرر عدم رفع دعوى. عندما يواجه الناس بالحاجة إلى اتخاذ قرار حول اللجوء إلى المحاكم، أو محاولة تسوية النزاعات، أو مجرد نسيان المشكلة، يلجأ العديد منهم إلى تحليل بسيط للكلفة مقابل الفائدة. أي أنهم يقيمون الأكلاف اللازمة للمحاكمة مقابل الفوائد التي قد يحصلون عليها إذا ربحوا الدعوى.
الحل البديل للنزاعات
عملياً، قليل هو عدد الأشخاص الذين يستخدمون كامل العملية القضائية. بدلاً من ذلك، يتم حل معظم القضايا دون اللجوء إلى محاكمة كاملة. في القضايا المدنية، يمكن أن تكون المحاكمة بطيئة ومكلفة في آن واحد. في العديد من المجالات، يكون تراكم ملفات المحاكم غير المنجزة ضخما لدرجة أن وصول قضية ما إلى المحاكمة يأخذ بين ثلاث وخمس سنوات. علاوة على ذلك، يمكن أن تكون المحاكمات المدنية معقدة للغاية.
أحياناً كثيرة، تكون كلفة المحاكمة كافية لتثبيط همة المدعين المحتملين، كما تبقى هناك دائماً إمكانية الخسارة. كما تكون هناك دوماً إمكانية الانتظار الطويل حتى عندما يربح المدعي، قبل تنفيذ الحكم؛ هذا إذا حدث ونُفذ تماماً. بعبارة أخرى، من الممكن أن تخلق المحاكمة مجموعة جديدة من المشاكل بالنسبة للفرقاء المعنيين. لجميع هذه الأسباب، يدور النقاش أكثر فأكثر حول أساليب بديلة لحل النزاعات.
نما التأييد للحل البديل للنزاعات (ADR) بدءاً من الشركات الكبرى، مروراً بالمحامين، فالأفراد. يهًمّ مجتمع الشركات الكبرى في أميركا تجنّب معارك المحاكم الطويلة والمكلفة التي تعتبر الطريقة الوحيدة لتسوية نزاعات شركات الأعمال المعقدة. علاوة على ذلك، يفكر المحامون أكثر فأكثر ببدائل، مثل الوساطة والتحكيم، عندما تكون هناك حاجة إلى حل سريع للقضايا أو إلى معالجة سرية لبعض الأمور. كما أن المواطنين الأفراد يتوجهون بصورة متزايدة إلى خدمات الوساطة المحلية للمساعدة في حل النزاعات العائلية، والشجارات بين الجيران، وشكاوى المستهلكين.
تتم عمليات الحل البديل للنزاعات طبقاً لنماذج مختلفة. هذه النماذج تصنف عموماً إلى "خاصة، إحالة إلى المحكمة، أو إلحاق بالمحكمة، لكن الفئتين الأخيرتين كثيراً ما تُسمّيان سوية، بالتواصل مع المحكمة". هكذا كتبت سوزان ل. كِيتا في دليل تنظيم وإدارة المحاكم. بعبارة أخرى، تسير بعض عمليات الحل البديل للنزاعات الخاصة بصورة مستقلة عن المحاكم. إن عملية الحل البديل المصنفة في نموذج الإحالة إلى المحكمة هي العملية التي تجري خارج المحكمة نفسها ولكن تبقى على علاقة بها بطريقه من الطرق. فالمحكمة تقوم بإدارة عملية الحل البديل ضمن نموذج الإلحاق بالمحكمة. "يمكن أن تكون إجراءات الحل البديل طوعية أو إلزامية؛ وقد تكون ملزمة نهائياً أو تسمح باستئناف احكامها؛ ويمكن أن تكون رضائية أو قضائياًَ أو من نوع هجين بينهما"، كما قالت كِيتا: "بعض الإجراءات المستخدمة عامة في الحل البديل تعتمد الوساطة، التحكيم، جمع الوقائع المحايد، المحاكمة الصغرى، المحاكمة المختصرة أمام هيئة محلفين، والحكم الخاص."
- الوساطة. الوساطة عملية خاصة وسرية يساعد فيها شخص محايد الفرقاء في تعيين وتوضيح مسائل النزاع وفي التوصل إلى اتفاق في ما بينهم. لا يعمل الوسيط كقاض. بدلاً من ذلك، يظل الفرقاء مسيطرين على نتيجة التسوية النهائية.
الوساطة ملائمة بنوع خاص للأوضاع التي يكون فيها بين المتنازعين علاقات جارية، مثل نزاعات أعضاء العائلة الواحدة، والجيران، والموظفين وأرباب العمل، والملاكين والمستأجرين. الوساطة مفيدة أيضاً في قضايا الطلاق لأنها تبدّل الإجراء من إجراء مواجهة إلى إجراء تعاون. حقوق رعاية الأطفال وزيارتهم يتم حلها مراراً وتكراراً عبر الوساطة كذلك. وفي العديد من المجالات، تتم تسوية شكاوى الإساءة الخاصة وأضرار الملكية التي تنخرط فيها شركات التأمين من خلال الوساطة.
- التحكيم. عملية التحكيم شبيهة برفع القضية إلى المحكمة. بعد الاستماع إلى الفريقين في النزاع، يقرر شخص غير متحيز يُدعى الحَكَم كيف يجب حل موضوع النزاع. ليس هناك من قاض أو هيئة محلفين. بدلاً من ذلك، يتخذ الحكم الذي اختاره الفريقان القرار النهائي. يؤخذ الحكام من أنواع مختلفة من الخلفيات المهنية، ومراراً كثيرة يكرسّون وقتهم طوعياً لمساعدة الناس في حل مشاكلهم.
يختار المتنازعون التحكيم لأنه يوفر الوقت والمال ولأنه ليس رسمياً بنفس قدر النظر بالقضية في المحكمة. تستغرق معظم عمليات التحكيم خلال أربعة أشهر أو أقل بالمقارنة مع ستة أشهر إلى عدة سنوات لقرارات المحكمة.
ويُستخدم التحكيم بصورة شخصية لحل تشكيلة من شكاوى المستهلكين. تشمل الأمثلة النزاعات حول سوء تصليح السيارات، والمشاكل التي تنجم عن استعادة البضائع المعطوبة، والفواتير الزائدة للخدمات. وأصبح يستخدم التحكيم أيضاً في الإجراءات القانونية في القضايا المّصنفة في نموذج الإحالة إلى المحكمة والقضايا المصنفة في نموذج الإلحاق بالمحكمة لحل عدة أنواع من النزاعات، بما في ذلك نزاعات شركات الأعمال، والنزاعات التجارية، وشؤون التوظيف.
- جمع الوقائع الحيادي. جمع الوقائع الحيادي عملية غير رسمية يُطلب فيها من فريق محايد تم الاتفاق بشأنه التحقيق في نزاع. يشمل النزاع عادة مسائل معقدة وتقنية. يحلل الفريق الثالث المحايد الوقائع موضوع النزاع ويصدر النتائج التي توصل إليها في تقرير أو توصية غير مُلزِمة.
هذه العملية يمكن أن تكون مفيدة بنوع خاص في التعامل مع ادعاءات حول تمييز عنصري أو جنسي مع شركة ما، حيث أن مثل هذه القضايا تثير أحياناً كثيرة عواطف قوية وشقاقاً داخلياً. إذا كان الفريقان موظفين في نفس الشركة، يمكن أن يتداخل تضارب المصالح مع قدرة المشرف أو المدير في إجراء تحقيق غير مُتحيّز حول إدعاء التمييز العنصري أو الجنسي. ولتجنب مظاهر عدم النزاهة، فقد تتوجه الشركة نحو فريق ثالث حيادي على أمل التوصل إلى تسوية يمكن أن يحترمها جميع المعنيين.
- المحاكمة الصغرى. في المحاكمة الصغرى يعرض كل فريق موقفه بطريقة شبيهة بالمحاكمة أمام هيئة مؤلفة من ممثلين مختارين لكلا الفريقين ومن فرقاء ثالثين حياديين. يكون لكل هيئة مستشار واحد محايد. المحاكمات الصغرى صُممت للمساعدة في تعيين المسائل ولتطوير أسس لمفاوضات واقعية بهدف التسوية. يعرض ممثلو الجهتين نظرة عامة عن مواقفهم وحججهم أمام الهيئة. نتيجة لذلك، يصبح كل فريق أكثر اطلاعاً على موقف الفريق الآخر. بعد الاستماع إلى عرض كل جهة، تجتمع الهيئة بما فيها المستشار للتوصل إلى حل تسوية. بإمكان المستشار الحيادي أيضاً إصدار رأي استشاري يتعلق بجدارة قضية كل جهة. هذا الرأي الاستشاري لا يكون مُلزماً، إلا إذا وافق الفريقان خطياً ومسبقاً على التقيد به.
المحاسن الرئيسة للمحاكمة الصغرى تتمثل في انها توفر لكلا الفريقين فرصة ابتكار الحلول. يعزز ذلك كون كل فريق له من يمثله كما له امكانية الوصول إلى المعلومات المفصلة.
- المحاكمة المختصرة أمام هيئة محلفين. المحاكمة المختصرة أمام هيئة محلفين تستلزم إجراءات قانونية بإدارة المحكمة وتجري بعد أن تكون قضية ما قد رفعت بشأنها دعوى، لكن قبل وصول هذه الدعوى إلى المحاكمة. في المحاكمة المختصرة أمام هيئة المحلفين، يعرض كل فريق حججه أمام المحلفين (عادة ستة أشخاص) ويجري عرض نظرة عامة عن حجج كل جهة، كما تقدم حجمها الموجزة الافتتاحية والختامية. ويُعطى المحامون عملياً وقتاً قصيراً (ساعة أو أقل) لمرافقاتهم. هذه المرافعات تكون محصورة بتقديم المعلومات التي ستكون مقبولة في المحاكمة. ليس هناك شهادات من شهود مُحلفين كما أن الإجراءات لا تسجل بوجه عام. لما كانت الإجراءات غير مُلزمة، فإن قواعد الإجراءات والأدلة هي عادة أكثر ليونة منها في المحاكمات العادية.
تصدر هيئة المحلفين قراراً استشارياً غير مُلزم يقوم على الحجج المعروضة. من خلال هذا الترتيب، يهدف الحكم إلى إعطاء المحامين وزبائنهم تبصّراً اعمق في قضاياهم. وقد تقترح الهيئة أيضاً أساساً لتسوية النزاع. إذا لم يُحل النزاع خلال إجراءات المحاكمة الصغرى أو مباشرة بعدها، يعقد اجتماع سابق للمحاكمة أمام المحكمة لمناقشة التسوية.
أحد الأفضليات الكبرى للمحاكمة الصغرى أمام هيئة محلفين هو الوقت المخصص لذلك. فالمحكمة الصغرى أمام هيئة المحلفين تنتهي عملياً في أقل من يوم بالمقارنة مع عدة أيام أو أسابيع للمحاكمات الكاملة.
- الحكم الخاص. هذا الأسلوب من الحل البديل للنزاعات يستخدم القضاة المتقاعدين الذين يعرضون خدماتهم لقاء أتعاب. يقول دعاة هذا الأسلوب إنه يؤمن حسنات عدة. أولاً، يستطيع الفرقاء انتقاء شخص يملك المؤهلات والتجارب للتعامل مع المسألة. ثانياً، يمكن أن يتأكد الفرقاء أن المسألة سوف تعالج عندما تُحول للنظر فيها ولن تتأخر لأن تقويم المحكمة مكتظ جداً. أخيراً، يمكن أن تكون الكلفة أقل مما هي في الدعوى الكاملة. غير أن منتقدي الحكم الخاص يشيرون إلى الرسوم المرتفعة التي يفرضها بعض القضاة المتقاعدين. لاحظت محكمة استئناف في ولاية كاليفورنيا، مثلاً، أن بعض القضاة العاملين يغادرون منصة المحكمة لكسب مزيد من المال بصفة قضاة خاصين.
المحاكم المتخصصة
كثيراً ما تتميز أنظمة محاكم الولايات بعدد من المحاكم المتخصصة المنشأة للتعامل مع أنواع مُعيّنة من القضايا المدنية. محاكم العلاقات المنزلية تقام أحياناً كثيرة للتعاطي بأمور مثل الطلاق ورعاية الأطفال وإعالة الأطفال. في العديد من السلطات القضائية، تتعامل محاكم إثبات الوصايا في تسوية النزاعات بشأن الأملاك العقارية والاعتراض على الوصايا.
ربما كانت المحاكم المتخصصة الأكثر شهرة، هي محاكم مطالب التعويضات الصغيرة. تملك هذه المحاكم سلطات قضائية لمعالجة القضايا عندما لا تتعدى الأموال موضع الدعوى مبلغاً مُعينّاً. يختلف المبلغ حسب السلطة القضائية لكن الحد الأقصى هو عادة 500 دولار، أو 1000 دولار. محاكم المطالب الصغيرة تسمح بحل القضايا الأقل تعقيداً بأقل رسميات من معظم محاكم الموضوع الأخرى. تكون رسوم إقامة الدعوى منخفضة، كما لا تشجع كثيراً على استخدام المحامين، مما يجعل محاكم المطالب الصغيرة في متناول الإنسان العادي.
الهيئات الإدارية
أقام العديد من الوكالات الحكومية أيضاً هيئات إدارية مع سلطات شبه قضائية للتعاطي ببعض أنواع القضايا. على المستوى الفدرالي، مثلاً، تجري وكالات، مثل لجنة التجارة الفدرالية ولجنة الاتصالات الفدرالية، نوعا من أنواع الأحكام ضمن نطاق سلطاتها الخاصة. ويمكن رفع استئناف ضد حكم لإحدى هذه الوكالات أمام محكمة استئناف فدرالية.
على المستوى الفدرالي، المثال الشائع عن الهيئات الإدارية التي تساعد في حل الشكاوى المدنية هو مجلس التعويض العمالي. يحدد هذا المجلس ما إذا كانت الإساءة إلى الموظف لها علاقة بالوظيفة، وبالتالي ما إذا كان الشخص مؤهلاً للتعويضات العمالية. يملك العديد من دوائر العربات والسيارات في الولايات مجالس استماع للحكم في مسائل سحب رخص القيادة. النوع الآخر من المجالس الإدارية التي تتواجد بوجه عام في الولايات تعود لأمور الحقوق المدنية وقضايا ادعاءات التمييز.
عملية المحاكمة المدنية
يتم حل عدد من النزاعات بواسطة بعض أساليب الحل البديل للنزاعات في محاكم متخصصة أو بواسطة هيئة إدارية. غير أن عدداً كبيراً من القضايا لا يزال يجد طريقه كل سنة إلى المحاكم المدنية.
بوجه عام، تعتمد العملية التخاصمية المستخدمة في المحاكمات الجنائية أيضاً في المحاكمات المدنية مع عدد قليل من الفوارق الهامة. أولاً، يجب أن يكون للمتقاضي منزلة. هذا المفهوم يعني ببساطة أن الشخص الذي يبادر إلى رفع الدعوى يجب أن تكون له مصلحة شخصية في نتيجة موضوع النزاع، وإلا لما وُجد موضوع نزاع حقيقي بين الفرقاء، وبالتالي لن توجد قضية فعلية لتقرر المحكمة بشأنها.
الفارق الثاني الكبير هو أن قاعدة البرهان المستخدم في القضايا المدنية هو رجحان البيّنات أو الأدلة، وليس المعيار الأكثر صرامة، أي "دون أي شك معقول" المستخدم في القضايا الجنائية. رجحان البيّنات أو الأدلة يُقصد به عموماً قيام أدلة كافية للتغلب على الشكوك أو التخمينات. إنه يعني بوضوح أن البراهين المطلوبة في القضايا المدنية هي أقل منها في القضايا الجنائية.
الفارق الثالث الكبير هو أن العديد من ضمانات إجراء المحاكمة حسب الأصول المرعية التي يملكها المدعى عليه في المحاكمة الجنائية لا تنسحب على الإجراءات المدنية. مثلاً، لا يكون أي فريق مؤهل للحصول على محامٍ. التعديل السابع من الدستور يضمن حق الحصول على محاكمة على يد هيئة محلفين في الدعاوى "حيث يجب أن تتعدى القيمة موضع النزاع 20 دولاراً". صحيح أن هذا التعديل لم يُطبق على الولايات، لكن معظم الولايات لديها ضمانات دستورية مماثلة.
رفع الدعوى المدنية
الشخص الذي يبادر إلى رفع دعوى مدنية يُعرف بالمدعي، الذي يُدعَّى عليه هو المدعى عليه أو المسؤول. الدعوى المدنية تُعرف بأسماء المدعّي والمدعَى عليه مثل جونز ضد ميلّر. اسم المدعّى يظهر أولاً. في الأحوال العادية، يدفع محامي المدعي رسماً ويقدم شكوى أو عريضة لدى كاتب المحكمة المختصة. تذكر الشكوى الوقائع التي تقوم عليها الدعوى، والأضرار المزعومة والحكم أو التعويض المرجوّ الحصول عليه.
يعود القرار حول أي محكمة يجب عملياً أن تنظر في القضية إلى مفاهيم السلطة القضائية ومكان الدعوى: السلطة القضائية تتعلق بمدى سلطة المحكمة في ممارسة السلطة القضائية، كما يعني مكان الدعوى، الموقع الذي يجب أن تمارس فيه تلك السلطة.
تتم تلبية شروط السلطة القضائية عندما تملك المحكمة السلطة القانونية على كل من موضوع الدعوى وعلى شخص المدعى عليه. هذا يعني أن عدة محاكم يمكن أن تكون لها سلطة قضائية على نفس القضية. لنفترض، مثلاً، أن مقيماً في دايتون بولاية أوهايو أصيب بأضرار بالغة في حادث سير في ولاية تينيسي عندما صُدمت السيارة التي يقودها من الخلف بسيارة يقودها مقيم في كينغسبورت بولاية تينيسي. بلغ إجمالي الأضرار التي أصابت سائق أوهايو والسيارة حوالي 80,000 دولار. تملك إحدى محاكم الموضوع في ولاية أوهايو السلطة القضائية على موضوع النزاع، ومن المرجح أن بإمكان أوهايو الحصول على السلطة القضائية على المدعى عليه. علاوة على ذلك، من المرجح ان تكون لمحاكم الولاية في تينيسي السلطة القضائية. لكن محاكم المقاطعات الفدرالية في كل من أوهايو و تينيسي تملك أيضاً السلطة القضائية بسبب وجود اختلاف في مواطنية الفريقين ولأن المبلغ في موضوع النزاع يفوق 75,000 دولار. فإذا افترضنا أن السلطة القضائية هي الهاجس الوحيد، يصبح بإمكان المدعى رفع الدعوى في أي من هذه المحاكم.
تحديد المكان المناسب للمحاكمة يمكن أن يكون منصوصاً عنه في القوانين على أساس تجنب أي تحّيز ممكن، أو يمكن أن يعود ببساطة إلى ملاءمة المكان للفرقاء. تقول القوانين الفدرالية إن المكان المناسب هو المقاطعة التي يقيم فيها أما المدعي أو المدعَى عليه، أو المقاطعة التي وقع فيها الضرر. تختلف القوانين في الولايات بشأن المكان نوعاً ما، لكنها تنص بوجه عام على أنه عندما يتعلق الأمر بالأرض، يكون المكان المناسب الإقليم الذي تقع فيه الأرض. في معظم الحالات الأخرى، يكون المكان الإقليم الذي يقيم فيه المدعى عليه.
مسألة المكان يمكن أيضاً أن يتعلق بإمكانية وجود تحيّز ملحوظ او متوجس منه برأي القاضي أو هيئة المحلفين. يعترض المحامون أحياناً على إقامة الدعاوى في منطقة معينة لهذا السبب وقد يتحركون باتجاه تغيير المكان. صحيح أن هذا النوع من الاعتراض ربما كان مرتبطاً أكثر، بوجه عام، بالمحاكمات الجنائية التي تحظى بدعاية كبيرة، لكنه يقوم أيضاً في المحاكمات المدنية.
بعد أن يتم تحديد المحكمة المناسبة، وبعد تقديم الشكوى، يربط كاتب المحكمة نسخة عن الشكوى بمذكرة الجلب او الأمر القضائي بالحضور ويرسلها إلى المدعى عليه. يمكن ابلاغ مذكرة الجلب على يد الموظفين في مكتب مأمور التنفيذ لدى المحكمة أو مفوض الشرطة القضائية أو بواسطة وكالة خاصة لإبلاغ الأحكام القضائية.
مذكرة الجلب تأمر المدعى عليه بتقديم جواب يُعرف بمرافعة الدفاع ضمن فترة زمنية مُعينة (عادة 30 يوماً). إذا لم يفعل المدعى عليه ذلك، يصبح عرضة لحكم غيابي.
هذه الأعمال البسيطة من جانب المدعي، وكاتب المحكمة، ومأمور ابلاغ الدعوى، تُحرّك القضية المدنية. والذي يحصل بعد ذلك هو فورة من النشاطات تسبق المحاكمة قد تدوم عدة شهور. ان 75 بالمئة من القضايا تقريباً يتم حلها بدون محاكمة خلال هذا الوقت.
النشاطات السابقة للمحاكمة
- العرائض. عندما تُبلّغ مذكرة الجلب إلى المدعى عليه، يستطيع وكيل الدفاع تقديم عدد من العرائض. من بينهما مذكرة تطالب بشطب المطالب وبأن تلغي المحكمة مذكرة الجلب على أساس أنها لم تُبلّغ بالطريقة الصحيحة. مثلاً، قد يدعي المدعى عليه أن مذكرة الجلب لم تبلغ مطلقاً إليه شخصياً كما يفرض ذلك قانون الولاية.
هناك نوعان من العرائض تهدف إلى التوضيح أو الاعتراض على عريضة المدعي. عريضة لشطب المطالب التي قد تفرضها المحكمة، أو لشطب بعض أجزاء من العريضة لأنها مُسيئة، غير ملائمة، أو لا صلة لها بالموضوع. وهناك عريضة تطلب من المحكمة مطالبة المدعي بأن يكون أكثر تحديداً في شكواه.
نوع رابع من العرائض التي تُقدم أحياناً كثيرة في القضايا المدنية هو عريضة الرد النهائي للدعوة (أو اسقاطها من الاعتبار). يمكن أن تؤكد هذه العريضة أن المحكمة تفتقر إلى السلطة القضائية، أو قد تُصّر على أن المدعي لم يقدم قاعدة سليمة قانونياً لدعواه ضد المدعى عليه حتى ولو كانت الادعاءات حقيقية.
- الرد. إذا ظلت الشكوى قائمة بعد إصدار القاضي حكمه بخصوص العرائض، يقدم المدعى عليه رداً على الشكوى. يمكن أن يحتوي الرد على إقرارات، ونكور، ودفوع، وشكاوى، ومطالب مضادة. عندما يكون هناك إقرار في الرد، لن تبقى حاجة لإثبات هذا الواقع خلال المحاكمة. غير أن الإنكار يأتي بواقع معين يجب إثباته خلال المحاكمة. هذا الدفاع يشير إلى أن بعض الوقائع الواردة في الرد ربما تمنع المدعي من الحصول على تعويضات.
بإمكان المدعى عليه أيضاً اقامة دعوى منفصلة تُعرف بالادعاء المقابل. فإذا فكر المدعَى عليه أن سبب الإدعاء ضد المدعي ينبع من نفس مجموعة الأحداث، يتوجب عليه عندئذ تقديم مطالبه إلى المحكمة رداً على إدعاء المدعّي. يستطيع المدعي تقديم جواب على رد المدعى عليه. في هذا الجواب، قد يُقرّ المدعي أو ينكر أو يدافع ضد مزاعم الوقائع الواردة في الإدعاء المقابل.
- الاكتشاف. ينص النظام القضائي الأميركي على إجراءات للاكتشاف؛ بمعنى أن كل فريق يكون مؤهلاً للحصول على المعلومات التي في حوزة الآخر. هناك عدة أدوات اكتشاف:
- الإفادة هي شهادة يدلي بها شاهد خارج المحكمة مشفوعة باليمين، وُيستخدم فيها أسلوب السؤال والجواب كما في قاعة المحكمة. يجب أن يُبلّغ جميع الفرقاء في القضية أن الشهادة سوف تؤخذ كي يتمكن وكلاؤهم من الحضور ومن استجواب الشهود.
- ورقة الاستجواب هي أسئلة تحريرية يجب الإجابة عليها بعد حلف اليمين. يمكن عرض ورقة الاستجواب فقط على الفرقاء في القضية وليس على الشهود، فهم معتادون على الحصول على أوصاف الأدلة التي يحملها الفرقاء المتقابلون في الدعوى.
- تقديم الوثائق التي قد يطالب بها أحد الفرقاء في الدعوى إذا أراد معاينة الوثائق، الكتابات، الرسوم، الرسوم البيانية، الجداول، الخرائط، الصور الفوتوغرافية، أو البنود الأخرى التي يملكها الفريق الآخر.
- إذا كانت هناك أسئلة حول الظروف البدنية أو العقلية لأحد الفرقاء، تستطيع المحكمة إصدار أمر بفحص هذا الشخص على يد أحد الأطباء.
- الاجتماع السابق للمحاكمة. قبل الذهاب إلى المحكمة، بإمكان القاضي أن يدعو إلى اجتماع يسبق المحاكمة لمناقشة مواضيع في القضية بصورة غير رسمية مع الوكلاء المتقابلين. درجت العادة أن يُسمح فقط للقاضي وللوكلاء بحضور الاجتماع الذي يعقد عادة في غرف القضاة.
في هذا الاجتماع، يحاول القاضي والوكلاء التوصل إلى اتفاق حول المسائل المتعلقة بالوقائع التي لا نزاع حولها، والتي تعرف بالبنود المتفق عليها (أو بنود الاشتراط). والغرض منها جعل المحاكمة الفعلية أكثر فعالية عن طريق خفض عدد المسائل التي سوف يجري الترافع بشأنها في المحكمة. يتبادل الوكلاء أيضاً بين بعضهم البعض قائمة بالشهود والوثائق التي تشكل جزء من كل قضية.
بإمكان المحامين والقضاة أيضاً استخدام الاجتماع السابق للمحاكمة لمحاولة تسوية القضية. يعمل بعض القضاة بنشاط لأجل التوصل إلى تسوية بحيث لا تعود هناك حاجة لإجراء محاكمة.
المحاكمة المدنية
إنتقاء هيئة المحلفين. حق الحصول على محاكمة على يد هيئة محلفين في الدعوى المدنية في محكمة فدرالية يضمنه التعديل السابع من الدستور الأميركي. كذلك تنص دساتير الولايات على هذا الحق. يمكن للمتقاضين التنازل عن حق المحاكمة أمام هيئة المحلفين، وفي هذه الحال يبت القاضي بالمسألة. صحيح أن هيئة المحلفين تتألف تقليدياً من 12 شخصاً، لكن هذا العدد يتفاوت اليوم. معظم محاكم المناطق الفدرالية تستخدم الآن عدداً من المحلفين أقل من 12 شخصاً في القضايا المدنية، وتسمح أغلبية الولايات أيضاً بهيئات أصغر في بعض أو جميع المحاكمات المدنية.
يجب انتقاء المحلفين، كما في المحاكمات الجنائية، بطريقة عشوائية من شريحة عَرضَية منصفة من المجتمع. يدعى عدد كبير من المحلفين إلى دار المحكمة للاختيار، وعندما تُعهد قضية إلى محكمة معينة للمحاكمة، يرسل فريق مُصغّر من المحلفين المحتملين إلى قاعة محكمة خاصة.
بعد استجواب "قول الحقيقة" (voir dire)، الذي يمكن أن يؤدي إلى اعتراضات على بعض المحلفين من قِبَل وكلاء المتقاضين، يتم تشكيل هيئة المحلفين في القضية الخاصة. بإمكان المحامين الاعتراض على محلف معيّن لسبب ما، وفي هذه الحالة، يكون على القاضي أن يُقرّر ما إذا كان الشخص المعترض عليه غير مُتحيّز. بإمكان كل جهة أيضاً ممارسة عدد من الاعتراضات القطعية، أي استبعاد مُحلف ما دون تقديم أي سبب. غير أن المحكمة العليا الأميركية حكمت بأن ضمانة الحماية لمتساوية الواردة في التعديل الرابع عشر للدستور تحظر استخدام مثل هذه الاعتراضات لتجريد المحلفين من الأهلية بسبب العُرق أو الجنس. الاعتراضات القطعية مُحدّدة بالقوانين أو قواعد المحكمة، ويتراوح عددها بين إثنين وستة.
- البيانات الافتتاحية. بعد اختيار هيئة المحلفين، يقدم الوكلاء بياناتهم الافتتاحية. يبدأ وكيل المدعي بشرح فحوى القضية أمام هيئة المحلفين وما الذي تتوقع جهة المدعي إثباته. بإمكان محامي الدفاع عادة أن يختار إما أن يقدم بياناً افتتاحياً مباشرة بعد انتهاء وكيل المدعّي، أو الانتظار حتى يكون قد تم عرض قضية المدعّي بالكامل. إذا انتظر وكيل الدفاع، يعني ذلك انه سوف يقدم قضيته بكاملها بصورة متواصلة، ابتداء من البيان الافتتاحي وما بعده. البيانات الافتتاحية قيّمة لأنها توجز القضية وتسهل على هيئة المحلفين فهم الأدلة عند عرضها.
- عرض قضية المدعي. في القضايا المدنية الاعتيادية، تكون جهة المدعّي هي البادئة في العرض وفي محاولة إثبات قضيتها أمام هيئة المحلفين، كما تكون الأخيرة في تقديم الحجج الختامية. في عرضة للقضية، سوف يدعو محامي المدعّي عادة الشهود للإدلاء بشهادتهم ويُبرز الوثائق أو المستندات الأخرى.
عندما يُدعى شاهد، يخضع لاستجواب مباشر من جانب وكيل المدعّي. عقب ذلك سيكون لوكيل الدفاع فرصة طرح الأسئلة أو استجواب الشاهد. اتخذت المحكمة العليا في ولاية آريزونا مؤخراً خطوات لمساعدة المحلفين في أداء وظيفتهم بصورة أفضل عند اتخاذ القرارات في القضايا المدنية. صوّتت المحكمة الأعلى في الولاية، من جملة أشياء الأخرى، على السماح للمحلفين بطرح أسئلة خطية على الشهود عبر القاضي. تدرس ولايات أخرى تطبيق ممارسة ولاية آريزونا الجديدة. بعد استجواب الشهود، بإمكان محامي المدعّي إجراء توجيه أسئلة إعادة استجواب جديدة، والذي يمكن أن يليه ايضاً إعادة استجواب ثان للشهود من جانب محامي الدفاع.
بوجه عام، يمكن أن يدلي الشهود بشهاداتهم فقط حول المسائل التي شاهدوها فعلاً؛ ولا يسمح لهم بالاعراب عن آرائهم. غير أن هناك استثناء هاما لهذه القاعدة العامة وهو أن الشهود الخبراء يتم استدعاؤهم على وجه التخصيص لتقديم آرائهم في أمور ضمن نطاق خبرتهم.
على المرء، للتأهل كشاهد خبير، أن يملك معارف أساسية حول حقل مُعيّن. أكثر من ذلك، يجب أن تكون هذه المعارف عادة مثبته في محكمة علنية. أحياناً كثيرة، يقدم الفريقان خبراء تكون آراؤهم متضاربة. عندما يحصل ذلك، على هيئة المحلفين أن تقرر في نهاية المطاف أيا من الآراء هي الصحيحة.
عندما تنتهي جهة المدّعي من عرض جميع أدلتها، يكتفي الوكيل بما قدم.
- طلب إصدار حكم مباشر. بعد انتهاء عرض قضية المدعّي، كثيرا ما يقدم الدفاع استدعاء لإصدار حكم مباشر. بتقديمه هذا الطلب يعني الدفاع، أن المدعّي لم يُثبت قضيته ويجب أن يخسرها. على القاضي عندئذ أن يقرر ما إذا كان المدعّي يمكنه ان يربح القضية عند هذه النقطة وما إذا كانت إجراءات المحاكمة ستتوقف عند ذلك. في حال قرر القاضي أن المدعّي لم يقدم أدلة مُقنعة كافية، فإنه سوف يؤيد الاستدعاء ويوجه الحكم لصالح المدعَّى عليه. وبهذا سيخسر المدعي القضية. إن الطلب بإصدار حكم مباشر شبيه بطلب رد الدعوى المقدمة خلال الاجتماع السابق للمحاكمة.
- عرض قضية المدعى عليه. إذا جرى رد لطلب إصدار حكم مباشر، عندئذ يقدم الدفاع أدلته. وتُقدم قضية المدعى عليه بنفس الطريقة التي قُدمت بها قضية المدعّي، أي يكون هناك استجواب مباشر للشهود، وعرض للوثائق والمستندات الأخرى. للمدعّي الحق في إعادة استجواب الشهود، وقد تتبع ذلك أسئلة إعادة توجيه لتركيز الأسئلة وإعادة الاستجواب مجدداً.
- نقض ادعاءات المدعى عليه. بعد عرض قضية المدعى عليه، بإمكان المدعّي تقديم أدلة مُفنّدة تهدف إلى نقض أو ردّ أدلة المدعى عليه.
- الرد على نقض المدعي. بإمكان محامي الدفاع تقديم أدلة لدحض الأدلة الواردة في النقض. نمط النقض والرد عليه هذا يمكن أن يستمر لحين استنفاذ الأدلة.
- الحجج الختامية. بعد أن تكون جميع الأدلة قد قُدمت، يقدم كل محامي عرض ختامي شامل، أو خلاصات لقضيتهم، إلى هيئة المحلفين. يتكلم وكيل المدعّي في بداية وفي ختام الخلاصات، أي أنه يفتتح الحجج ويختتمها. ويقوم محامي الدفاع بالتكلم في الإفتتاح والاختتام. في هذه المرحلة من الإجراءات ، يهاجم كل محامي أدلة الخصم على أساس انها غير موثوقة، وقد يحاول أيضاً أن يحط من قَدر شهادات شهود الخصم. من خلال ذلك، يحاول المحامون الجنوح إلى البلاغة أو يوجهون نداءات عاطفية إلى هيئة المُحلفين. غير أنه يجب أن تستند الحجج إلى وقائع تدعمها الأدلة وأن تكون قد عُرضت أثناء المحاكمة.
- التعليمات إلى هيئة المُحلفين. على افتراض أن انه لم يتم التنازل عن المحاكمة على يد هيئة مُحلفين، فتصدر تعليمات إلى هيئة المُحلفين عقب الانتهاء من الحجج الختامية. يُعلم القاضي المُحلفين أن عليهم الاستناد في قرارهم إلى الأدلة المعروضة في المحاكمة. وتبيّن تعليمات القاضي للمُحلفين أيضاً قواعد، ومبادئ، ومعايير المفهوم القانوني المتعلق بالقضية المرفوعة أمامهم. في القضايا المدنية، تقوم النتيجة التي توصل إليها المدعّي على مبدأ "رجحان الأدلة". هذا يعني أن على المُحلفين وزن الأدلة المعروضة خلال المحاكمة وأن يقرروا في أذهانهم أن الوزن الأكبر للأدلة، من حيث الجدارة والاعتبار، يميل لصالح المدعّي.
- الحكم. تنسحب هيئة المُحلفين للانعزال في حجرة هيئة المُحلفين لإجراء مداولاتها. يجب أن يصل الأعضاء إلى قرار دون أي اتصال خارجي. في بعض الحالات، تكون المداولات طويلة ومُفصلّة لدرجة تدعو إلى تزويد المُحلفين بوجبات الطعام وأسباب المنامة لحين تمكنهم من التوصل إلى قرار. يمثل القرار، عندئذ، اتفاق المحلفين بعد مناقشات مُفصّلة وتحليلات للأدلة. أحياناً، تتداول هيئة المُحلفين بكل نية حسنة ولكنها لا تتمكن من التوصل إلى قرار. عندما يحدث ذلك، على القاضي أن يعلن أن المحاكمة فاشلة. هذا يعني أنه ربما ستكون هناك حاجة إلى محاكمة جديدة.
بعد التوصل إلى قرار، تعود هيئة المُحلفين إلى قاعة المحكمة العلنية حيث تسلم حكمها إلى القاضي. يُبلغ الحكم إلى الفرقاء. بعد ذلك، درجت العادة على استقصاء رأي أعضاء هيئة المُحلفين، بحيث يسأل القاضي المُحلفين إفرادياً عما إذا كانوا يوافقون على القرار.
- استدعاءات ما بعد المحاكمة. عندما يتم التوصل إلى حكم، بإمكان الفريق الخاسر أتباع تشكيلة متعددة من أساليب التصرف (التكتيك). بإمكان الفريق الخاسر تقديم عريضة تطالب بإصدار حكم جديد على الرغم من صدور الحكم. يمنح هذا النوع من العرائض عندما يقرر القاضي أن العقلاء من الناس لا يمكن أن يكونوا قد أصدروا القرار الذي توصلت إليه هيئة المُحلفين.
بإمكان الفريق الخاسر أيضاً تقديم عريضة تطالب بمحاكمة جديدة. القاعدة الاعتيادية لهذا الطلب هو أن القرار يعاكس ميزان الأدلة. قد يقبل القاضي هذا الطلب على هذا الأساس إذا وافق على أن الأدلة المعروضة لا تدعم ببساطة القرار الذي توصّلت إليه هيئة المُحلفين. يمكن منح اجراء محاكمة جديدة أيضاً لعدد من الأسباب الأخرى: التعويضات الباهظة، التعويضات غير الكافية بدرجة فادحة، اكتشاف أدلة جديدة، وأخطاء في تقديم الأدلة، ان لم نذكر سوى القليل منها.
في بعض القضايا، يقدم الفريق الخاسر أيضاً استدعاء لتخفيف الحكم. يمكن أن يقبل القاضي هذا النوع من الاستدعاء إذا وجد خطأً من جانب كاتب المحكمة في الحكم، أو إذا اكتشف أدلة جديدة، أو قرر أن الحكم كان مشوباً بالتزوير.
- الحكم والتنفيذ. الحكم لصالح المدعى عليه يضع حداً للمحاكمة لكن الحكم لصالح المدعي يتطلب مرحلة أخرى في العملية. ليس هناك من حكم في القضية المدنية، بل يجب أن يكون هناك تحديد للعلاج، أو تعويضات بحاجة إلى التقييم. هذا التحديد يسمى الحكم.
في الحالات التي يصدر فيها الحكم بوجوب دفع تعويضات مالية، ولا يدفع فيها المدعى عليه طوعياً المبلغ المُحدد، بإمكان المدعي مطالبة كاتب المحكمة بإصدار أمر بتنفيذ الحكم. يُرسل أمر التنفيذ إلى مأمور التنفيذ لدى المحكمة ويأمره بحجز أملاك المدعى عليه وبيعها بالمزاد العلني لدفع التعويض المالي. البديل هو الأمر بالحجز الذي هو الحق القانوني بوضع اليد على ملك يمكن استخدامه لدفع ما قرره الحكم.
- الاستئناف. إذا شعر فريق أن خطأً قانونياً قد حصل خلال المحاكمة، وإذا رفض القاضي منح استدعاء ما بعد المحاكمة لأجل محاكمة جديدة، بإمكان الفريق الخاسر الاستئناف لدى محكمة أعلى. ربما كانت أكثر الأسباب شيوعاً للاستئناف الزعم بأن القاضي قد قَبِل أدلة كان يجب استبعادها، أو رفض قبول أدلة كان يجب قبولها، أو قصّر في إعطاء هيئة المُحلفين التعليمات المناسبة.
يضع الوكيل أسس الاستئناف عن طريق الاعتراض على الأخطاء التي يدعيها خلال المحاكمة. يذهب هذا الاعتراض إلى سجل المحاكمة ويصبح جزءاً من سجل المحاكمة التي يمكن مراجعتها من قِبَل محكمة استئناف. قرار محكمة الاستئناف يمكن أن يدعو المحكمة الدنيا إلى فرض قرارها الأول أو إلى إجراء محاكمة جديدة.