الرصاص ملوث بيئي خطير
الرصاص عنصر كيميائي له الرمز Pb والعدد الذري 82 في الجدول الدوري. ويعد أحدالفلزات الثقيلة السامة، عرف منذ القدم لسهولة الحصول عليه من فلزاته، وكان هو أحد الفلزات بالإضافة إلى الزرنيخ والأنتيمون والتي جرى تجريبها في العصر البرونزي الأول من أجل تحضير البرونز، إلى حين استعمال القصدير.
وقد عثر على تماثيل وأدوات مصنوعة منه في قبور المصريين القدماء. كما عثر عليه في آثار تعود إلى الحضارة الإيجية (1400-1100ق.م) في جنوب اليونان، كما استعمل عند كثير من الحضارات القديمة في صناعة أنابيب نقل المياه وفي صناعة الفخار.
ويوجد الرصاص في الطبيعة كمركب كبريتيد الرصاص PbS، يعد الرصاص من أقدم الفلزات المكتشفة والمستخدمة عبر التاريخ وذلك نظرا لكونه مطاوعا سهل السبك ودرجة انصهاره منخفضة. كما أنه يتفاعل مع الكثير من الحوامض والقواعد مكوناً أملاحاً بعضها قابل للذوبان في الماء. وسواء كانت أملاحه قابلة للذوبان أم لا، فإن مركباته جميعها شديدة السمية، ولذلك يجب الحذر من التعامل مع الرصاص ومركباته.
إستخدامات الرصاص
يستخدم الرصاص أساسًا في مجال صناعة بطاريات التخزين (المراكم) الحمضية الرصاصية. وتحتوي هذه البطاريات على الرصاص النقّي ومركبات الرصاص، وهناك أجزاء معينة منها تكون مصنوعة من سبيكة الأنتيمون-الرصاص. وتوفر هذه البطاريات القدرة اللازمة لتحريك الأنظمة الكهربائية في الطائرات والسيارات وفي كثير من وسائل النقل الأخرى.
ويُستخدم الرصاص أيضًا في إنتاج رابع إثيل الرصاص، وهي مادة تضاف إلى البنزين لتحسين أداء محركات سيارات معينة. لكن احتراق رابع إثيل الرصاص في المحركات تنتج عنه مواد كيميائية تسهم بدورها في تلويث الهواء. وهناك كثيرٌ من الأقطار الصناعية استخدمت البترول الخالي من الرصاص.
تتميز كثيرٌ من مركبات الرصاص بأهمية في صناعة بعض الدهانات والأصباغ. من ذلك مثلاً، دهانات مركبات الرصاص التي يطلق عليها اسم الرصاص الأحمر والرصاص الأبيض. وهي تستخدم في طلاء القناطر والجسور والأبنية الحديدية الأخرى وذلك بهدف منع التآكل.
ويَستخدِم أصحاب المصانع أيضًا مركبات الرصاص في المواد المتفجرة والمبيدات الحشرية، وفي صناعة الخزف والزجاج ، وفي المنتجات المطاطية.
ولسبائك الرصاص استعمالاتٌ متعددة. فأغطية الكبلات المصنوعة من الرصاص تحمي كلاً من الهواتف وخطوط القدرة الكهربائية من الرطوية والتآكل. ويستخدم أصحاب مصانع السيارات والأدوات الإلكترونية سبيكة قصدير ـ رصاص ويطلق عليها سبيكة لحام لربط أو وصل السطوح الفلزية.
كما يستخدم منتجو الآلات والمعدات الثقيلة سبيكة الرصاص المسماة معدن بابيت أو المعدن الأبيض، وذلك للحصول على محامل. والمقصود بالمحامل الأجزاء الآلية التي تقلل من احتكاك الأجزاء المتحركة للمعدات الثقيلة مع بعضها بعض. والواقع أن خاصية المقاومة القوية للرصاص ضد التآكل تجعله يتمتع بأهمية خاصة في مجال الصناعة الكيميائية . فالأنابيب وصهاريج التخزين، والمعدات الأخرى المصنوعة من سبائك الرصاص تستخدم لشحن مواد كيميائية معينة وتخزينها وحفظها.
ومن ناحية أخرى، فإن الكثافة العالية للرصاص تجعله حجابًا واقيًا جيدًا ضد الإشعاع. لذا فإن صفائح سبائك الرصاص تستخدم في تبطين جدران حجرات الأشعة السينية في المستشفيات، والمفاعلات النووية، وتلك الوسائل الأخرى التي توجد بها المواد ذات الفاعلية الإشعاعية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن النفايات الإشعاعية توضع في حافظات مصنوعة من الرصاص لشحنها وللتخلص منها.
أخطار الرصاص
يتعرض الإنسان للتسمم بالرصاص نتيجة استنشاق أبخرته وغباره أثناء عملية صهر الرصاص أو في صناعة المبيدات الحشرية، أو صناعة الفخار وصناعة المدّخرات، أو بملامسة البنزين الحاوي على مضافات رصاصية. واستنشاق أبخرته أخطر أنواع التعرض للرصاص، كما تدخل كميات صغيرة منه إلى جسم الإنسان عندما توجد آثار صغيرة منه في المواد الغذائية.
ويمتص الجسم الرصاص ببطء عن طريق الأمعاء الغليظة والأمعاء الدقيقة، إلا أن عملية طرحه خارج الجسم أبطأ، وتتوزع مركبات الرصاص العضوية في الجسم وتستقر في الأغشية اللينة خاصة في الكبد والكليتين، وبمرور الزمن ينتقل منها ويتوضع في العظام والأسنان والمخ.
وتكون خطورة التسمم بالرصاص شديدة حينما يتعرض المرء للرصاص على مدى فترة زمنية طويلة . يؤثر الرصاص في إنتاج خلايا الدم الحمراء وقد يؤدي إلى تلف في الدماغ، والكلى، أو في الأعضاء الأخرى من الجسم. كما يعاني أغلب ضحايا التسمم الرصاصيّ من التعب والإجهاد والصداع أو من تشنجات عضلية في المعدة، أو من أعراض أخرى. وربما يكون التعرض المفرط للرصاص مهلكًا وقاتلاً، لكن مثل هذه الحالات يندر وجودها.
ومن المصادر الرئيسية للتلوث بمادة الرصاص، الغازات المنطلقة من عوادم السيارات التي يُستَخْدَم فيها البترول المعالج بالرصاص، وكذلك الغبار والأبخرة المنطلقة من المعامل الكيميائية التي يتم فيها استخدام الرصاص. والكثير من الأطفال الذين يتناولون شقفا من الطلاء الجاف المحتوي على رصاص يتعرضون للتسمم الرصاصي. والواقع أن مثل هذا الطلاء يوجد في كثير من المباني القديمة. كما أن أنابيب المياه المصنوعة من الرصاص الموجودة في المباني القديمة قد تسبب التسمم. وفي الوقت الحاضر، فرضت الكثير من حكومات الدول شروطًا للحدّ من كميات الرصاص في الطلاء والبترول، وكذلك الحدّ من كمية الرصاص المنطلق في الهواء.