في الحاجة إلى شهرزاد الوقت الحالي.. فالكل يحكي
أما أن شهرزاد أنطقت الصمّ من الحجر،
وأسقطت الدمع من مآقي البشر،
وزرعت روح المغامرة والصمود والمقاومة
في كائنات الجو والبحر والبرّ،
فهذا ما شهد به لسان القرون منذ أن ثبت لشهرزاد وجود..
فذاك اللسان الحاكي الصدّاح قد شدا،
شعراً ونثراً،
بما آلَف بين عوالم الثقلين والملائكة،
وقارب بين الأرض وما أحاط بها من أفلاك،
وما تخلل أقطارها من سبل داجية حالكة،
وأخرى نيّرة سالكة،
فكلٌّ يشهد به: البعيدون قبل الأقرباء،
ويتناجى به المتناوئون والمتصافون،
سواء بسواء..
فالفضل كل الفضل في مدّ قناطر التواصل بين الخاص والعام،
والصغير والكبير،
والحاكم والمحكوم،
هو ميزة الحكي،
ولا ميزة أخرى غيرها..
فإذا كان التقارب يحصل بكل هذا القدر من اليسر،
فلم لا يُلجأ الآن إلى نفس السر،
فهل من العسر استعمال نفس العقار:
الحكي، ثم الحكي، ثم الحكي..
فالكل، الكل، له أن يحكي،
وللآذان أن تصغي،
وللقلوب أن تعي،
وللألسن أن تصدع بما تجيش به الصدور جميعها
من توق لإخاء،
ورغبة في العيش الهنيء،
والتعاضد والتساند‘ والتكافل الدائم،
ومعانقة حياة يعمّها
السلم
والصفاء
والهناء..
*
فما ترى أخوّتك،
في هذه الدعوة المحمومة،
إلى الحكي السديد،
بدون توقف ولا وجه كتمان؟